خاص – بصائر
كثرت حوله الأقاويل لما لعبه من دور فاعل لخدمة الدعوة الإسلامية، حتى ذهب البعض إلى الاعتقاد بأنه قد قتل، فأسموه شهيد السيرة، وقد تولدت هذه الصورة الذهنية لدى الكثيرين جرَّاء الصعوبات التي تعرَّض لها الرَّجل كعقاب على كتابه الذي أثرى الحياة الدعوية والفكرية وهو:
( المنهج الحركي للسيرة النبوية )
إنَّه الداعية الإسلامي الدكتور منير الغضبان الذي منح الدعوة الإسلامية أكثر من خمسين عاماً من سنوات عمره التي قاربت على السبعين، تربى خلالها داخل صفوف حركة الإخوان المسلمين، وكان أحد الزعماء البارزين لحركة الإخوان في سورية، قبل أن يتفرَّغ للدعوة والتأليف، حيث يبرز في هذا المجال كتابه الرائد : ( المنهج الحركي للسيرة النبوية )، والذي شكَّل رافداً هاماً من روافد التكوين والتأهيل الحركي الإسلامي.
قدَّم الكتاب قراءة في السيرة النبوية، لكن من منطلق حركي، مقدّقطب ((فيات إلى الخطوات المنهجية التي تحرَّك بها النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - منذ بعثته حتى انتقل إلي الرَّفيق الأعلى، وذلك لتقديم نموذج تهتدي به الحركة الإسلامية في خطِّها السياسي للوصول إلي أهدافها وبالطبع في القلب منها جماعة الإخوان المسلمين، واستعرض الكاتب خمس مراحل: هي باختصار شديد : ((سرية الدعوة وسرية التنظيم))؛ وهي المرحلة التي بدأت - وفق الغضبان - من البعثة حتى ثلاثة أعوام، ثم ((جهرية الدعوة وسرية التنظيم))، وتنتهي في العام العاشر للبعثة، ثم وصل النَّبي محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم إلى المرحلة الثالثة وهي:((إقامة الدولة))، وتنتهي في بداية العام الأول للهجرة، ثم المرحلة الرابعة، وهي ((تثبيت دعائم الدولة))، وتنتهي بصلح الحديبية، أمَّا المرحلة الخامسة فهي ((الانتشار والتمكين في الأرض))، وامتدت حتَّى وفاة النَّبي محمد صلَّى الله عليه وسلَّم.
تميَّز كتابه الذي يعدّ أشهر ما ألف وأهم ما ساهم في تشكيل فكر ووجدان أبناء الحركات الإسلامية، بعرض السيرة النبوية من منطلق حركي ينعكس بشكل مباشر على المجتمع، فما أكثر كتب السيرة التي تملأ المكتبة الإسلامية، إلاَّ أنَّ هذا الكتاب خالف التكرار.
وقد تولدت فكرة الكتاب لدى الغضبان بعد ظهور كتاب الشهيد سيِّد قطب ((في ظلال القرآن))، الذي كان نقطة تحوّل حاسمة في الفكر الحركي الإسلامي، وعلى ضوء الظلال، حاول الغضبان أن يقدِّم السيرة النبوية من منطلق حركي.
مؤلفاته: ولد الدكتور محمد منير الغضبان في مدينة التل بدمشق عام 1942م، ودرس فيها حتَّى السنة الأولى الثانويّة، وأكمل باقي دراسته في العاصمة دمشق، ثم عمل معلّماً وكيلاً في السنة الثانية الثانوية، حيث تقدّم للشّهادة الثانوية خارج الانتظام الدراسي، ودرس الصف الخاص وعمل في التعليم الابتدائي عشر سنوات 1962-1972.
ثمّ تعاقدّ مع الرئاسة العامة لتعليم البنات في المملكة العربية السعودية، حيث عمل موجّهاً تربوياً لمدة عامين 1972-1974. ثمّ موجّهاً لمادة العلوم الدّينيّة بالعاصمة الرياض لمدة خمس سنوات 1974-1980. وتفرّغ بعدها للعمل الدّعوي لمدة سبع سنوات 1980-1986، ثمّ تعاقدّ بجامعة أم القرى بمكة المكرمة من 1986-1995 ، وطبيعة العمل مستشاراً بحثياً للدراسات العليا بجامعة أم القرى بمكة المكرّمة.
