إذا كان سبب الطعن في الراوي هو الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحديثه يسمَّى الموضوع .
تعريفه :
ـ لغة : هو اسم مفعول من وضع الشيء أي حطه سمى بذلك لانحطاط رتبته .
ـ اصطلاحاً : هو الكذب المختلق المصنوع المنسوب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
رتبته : هو شر الأحاديث الضعيفة وأقبحها . وبعض العلماء يعتبره قسما مستقلا وليس نوعا من أنواع الأحاديث الضعيفة .
حكم روايته : أجمع العلماء على أنه لا تحل روايته لأحد علم حاله في أي معنى كان إلا مع بيان وضعه ، لحديث مسلم : (( من حدَّث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين )).
كيف يعرف الحديث الموضوع ؟ يعرف بأمور منها :
ـ إقرار الواضع بالوضع : كإقرار أبى عصمة نوح بن أبى مريم بأنه وضع حديث فضائل سور القرآن سورة سورة عن ابن عباس .
ـ أو ما يتنزل منزلة أقراره : بأن يحدث عن شيخ فيسأل عن مولده فيذكر تاريخا تكون وفاة ذلك الشيخ قبل مولده هو ، ولا يعرف ذلك الحديث إلا عنده .
ـ أو قرينة في الراوي : مثل أن يكون الراوي رافضياً ، والحديث في فضائل أهل البيت .
ـ أو قرينة في المروى : مثل كون الحديث ركيك اللفظ ، أو مخالفا للحس أو صريح القرآن .
ـ دواعي الوضع وأصناف الوضّاعين :
أـ التقرب إلى الله تعالى : بوضع أحاديث ترغب الناس في الخيرات ، وأحاديث تخوفهم من فعل المنكرات ، وهؤلاء الوضّاعون قوم ينتسبون إلى الزهد والصلاح ، وهم شر الوضاعين لأنَّ الناس قبلت موضوعاتهم ثقة بهم . ومن هؤلاء ميسرة بن عبد ربه ، فقد روى ابن حبان في الضعفاء عن ابن مهدي قال : قلت لميسرة بن عبد ربه : من أين جئت بهذه الأحاديث ، من قرأ كذا فله كذا ؟ قال: وضعتها أرغب الناس ـ تدريب الراوي 1 /283
ب ـ الانتصار للمذهب : لا سيّما مذاهب الفرق السياسية بعد ظهور الفتنة وظهور الفرق السياسية كالخوارج والشيعة ،فقد وضعت كل فرقة من الأحاديث ما يؤيد مذهبها ، كحديث:( على خير البشر ، من شك فيه كفر )
ج ـ الطعن في الإسلام : وهؤلاء قوم من الزنادقة لم يستطيعوا أن يكيدوا للإسلام جهارا ، فعمدوا إلى هذا الطريق الخبيث ، فوضعوا جملة من الأحاديث بقصد تشويه الإسلام والطعن فيه . ومن هؤلاء محمد بن سعيد الشامي المصلوب في الزندقة ، فقد روى عن حميد عن أنس مرفوعا : ( أنا خاتم النبيين لا نبي بعدى إلا أن يشاء الله ) .
د ـ التزلف إلى الأحكام : أي تقرب بعض ضعفاء الإيمان إلى بعض الحكام بوضع أحاديث تناسب ما عليه الحكام من الانحراف ، مثل قصة غياث بن إبراهيم النخعي الكوفي مع أمير المؤمنين المهدى حين دخل عليه وهو يلعب بالحمام . فساق بسنده على التوالي النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر أو جناح ) فزاد كلمة أو جناح لأجل المهدي ، فعرف المهدي ذلك ، فأمر بذبح الحمام ، وقال : أنا حملته على ذلك .
هـ ـ التكسب وطلب الرزق : كبعض القصاص الذين يتكسبون بالتحدث إلى الناس ، فيوردون بعض القصص المسلية والعجيبة حتى يستمع إليهم الناس ويعطوهم ، كأبي سعيد المدائني .
و ـ قصد الشهرة : وذلك بإيراد الأحاديث الغريبة التي لا توجد عند أحد من شيوخ الحديث ، فيقلبون سند الحديث ليستغرب ، فيرغب في سماعه منهم ، كابن أبى دحية وحماد النصيبى .
ـ أشهر المصنفات فيه :
ا ـ كتاب الموضوعات لابن الجوزي ، وهو من أقدم ما صنّف في هذا الفن ، لكنه متساهل في الحكم على الحديث بالوضع ، لذا انتقده العلماء وتعقبوه
ب ـ اللآليء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة : للسيوطي ، هو اختصار لكتاب ابن الجوزي وتعقيب عليه ، وزيادات لم يذكرها ابن الجوزي .
ج ـ تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة : لابن عراق الكناني ، وهو كتاب تلخيص لسابقيه ، وهو كتاب حافل مهذب مفيد .