أسماء الله الحسنى في القرآن الكريم

الرئيسية » بصائر التوحيد » أسماء الله الحسنى في القرآن الكريم
alt

•    وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180) سورة الأعراف.
قوله تعالى : { ولله الأسماء الحسنى } سبب نزولها : أن رجلاً دعا الله في صلاته ، ودعا الرحمنَ ، فقال أبو جهل : أليس يزعم محمد وأصحابه أنهم يعبدون رباً واحداً ، فما بال هذا يدعو اثنين؟ فأنزل الله هذه الآية ، قاله مقاتل : فأما الحسنى ، فهي تأنيث الأحسن . ومعنى الآية أن أسماء الله حسنى ، وليس المراد أن فيها ما ليس بحسن . وذكر الماوردي أن المراد بذلك ما مالت إليه النفوس من ذكره بالعفو والرحمة دون السخط والنقمة . وقوله : { فادعوه بها } أي : نادوه بها ، كقولك : يا الله يا رحمن .

 

قوله تعالى : { وذروا الذين يُلْحِدُون في أسمائه } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وعاصم ، وابن عامر : { يُلحِدُون } بضم الياء ، وكذلك في [ النحل : 103 ] و [ السجدة ] [ فصلت : 40 ] . وقرأ حمزة : «يَلحَدون» بفتح الحاء والياء فيهن ، ووافقه الكسائي ، وخلف في [ النحل : 103 ] . قال الاخفش : أَلْحَد ولَحَدَ : لغتان ، فمن قرأ بهما أراد الأخذ باللغتين ، فكأن الإلحاد : العدول عن الاستقامة ، وقال ابن قتيبة : يجورون عن الحق ويعدلون؛ [ فيقولون اللات والعزى ومناة وأشباه ذلك ] ومنه لَحْدُ القبر ، لأنه في جانب . قال الزجاج : ولا ينبغي لأحد أن يدعوه بما لم يسمِّ به نفسه ، فيقول : يا جواد ، ولا يقول : يا سخي ، ويقول : يا قوي ، ولا يقول : يا جلْد ، ويقول : يا رحيم ، ولا يقول : يا رفيق ، لأنه لم يصف نفسه بذلك . قال أبو سليمان الخطابي : ودليل هذه الآية أن الغلط في أسمائه والزيغ عنها إلحادٌ ، ومما يُسمع على ألسنة العامة قولهم : يا سبحانُ ، يا برهانُ ، وهذا مهجور مستهجن لا قدوة فيه ، وربما قال بعضهم : يا رب طه ويس . وقد أنكر ابن عباس على رجل قال : يا رب القرآن . وروي عن ابن عباس أن إلحادهم في أسمائه أنهم سمَّوا بها أوثانهم ، وزادوا فيها ونقصوا منها ، فاشتقوا اللات من الله ، والعزَّى من العزيز ، ومناة من المنَّان .

 

والجمهور على أن هذه الآية محكمة ، لأنها خارجة مخرج التهديد ، كقوله : { ذرني ومن خلقت وحيداً } [ المدثر : 11 ] ، وقد ذهب بعضهم إلى أنها منسوخة بآية القتال ، لأن قوله : { وذروا الذين يلحدون في أسمائه } يقتضي الإِعراض عن الكفار ، وهذا قول ابن زيد. من كتاب (زاد المسير في علم التفسير) للإمام ابن الجوزي.

•    قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (110) سورة الإسراء . وقوله عز وجل { قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ } قال ابن عباس: سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ذات ليلة فجعل يبكي ويقول في سجوده: يا الله يا رحمن فقال أبو جهل: إن محمدا ينهانا عن آلهتنا وهو يدعو إلهين! فأنزل الله تعالى هذه الآية (3) . ومعناه: أنهما اسمان لواحد.

{ أَيًّا مَا تَدْعُوا } "ما" صلة معناه: أيا ما تدعوا من هذين الاسمين ومن جميع أسمائه { فَلَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى }
{ وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا } أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنبأنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل أخبرنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا هشيم حدثنا أبو بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى: { وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا } قال: نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم مختف بمكة كان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن فإذا سمعه المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به فقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: { وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ } أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن ولا تخافت بها عن أصحابك فلا تسمعهم: { وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا } (1) .

 

وبهذا الإسناد عن محمد بن إسماعيل قال: حدثنا مسدد عن هشيم عن أبي بشر بإسناده مثله وزاد { وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا } أسمعهم ولا تجهر حتى يأخذوا عنك القرآن  .
وقال قوم: الآية في الدعاء وهو قول عائشة رضي الله عنها والنخعي ومجاهد ومكحول: أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا طلق بن غنام حدثنا زائدة عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها في قوله: "ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها" قالت: أنزل ذلك في الدعاء  .
وقال عبد الله بن شداد: كان أعراب من بني تميم إذا سلم النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: "اللهم ارزقنا مالا وولدا فيجهرون بذلك فأنزل الله هذه الآية: { وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ }  أي: لا ترفع صوتك بقراءتك أو بدعائك ولا تخافت بها  .
والمخافتة: خفض الصوت والسكوت "وابتغ بين ذلك سبيلا" أي: بين الجهر والإخفاء.
أخبرنا أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الضبي أخبرنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الخزاعي أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي حدثنا أبو عيسى الترمذي حدثنا محمود بن غيلان حدثنا يحيى بن إسحاق حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الله بن أبي رباح الأنصاري عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر: "مررت بك وأنت تقرأ وأنت تخفض من صوتك فقال: إني أسمعت من ناجيت فقال: ارفع قليلا وقال لعمر: مررت بك وأنت تقرأ وأنت ترفع صوتك فقال إني  أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان فقال اخفض قليلا" . من كتاب: (معالم التنزيل) للإمام البغوي.