حصل على إجازة في الشريعة من جامعة دمشق عام 1967م ، كما حصل على دبلوم عام في التربية من جامعة دمشق عام 1968م، وماجستير في اللغة العربية من معهد البحوث والدراسات العربية في القاهرة، 1972م، كما حصل على دكتوراه في اللغة العربية من جامعة القرآن الكريم بالسودان عام 1997م.
مؤلفاته ..
ألَّف الدكتور محمد منير الغضبان عشرات الكتب في عشرات المجالات من بيفيه.( المرأة - الفكر السياسي الإسلامي - التراجم والتاريخ الإسلامي - السيرة النبوية ).
وكان من بين ما طبع له : ( أبو ذر الغفاري الزاهد المجاهد 1970م – الأخوات المؤمنات (وقد قررته رئاسة تعليم البنات بالسعودية كتاباً مساعداً سبع سنوات في المرحلة الثانوية) 1398هـ.– من معين التربية الإسلامية 1398هـ – هند بنت عتبة 1399هـ – إليك أيتها الفتاة المسلمة 1399هـ – المسيرة الإسلامية للتاريخ 1400هـ – الحركات القومية في ميزان الإسلام1400هـ.– معاوية بن أبي سفيان – الملك المجاهد 1980م – التحالف السياسي في الإسلام 1403هـ - 1982م – فقه السيرة النبوية (وهو مقرر مادة السيرة في العديد من الجامعات العربية) 1410هـ – المنهج التربوي للسيرة النبوية (ثلاثة مجلدات) (التربية الجهادية) 1414هـ – المنهج التربوي للسيرة النبوية (أربعة مجلدات) (التربية القيادية) 1419هـ - المنهج التربوي للسيرة النبوية (في مجلدين) (التربية الجماعية) 1420هـ - المنهج التربوي للسيرة النبوية (في مجلدين) (التربية السياسية) 1424هـ – التربية السياسية للطفل (رؤية من خلال السيرة النبوية) 1425هـ).
ميدان الدعوة ..
وفي ميدان الدّعوة كان في موقع الصّدارة منه، إذ شغل المواقع المتقدّمة فيه .. في فترة من أحلك ليالي المحنة فلم يبخل بعطاء، ولم يضنّ بجهد أو جهاد..
أفكاره.ته الدعوية ببيعة السباعي رحمه الله، وهو في الثامنة من عمره إلى أن انتظم في أسرة في الثانية عشر من عمره، إلى أن تدرّج في الدعوة كمسؤول أسرة فبلد فجهاز فمكتب، فمساعد لنائب المراقب العام، فنائب للمراقب العام للإخوان المسلمين في سورية .
أفكاره ..
يؤمنُ الغضبان بأنَّ الحركة الإسلامية جزءٌ من حركة الإسلام في هذا العالم، وفى هذه القرون قد تكون هناك عوائق أمام الحركة، وقد تتعثر أحيانًا، لكن حركة الإسلام ماضية والحركة الإسلامية جزء من حركة الإسلام التي تمضي في الطريق رغم العوائق، يؤمن بأنَّ طبيعة الحركة هي الصراع بين الخير والشر، والأصل فيها أنَّ المواجهة بين الخير والشر لا تنتهي، ورغم المعوقات إلاَّ أنَّ الحركة الإسلامية هي الآن حركة عالمية وتشهد تمددًا.
كما يؤمن بأنَّ الهجوم على الحركة الإسلامية دليلٌ على حياة الحركة؛ ويرى أنَّه عندما تفتح وسائل الإعلام المختلفة الآن تجد أنَّ معظم الأخبار عن الحركة الإسلامية، فضلاً عن ذلك، فإنّ الحركة انتقلتْ من المرحلة القُطْرِية إلى العالمية، كما أنَّها استفادت من الهجوم عليها، فقد كان هناك مخططٌ عالمي ضد الإسلام، لكنَّه غير معلن، ويرى أنَّه رغم ذلك فقد نجحت دعوة الإخوان المسلمين أن تكون حاضرة في 80 دولة، وتنتشر الدعوة في كلِّ الأرض، ويرى أنَّ في هذا دليل قوتها، وأفكارها التي تعرضها دليل نجاحها، إلاَّ أنَّه يرى أيضا ً في المقابل أنَّنا مازلنا في أول الطريق، ولابدَّ أن يكون لدينا القدرة في كلِّ قُطْر نعيش فيه على الرِّيادة الحقيقية للدعوة الإسلامية هناك.
كما يؤمن الغضبان بأنَّ الحركة الإسلامية في حاجة إلى مدرسة لإعداد القادة، أملًا في إخراج جيلٍ قياديٍّ يقدّر المسؤولية الملقاة على كاهله.