توحيد الأسماء والصفات

الرئيسية » بصائر التوحيد » توحيد الأسماء والصفات
art-img_asmaa-allah

إنَّ الإسلامَ عقيدةٌ تنبثق منها شريعة، وتلك الشريعة تنظم شؤون الحياة، ولا يقبل اللَّه من قومٍ شريعتهم حتى تصحّ عقيدتهم .

فالتوحيد ليس أمراً ثانويّاً حتى نؤجله أو نؤخره ، بل هو الأساس الَّذِي يقوم عليه الدِّين كلُّه ،

 

ومن أجل ذلك ظلَّ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلّم يربِّي أصحابَه رضوان الله عليهم على التَّوحيد ثلاث عشرة سنة في مكَّة  المكرَّمة.

 

وظلَّ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم يربِّي أصحابه على التَّوحيد رضوان الله عليهم حتى آخر لحظة في حياته ؛ لأنَّ قضية التَّوحيد هي التي من أجلها خلق الله السَّماوات والأرض، وأرسل الرسل، وأنزل الكتب، وخلق الجنَّة والنَّار .

 

من أهمّ أسس التوحيد؛  وأعظم وأجل وأشرف أبوابه توحيدُ الأسماء والصفات، وقد عرِّف بأنَّه :
(( إفراد اللَّه تبارك وتعالى بأسمائه وصفاته بحيث يؤمن العبد بما أثبت اللَّه لنفسه في كتابه أو أثبته له رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم من الأسماء والصِّفات على الوجه الذي أراد اللَّه ورسوله صلَّى الله عليه وسلَّم وعلى الوجه اللائق به من غير إثبات مثيل له )).

 

وقيل كذلك :
(( هو إفراد الله جلّ جلاله بأسماء الجلال وصفات الكمال ، والإيمان بها كما جاءت في القرآن والسنة من غير تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل، لأنه جل وعلا ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، ثُمَّ التعبُّد بها وبمقتضياتها للملك القدير)) .
وتكمن أهمية هذا المبحث، في أنه يتعلَّق بذات الله جلَّ وعلا، ومعرفة أسمائه الحسنى وصفاته العلا معرفةً صحيحةً صادقةً تدحضُ الشِّرك والتَّعطيل والتَّشبيه والتَّمثيل والإلحادَ والتأويلَ امتثالاً عملياً لقول  الله تعالى :
{ ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون }.  ]الأعراف:180[.

وسنسعى من خلال هذه المواضيع  التركيز على ما أثبته القرآن الكريم في هذا المبحث، حيث أكَّد على ثلاثة أسس هي :

الأوَّل : تنزيه اللَّه جل وعلا أن يُشبه شيء من صفاته شيئًا من صفات المخلوقين ، وهذا الأصلُ يدل عليه قوله تعالى : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } [ الشورى : 11 ] ، { لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ } [ الإخلاص : 4 ] ، { فَلاَ تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ } [ النمل : 74 ] .

 

الثَّاني: هو الإيمان بما وصف اللَّه به نفسه ؛ لأنه لا يصف اللَّه أعلمُ باللَّه من اللَّه : { أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ } [ البقرة : 140 ] .
والإيمان بما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم لأنَّه لا يصف اللَّه بعد اللَّه أعلم باللَّه من رسول الله الذي قال اللَّه في حقه : { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى } [ النجم : 3 - 4 ] .

 

الثَّالث: قطع الطمع عن إدراك كيفية ذات اللَّه عز وجل : { وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا } [ طه : 110 ] .
ومن خلال هذه الأسس التي ركَّز عليها القرآن الكريم، وبعيداً عن الخلافات والخوض في دقائق التفاصيل، ننطلق في رحاب تلك الواحة الغنَّاء التي حوت من الأزهار أجملها ، ومن الرَّياحين أطيبها ، ومن المياه أعذَبَها ، لنتعرَّف أسماء الله الحسنى وصفاته العليا، فنعيش بقلوبنا وعقولنا أسرارها ومعانيها، لنحقِّق الهدف في تزكية الرُّوح وتربية النفس، وعبادة الله على بصيرة.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

alt

نِعْمَ العبدُ .. إنَّه أوَّاب

قال الرَّاغب في مفردات ألفاظ القرآن : (الأوبُ ضربٌ من الرُّجوع، وذلك أنَّ الأوب لا …