دروس من اليوم الآخر

الرئيسية » بصائر التوحيد » دروس من اليوم الآخر
alt

•    اغتنم عمرك في طاعة الله، والبعد عما حرم الله عليك من قبل أن تنشغل عن أمر آخرتك، وقبل أن تظهر الفتن، وإذا ظهرت الفتن فابتعد عنها، واهرب بدينك، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد: (يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَنِ)، رواه البخاري.

•    اقترب من العلماء الربانيّين، واستفد منهم، وعُضّ بالنواجذ على ما وجّهوك إليه من الحقّ في كل أمورك، واحذر من الجهّال الذين يُفتون الناس بغير علم، فضلُّوا وأضلُّوا، واعلم أنّ في آخر الزمان يُقبض العلم، ويفشوا الجهل، كما أخبر النبي.

•    الزم الاستغفار والتوبة قبل أن تُغرغر، وقبل أن تطلع الشمس من مغربها وخروج الدجّال والدّابة، فإنّ هذه الأمور الأربعة إذا حصلت فإنّ التوبة لا تنفع، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال: (إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ)، رواه أحمد والترمذي وابن ماجة (حسن).

•    اعتن بالقرآن الكريم حفظاً، وتلاوةً، وعملاً، وفقهاً، ودعوةً، واجعل ذلك محطّ اهتمامك، فإنّ القرآن سوف يُسرى عليه عندما يدرُسُ الإسلام كما يدرُسُ وشْيُ الثوب، فقد قال: (وَلَيُسْرَى عَلَى كِتَابِ اللَّهِ فِي لَيْلَةٍ فَلَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ مِنْهُ آيَةٌ)، رواه ابن ماجة والحاكم (صحيح).

•    تذكر الآخرة، وقم بزيارة القبور، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم، في حديث أبي هريرة: (زُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمْ الْآخِرَةَ)، رواه ابن ماجة وأحمد (صحيح). وإذا وقفت على القبور ففكر في نفسك وانتقالك إليها، لا منظر أفظع من القبر، وقد قال  نبينا صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة: (مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا قَطُّ إِلَّا وَالْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ)، رواه الترمذي وابن ماجة (حسن).

•    انظر ماذا قدّمت لآخرتك من الأعمال الصالحة؟ واجعل هذه الأعمال نصب عينيك، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ}، [الحشر:18]. واجتهد فيما ينفعك بعد موتك، وكن حريصاً على ذلك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ)، رواه مسلم.

•    اعلم أنّ مصيرنا إلى الله، وأنّه سوف يجازينا، وكلّما مرّ بك آية من آيات: {إِلَيَّ الْمَصِيرُ، ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ, إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ, ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ, إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ, سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ, ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ}, وغيرها من الآيات، ففكّر في رجوعك إلى ربّك، وأنّه سيجازيك، فاجتهد في اتقاء النار، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عدي بن حاتم: (مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ)، رواه الشيخان.

•    احرص على محبة رسول الله حتى يكون أحب إليك من نفسك وولدك ومالك والناس أجمعين، واحرص على محبة أصحاب رسول الله النبي صلى الله عليه وسلم، ومحبة العلماء والصالحين؛ لتكون مع هؤلاء يوم القيامة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود: (الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ)، رواه الشيخان.

•    احفظ ما بين لحِييك وهو اللسان، وما بين رجليك وهو الفرج، من الوقوع فيما حرّم الله عليك، فإذا ضمنت ذلك، ضمن لك رسول الله  الجنة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث سهل بن سعد: (مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ)، رواه البخاري.

•    ابتعد عن مسألة الناس، واطلب حاجتك من الله، وتكفّل أن لا تسأل الناس شيئاً، واحصل على ما قاله النبي النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ثوبان: (مَنْ يَكْفُلُ لِي أَنْ لَا يَسْأَلَ النَّاسَ شَيْئًا وَأَتَكَفَّلُ لَهُ بِالْجَنَّةِ)، رواه أبو داود (صحيح).

