عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : (( ثلاث منجيات : خشية الله تعالى في السِّر والعلانية والعدل في الرِّضا والغضب والقصد في الفقر والغنى...)).
من معاني ودلالات الحديث :
دلَّ الحديث النبوي على ثلاث منجيات تبعد صاحبها عن الخسران والهلاك وتقرِّبه من الله سبحانه وتعالى، وهي :
الأولى : (خشية الله تعالى في السر و العلانية) :
قدَّم السر لأن تقوى الله فيه أعلى درجة من العلن لما يخاف من شوب رؤية الناس وهذه درجة المراقبة وخشيته فيهما تمنع من ارتكاب كل منهي وتحثه على فعل كل مأمور فإن حصل للعبد غفلة عن ملاحظة خوفه وتقواه فارتكب مخالفة مولاه لجأ إلى التوبة ثم داوم الخشية .
الثانية 🙁 العدل في الرضا و الغضب) :
كان من دعائه صلَّى الله عليه وسلَّم : ((أسألك كلمة الحق في الغضب والرضا وهذا عزيز جدا وهو أن الإنسان لا يقول سوى الحق سواء غضب أو رضي، فإن أكثر الناس إذا غضب لا يتوقف فيما يقول)). أفاده ابن رجب في (جامع العلوم والحكم).
ولما كان أكثر الناس إنما يتكلم بالحق في رضاه، فإذا غضب أخرجه غضبه إلى الباطل، وقد يدخله أيضا رضاه في الباطل، سأل الله عز وجل أن يوفقه لكلمة الحق في الغضب والرِّضا.
ولهذا قال بعض السلف : (لا تكن ممن إذا رضي أدخله رضاه في الباطل وإذا غضب أخرجه غضبه من الحق).
والعادل من لا يميل في الهوى فيجور في الحكم.
الثالثة : (القصد في الفقر و الغنى) :
لما كان الفقر والغنى بليتين ومحنتين يبتلي الله بهما عبده، ففي الغنى يبسط يده وفي الفقر يقبضها، سأل الله عز وجل القصد في الحالتين، وهو التوسط الذي ليس معه إسراف ولا تقتير.
ولما كانت خشية الله عزَّ وجل رأس كل خير في المشهد والمغيب سأله خشيته في الغيب والشهادة.