إذا كنت أنت الرَّابع .. فما المخرج ؟

الرئيسية » بصائر تربوية » إذا كنت أنت الرَّابع .. فما المخرج ؟
alt

جاء في القصة الشَّهيرة الواردة عن النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم في صحيحي البُخاري ومُسلم :

(( ، عن الثَّلاثة الذين ألجأهم المطر إلى (الغار)؛ فلمَّا أطبقت عليهم الصَّخرة، وأيقنوا بالهلاك، تعلَّقت آمالهم بالله العليّ القدير، الذي لا تخفى عليه الخوافي، ويعلم ما دقَّ وصَغُر، وتوجَّهوا إليه بطريقة أشبه ما تكون بالغريبة؛ وهي ( يدٌ لنا عندك يا رب ؛ فكافئنا بها )، فليدعو كلُّ واحدٍ منَّا بعمل أخلص فيه لوجه الله تعالى، وهنا تبلى السَّرائر، وتخرج من الأستار ما كان مختفياً طوال هذا الزَّمن، وعلته غبار الدَّهر والطَّي والنسيان، هنا يجب أن تنقدح الذاكرة، وتُحَدُّ جيّداً، فالأمرُ جلل، وليس بالهيِّن اليسير، وهو هنا حياة أو موت، وهنا تتجلَّى رَهبة الموقف مع رجاء القلب مع شفقة الخيبة والرُّجوع بلا شيء، تنحسر الأذهان والعقول فقط فيما عملت، ويبدو أنَّ العمل سهل وكثير، ولما كان يجب الإخلاص فيه، كانت النتائج محدودةً معدودةً، ولما كان النَّاقد البصيرُ هو رب العالمين، صعب على اللِّسان التَّمني ووجب على القلب التأني، التأني في إخراج النتيجة أو هذا العمل، لأنَّه سيعرضه أمام العليم الخبير، العليم بالنَّوايا، الخبير بخلقه وشؤونهم، وهنا تكمن قوَّة التَّحدي ..

 

والقلب يخفق وجلا متردّداً، لأنَّه لو فرجت عن اثنين، وجلس الثالث يندب حظَّه، لما نفع الثلاثة إخلاصُ الاثنين، لذلك كان لا بدَّ من ثلاثة قلوب مخلصة تتوجَّه بإخلاص جديد، لتتم المعادلة .. معادلة الحَسَن المقدَّم بشكل حسن ..

 

أمَّا اللَّفتة الأولى لك، فإذا أردت رفقة؛ فاخترها بعناية، فلو كان أحد الثلاثة خارج السِّياق أو خارج هذا السِّرب، لما فتحت عليهم، فإيَّاك من رفقة قد لا تجد في قلوبهم إخلاصاً؛ فما يدريك لعلَّهم يكونون رفقاءك في الغار من جديد ...
والأهم من ذلك؛ هو: تخيَّل معي أنَّك كنت ( رابعَ مَنْ في الغار )، وفتحت الصَّخرة بعد دعائهم فتحاً لا يمكنهم الخروج منه، وقالوا لك : جاء الآن دورك ... ادع الله كي يفرِّج عنَّا ما نحن فيه، ادع الله بأخلص عمل عملته في حياتك ، عمل يستحِّق أن تقدّمه لله كـ ( يد هي لك عند الله )، فيكافئك الله بها فيفتح عليكم الغار به .. وإن لم تفعل، فاعلم أنَّنا هلكنا وهلكت معنا، وأنت سبب هلاكنا!!

 

يا هذا تقدَّم الآن، وتوجَّه بقلب صادق، واستذكر عملاً عملته لله بإخلاص، تقدَّم وقدِّمه لله بدعوةٍ صادقة حتَّى نخرجَ كلُّنا من هذا الغار ...
يا ترى، هل سيملك قلبك مفتاح هذا الغار .. أم إنَّ هذا الغار سيكون أسوارَ معاصيك، والتي تحيط بك من كلِّ مكان وجانب ..
أخي الدَّاعية، أخي المؤمن، إذا لم تجد الآن عملاً، فاعلم أنَّك على خطر، وأنَّك لا زلت تقبع في غار معاصيك ..

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

لا تنظيم بلا التزام: كيف نحمي صفنا من الداخل؟

لا يمكن لأي مؤسسة أو شركة أو حتى جمعية صغيرة أن تحقق النجاح والاستمرارية ما …