•    احذر من الذنوب التي يأتي صاحبها يوم القيامة في وضعٍ سيءٍ مُخزٍ، ومنها: أكل الربا، فإنّ آكل الربا يأتي يوم القيامة كالذي يتخبّطه الشيطان من المسّ (كالمصروع)، وقد قال تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ}، [البقرة: 275].

•    احذر من الذنوب التي يُفضح أصحابُها يوم القيامة، ومنها: الغدر، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد: (لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ عِنْدَ اسْتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، رواه مسلم.

•    احذر من الذنوب! ومنها: تلك الذنوب العظيمة: وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة: (تَخْرُجُ عُنُقٌ مِنْ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهَا عَيْنَانِ تُبْصِرَانِ وَأُذُنَانِ تَسْمَعَانِ وَلِسَانٌ يَنْطِقُ يَقُولُ إِنِّي وُكِّلْتُ بِثَلَاثَةٍ بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ وَبِكُلِّ مَنْ دَعَا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَبِالْمُصَوِّرِينَ)، رواه أحمد والترمذي (صحيح).

•    إذا علمت أن الله يغضب على المجرمين، بل ويغضب يوم القيامة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة: (إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ)، رواه الشيخان. فاحذر أن تقع في ما يُغضب الله! ومن ذلك: أن هناك قوماً يغدون في غضب الله، ويروحون في سخط الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة: (يُوشِكُ إِنْ طَالَتْ بِكَ مُدَّةٌ أَنْ تَرَى قَوْمًا فِي أَيْدِيهِمْ مِثْلُ أَذْنَابِ الْبَقَرِ يَغْدُونَ فِي غَضَبِ اللَّهِ وَيَرُوحُونَ فِي سَخَطِ اللَّهِ)، رواه مسلم.

•    احذر من الذنوب التي هي ظلمات يوم القيامة، وهو الظلم، فلا تظلم أحداً، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر: (الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، رواه الشيخان.

•    اسأل اللهَ أن يُصلح لك دينك ودنياك وآخرتك، وأن يجعل الحياة زيادةً لك في كل خير، والموت راحةً لك من كل شر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة: (اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي وَاجْعَلْ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ وَاجْعَلْ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ)، رواه مسلم.

•    اسأل اللهَ الجنة وما قرّب إليها من قولٍ أو عملٍ، واستعذ بالله من النار وما قرّب إليها من قولٍ أو عمل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة رضي الله عنها: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ) وفيه: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ)، رواه ابن ماجة وأحمد (صحيح).

•    احذر البغي وقطيعة الرحم، فإنه يُدّخر لصاحبهما في الآخرة من العذاب ما لا يعلمه إلا الله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي بكرة: (مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ تَعَالَى لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِثْلُ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ)، رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة وأحمد (صحيح).

•    اذكر الله في كل ساعة؛ حتى لا تتحسّر عليها يوم القيامة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة رضي الله عنها: (ما من ساعة تمر بابن آدم لم يذكر الله فيها إلا حسر عليها يوم القيامة)، رواه البيهقي في الشعب (حسن).

•    احذر من الذنوب التي هي عظيمة جداً، كالشرك بالله، وقتل المؤمن بغير حقٍ عمداً، وقتل المعاهد، وقد قال تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا}، [النساء:93]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي بكرة: (مَنْ قَتَلَ مُعَاهِدًا فِي غَيْرِ كُنْهِهِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ)، رواه ابو داود والنسائي وأحمد (صحيح). وفي حديث عبد الله بن عمرو قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا)، رواه البخاري.

•    احذر من شرب الخمر! وإن كنت قد وقعت في ذلك، فتُب إلى الله! ولا تعُد إلى شربه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن عمرو: (فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَإِنْ عَادَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ رَدَغَةِ الْخَبَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا رَدَغَةُ الْخَبَالِ قَالَ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ)، رواه ابن ماجة (صحيح).

•    اجتهد في عمل الطاعات كلَّ وقت، فإنّ العبد مهما اجتهد فإنّه يحقر ذلك يوم القيامة، كما قال في حديث عتبة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:  (لَوْ أَنَّ رَجُلًا يُجَرُّ عَلَى وَجْهِهِ مِنْ يَوْمِ وُلِدَ إِلَى يَوْمِ يَمُوتُ هَرَمًا فِي مَرْضَاةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَحَقَّرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، رواه أحمد (حسن).