•    اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (8) سورة طه.
ذكر أن الموصوف بالعبادة على الوجه المذكور هو الله سبحانه المنزه عن الشريك المستحق لتسميته بالأسماء الحسنى فقال : { الله لا إله إِلاَّ هُوَ لَهُ الأسماء الحسنى } فالله خبر مبتدأ محذوف ، أي الموصوف بهذه الصفات الكمالية الله ، وجملة . { لا إله إلا هو } مستأنفة لبيان اختصاص الإلهية به سبحانه ، أي لا إله في الوجود إلا هو ، وهكذا جملة : { له الأسماء الحسنى } مبينة لاستحقاقه تعالى للأسماء الحسنى ، وهي التسعة والتسعون التي ورد بها الحديث الصحيح . وقد تقدم بيانها في قوله سبحانه : { وَللَّهِ الأسماء الحسنى } [ الأعراف : 180 ] . من سورة الأعراف والحسنى تأنيث الأحسن ، والأسماء مبتدأ وخبرها الحسنى . ويجوز أن يكون الله مبتدأ وخبره الجملة التي بعده ، ويجوز أن يكون بدلاً من الضمير في يعلم.
وقال في آية الأعراف : ذه الآية مشتملة على الإخبار من الله سبحانه بماله من الأسماء ، على الجملة دون التفصيل ، والحسنى تأنيث الأحسن ، أي التي هي أحسن الأسماء لدلالتها على أحسن مسمى وأشرف مدلول ، ثم أمرهم بأن يدعوه بها عند الحاجة ، فإنه إذا دعي بأحسن أسمائه كان ذلك من أسباب الإجابة ، وقد ثبت في الصحيح : " إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة " وسيأتي ، ويأتى أيضاً بيان عددها ، آخر البحث إن شاء الله .
من كتاب فتح القدير للإمام الشوكاني

 

•    هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24) سورة الحشر.

 

لما قال تعالى : { من خشية الله } [ الحشر : 21 ] جاء بالأوصاف التي توجب لمخلوقاته هذه الخشية ، و { الغيب } ما غاب عن المخلوقين ، و { الشهادة } ما شاهدوه . وقال حرب المكي { الغيب } : الآخرة { والشهادة } : الدنيا . وقرأ جمهور الناس : « القُدوس » بضم القاف ، وهو فعول من تقدس إذا تطهر ، وحظيرة القدس الجنة ، لأنها طاهرة ، ومنه روح القدس ، ومنه الأرض المقدسة بيت المقدس ، وروي عن أبي ذر أنه قرأ : « القَدوس » بفتح القاف وهي لغة ، و { السلام } معناه : الذي سلم من جوره ، وهذا اسم على حذف مضاف أي ذو { السلام } ، لأن الإيمان به وتوحيده وأفعاله هي لمن آمن سلام كلها ، و { المؤمن } اسم فاعل من آمن بمعنى أمن . قال أحمد بن يحيى ثعلب معناه : المصدق للمؤمنين في أنهم آمنوا . قال النحاس : أو في شهادتهم على الناس في القيامة . وقال ناس من المتأولين معناه : المصدق نفسه في أقواله الأزلية : لا إله غيره و { المهيمن } معناه : الأمين والحفيظ . قاله ابن عباس وقال مؤرج : { المهيمن } : الشاهد بلغة قريش ، وهذا بناء لم يجئ منه في الصفات إلا مهيمن ومسيطر ومبيقر ومبيطر ، جاء منه في الأسماء مجيمر : وهو اسم واد ومديبر . و : { العزيز } الذي لا يغلب والقاهر الذي لا يقهر يقال عزيز إذا غلب برفع العين في المستقبل . قال الله تعالى : { وعزني في الخطاب } [ ص : 23 ] أي غلبني ، وفي المثل من عز بزّ أي من غلب سلب ، و { الجبار } هو الذي لا يدانيه شيء ولا يلحق رتبه ، ومنه نخلة جبارة إذا لم تلحق وأنشد الزهراوي : [ الطويل ]

أطافت به جيلان عند قطاعه ... وردت إليه الماء حتى تجبرا
و { المتكبر } معناه الذي له التكبر حقاً ، ثم نزه الله تعالى نفسه عن إشراك الكفار به الأصنام التي ليس لها شيء من هذه الصفات ، و : { البارئ } بمعنى { الخالق } ، برأ الله الخلق أي أوجدهم ، و : { المصور } هو الذي يوجد الصور ، وقرأ علي بن أبي طالب : « المصوَّرَ » بنصب الواو والراء على إعمال { البارئ } به ، وهي حسنة يراد بها الجنس في الصور ، وقال قوم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه إنه قرأ : « المصوَّرِ » بفتح الواو وكسر الراء على قولهم الحسن الوجه وقوله تعالى : { له الأسماء الحسنى } أي ذات الحسن في معانيها القائمة بذاته لا إله إلا هو ، وهذه الأسماء هي التي حصرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : « إن لله تعالى تسعة وتسعين اسماً ، مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة » ، وقد ذكرها الترمذي وغيره مسندة ، واختلف في بعضها ولم يصح فيها شيء إلا إحصاؤها دون تعين ، وباقي الآية بين .
من كتاب: ( المحرَّر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز). لابن عطية الأندلسي.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

alt

نِعْمَ العبدُ .. إنَّه أوَّاب

قال الرَّاغب في مفردات ألفاظ القرآن : (الأوبُ ضربٌ من الرُّجوع، وذلك أنَّ الأوب لا …