•    احرص أن يستمرّ لك الأجر بعد موتك، وذلك بسنّ السُّنة الحسنة، ونشر سنة النبي، واحذر من استمرار الإثم بعد موتك بسنّ السُّنة السيئة ونشرها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جرير: (مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ)، رواه مسلم.

•    اجتهد في عمل بعض الطاعات التي تستمر لك بعد موتك وحتى لا ينقطع عملك، ومنها: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ)، رواه مسلم عن ابي هريرة.

•    اسأل الله الجنة ثلاث مرّات، واستجر به من النار ثلاث مرّات، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أنس: (مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَتْ الْجَنَّةُ اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ اسْتَجَارَ مِنْ النَّارِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَتْ النَّارُ اللَّهُمَّ أَجِرْهُ مِنْ النَّارِ)، رواه الترمذي والنسائي (صحيح).

•    اطلب منازل الشهداء، واسأل الله الشهادة بصدق، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث سهل بن حنيف: (مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ)، رواه مسلم.

•    تذكّر يوم القيامة (اجعله على بالك) واعمل للفوز في ذلك اليوم، وقد قال تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}، [البقرة:281]. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ قال: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)، رواه الشيخان من حديث أبي ذر.

•    اجعل الآخرة هي همّك وتفكيرك، واعمل لها من اليوم؛ ليكفيَك الله سائر همومك، ولا تتشعب بك هموم الدنيا، وقد قال عليه الصلاة والسلام في حديث ابن مسعود: (مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا هَمَّ الْمَعَادِ كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّ دُنْيَاهُ وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الْهُمُومُ فِي أَحْوَالِ الدُّنْيَا لَمْ يُبَالِ اللَّهُ فِي أَيِّ أَوْدِيَتِهِ هَلَكَ)، رواه ابن ماجة (حسن).

•    حقّق (لا إله إلا الله) في قلبك، وقولك، وعملك، واهتمّ بتوحيد الله، وابتعد عن الشرك والابتداع في الدين، واعلم أنّ (لا إله إلا الله) يُؤتى بها يوم القيامة في بطاقةٍ للعبد الذي عنده سجلات من الذنوب، فتوضع البطاقة في كَفّة، والسجلاّت في كَفّة، فرجحت البطاقة، وطاشت السجلات.

•    اجتهد في التخلّق بالأخلاق الحسنة؛ لتكون أقرب إلى النبي مجلساً يوم القيامة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا)، رواه الترمذي من حديث جابر.

•    اقسط في حكمك (اعدل)، وفي أهلك وما وليت عليه؛ لتكون على منابر النور يوم القيامة، كما قال عليه الصلاة والسلام: (إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا)، رواه مسلم.

•    املأ صحيفتك بكثرة الاستغفار من اليوم، وقد قال عليه الصلاة والسلام في حديث عبد الله بن بُسر: (طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا)، رواه ابن ماجة (صحيح).

•    اسأل الله -داعياً- أن يقسم لك من طاعته ما يُبلّغك به جنّته، وأن لا يجعل الدنيا أكبر همّك ولا مبلغ علمك، وفي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر: (اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ)، وفيه: (وَلَا تَجْعَلْ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا)، رواه الترمذي والحاكم (صحيح).

•    اسأل الله لذة النظر إلى وجهه، والشوق إلى لقائه، في غير ضرّاء مُضرّة، ولا فتنةٍ مُظلّة، ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمار: (وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ)، رواه النسائي (صحيح).

•    اعلم أنّ عذاب الله يوم القيامة قد يكون على بعض الأعضاء، وفي الحديث: (وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ)، رواه مسلم عن المقداد. ودعا النبي صلى الله عليه وسلم لرجلٍ غفر الله له إلا ليديه، فقال: (اللَّهُمَّ وَلِيَدَيْهِ فَاغْفِرْ)، رواه مسلم. فاحفظ جوارحك وأعضاءك من الذنوب والمعاصي؛ لتسلم يوم القيامة من العذاب بفضل الله ورحمته.

•    انظر إلى الآخرة أنّها خيرٌ وأبقى من الدنيا، وأنّ الدنيا لا تساوي في الآخرة شيئاً، وقد قال تعالى: {وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى}، [الأعلى:17]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (وَاللَّهِ مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ فِي الْيَمِّ فَلْيَنْظُرْ بِمَ يرْجِعُ)، رواه مسلم عن المستورد بن شداد.

•    احتسب كل عمل، وقول، وحركة، ونية، وهمّ، لوجه الله, طالباً ثواب الله في الدار الآخرة، واحذر من مفسدات الأعمال، كالرياء، واحذر من الإفلاس يوم القيامة، فحافظ على حسناتك، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن المفلس أنّه: (يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ)، رواه مسلم من حديث أبي هريرة.

•    أيها المسلم: استعدّ للقبر! وإذا رأيت الجنازة فابكِ، وقدّم النصيحة بالاستعداد، وفي حديث البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فِي جِنَازَةٍ فَجَلَسَ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ فَبَكَى حَتَّى بَلَّ الثَّرَى ثُمَّ قَالَ يَا إِخْوَانِي لِمِثْلِ هَذَا فَأَعِدُّوا)، رواه ابن ماجة (حسن).

•    أيها العبد: اعتذر إلى الله بالتوبة والإنابة والرجوع إليه، واستزد من الأعمال الصالحة التي تُقرّبك إلى ربك، مُغتنماً فرصة العمر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة: (لَا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ يَزْدَادُ وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ)، رواه البخاري.

•    أيها المسلم: كلّما طال عمرك فاستغلّه في طاعة ربك، مُستعدّاً لآخرتك، واحذر أن تكون ممن طال عُمُره وساء عمله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي بكرة: (خيرُ النَّاسِ مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ وشر النَّاسِ مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ)، رواه أحمد والترمذي (صحيح). وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث كعب بن مُرة: (مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الْإِسْلَامِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، رواه الترمذي والنسائي (صحيح).

•    اهتمّ بعملك (ليكن صالحاً)؛ لأن عملك هو الذي سيبقى معك في قبرك، وستجده أمامك يوم القيامة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أنس: (يَتْبَعُ الْمَيِّتَ ثَلَاثَةٌ فَيَرْجِعُ اثْنَانِ وَيَبْقَى مَعَهُ وَاحِدٌ يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَيَبْقَى عَمَلُهُ)، رواه الشيخان.

•    احرص على الاستعاذة بالله من أربع، وذلك في الصلاة قبل التسليم وبعد الصلاة، لقوله عليه الصلاة والسلام: (فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَمِنْ شَرِّ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ)، رواه مسلم. وقد كان يقول النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ)، رواه أبو داود والترمذي والنسائي ومسلم بنحوه.

أيها العبد: لا تحرص على الدنيا! وإذا فاتك شيءٌ من الدنيا فلا تقلق، ولا تنزعج، واهتمّ بالآخرة، ففيها من الأجر والثواب والنعيم المقيم للعبد الصالح ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فاجعل آخرتك نصب عينيك، وأَوْلِها كل الأهتمام، فقد قال تعالى: {وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى}، [الأعلى:17]. وقال تعالى: {وَلَلدَّارُ الآخرة خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ}، [الأنعام:32]. وقال تعالى: {وَإِنَّ الدار الآخرة لَهِيَ الحيوان لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ}، [العنكبوت:64]. ففي الآخرة للعبد الصالح (في الجنة) الحياة الكاملة التي لا تنغيص فيها ولا هُموم ولا غُموم ولا نقص، بل فيها أكمل حياة للأبدان والأرواح والبال، وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ. {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأنْفُسُ وَتَلَذُّ الأعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [الزخرف:71].

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

alt

نِعْمَ العبدُ .. إنَّه أوَّاب

قال الرَّاغب في مفردات ألفاظ القرآن : (الأوبُ ضربٌ من الرُّجوع، وذلك أنَّ الأوب لا …