رسالة رمضان لكل البيوت

1 – بيت الصَّلاح والخيرات :
البيت في كلِّ لحظاته خاصة في رمضان هو بيت الإسراع إلى الخيرات،  والتسابق فيها بين أفراد المنزل، يقول أحد الصالحين : ( إن استطعت ألا يسبقك أحد إلى الله فافعل ) .

والله تعالى ينادينا : { فاستبقوا الخيرات }، ويقول تعالى : { والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم }، فما أروع أن تقام المسابقات بالأعمال الصَّالحات بين أهل البيت في مجال الأخلاق والسُّلوك والصَّدقات والقرآن والعبادات .

2 – بيت القرآن :
القرآن ورمضان يسيران معاً : فقد كان جبريل عليه السَّلام يلقى النَّبي صلَّى الله عليه وسلم  في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن .
وفي العام الذي توفي فيه رسول الله صلَّى الله عليه وسلم عارضه جبريل بالقرآن مرتين .
فما أروع أن تقام حفلات الدعاء والابتهال مع القرآن الكريم ، فقد كان أنس رضي الله عنه إذا ختم القرآن جمع أهل بيته فدعا لهم .

3 – بيت روحاني :
بيت كالزهرة ينثر عطره، كالنور يسطع في كل مكان، فهو كالرُّوح بين البيوت، لأنَّ أهل البيت يجتمعون على السّحور والإفطار، فيتذاكرون معاً الإيمان، وما أحلاها من ساعة إيمانية روحية .

ومن خلال هذه التذكرة، يمارسون العمل بها فيقسمون بعض أيام رمضان لدعوات حفل إفطار العائلة، حيث تقوَّى صلة الرَّحم، ثم إفطار للعمارة ليكونوا كالجسد الواحد، ثم إفطار لزملاء العمل في أماكن العمل يعقبه تزاور، ثم إفطار لجيران الشَّارع بما يحقِّق البهجة، ونشر النور والإيمان .

4 – بيت واعي :
البيت الواعي الذي يتخيَّر ما ينفعه من وسائ الإعلام، ويحقِّق التَّقوى التي هي هدف الصِّيام، ولذلك فإنَّه يتعامل بما لا يبعده عن إفساد شهره الكريم، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( ليس الصِّيام من الشراب والطعام وحده ، ولكن من الكذب والباطل واللغو ) .

وهذه عادات نتخلص منها في شهر التربية  :

- تضييع الأوات : حيث لا مجال في رمضان لمجالس اللَّهو، يقول صلَّى الله عليه وسلم : (( رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ، ورب قائم حظه من قيامه السهر )) .

- كثرة النوم : إنَّ مدرسة الصَّوم تعلِّمك قلة النوم إجبارياً، إن أردت أن تخرج من رمضان مغفوراً لك ، فهو يربيك على قيام الليل – قياماً طويلاً – وعلى أن تستيقظ قبل الفجر للسحور فهو سنة مؤكدة، ثم تصلي الفجر في جماعة، ثم تجلس تذكر الله إلى طلوع الشمس، ثم تصلي الضّحى، ثم تنطلق إلى عملك .

- الشبع والتخمة : صدق الله تعالى حين قال : { وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون }، وقد قال الإمام الغزالي : ( الصوم زكاة النفس، ورياضة الجسم، وفي جوع الجسم صفاء القلب، وإبقاء القريحة، وإنفاذ البصيرة، لأنَّ الشبع يورث البلادة، ويعمي القلب) .

5 – البيت والليل :
ما أجمل أن يلتحق أهل البيت جميعاً بمدرسة الليل، وأن يكون للزَّوجة والولد نصيب من هذه المناجاة، ولقد كان النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم، يصلي قيام الليل مع بعض أصحابه أياماً دون أيام مخافة أن تفرض عليهم، فلا أقل من أن نصلي مع الإمام في المسجد ليكتب لنا قيام الليلة كلها :

يحيون ليلهم بطاعة ربهم                بتلاوة وتضرع وسؤال

6 – البيت في العشر الأواخر :
ها هي الأيام تأبى أن تصبر قليلاً، ريثما نشبع من نفحات رمضان، في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : (( كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : إذا دخل العشر ، شدَّ مئزره ، وأحيا ليله ، وأيقظ أهله )) ، وفي رواية لمسلم : (( كان رسول الله يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيره )) .

7 – ليلة كل البيت :
ليلة القدر عند المؤمنين هي ليلة الحظوة والرِّفعة والتكريم، إنَّها الليلة ذات القدر العظيم، والفضل العميم، والثواب الجزيل، إليها تهفو النفوس، وتتطلع القلوب .

فهي في الفضل ليست كألف ليلة، بل هي خير من ألف شهر، أي تزيد على ثلاث وثمانين سنة : { إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ، ليلة القدر خير من ألف شهر ، تنزل الملائكة والرّوح بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر} .

وهي الليلة التي نزل فيها القرآن الكريم : { إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنَّا كنَّا منذرين .
وهي الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم ، قال تعالى : { فيها يفرق كل أمر حكيم  أمراً من عندنا إنا كنا مرسلين } .

قال الإمام النووي : ( سمِّيت ليلة القدر، لأنَّ الأرض تضيق بالملائكة لكثرتهم في تلك الليلة ) ، وفي صحيح مسلم عنه أنَّ النبي صلى الله عليه ووسلم قال : (( التمسها في العشر الأواخر، فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقي )) .
جاء في الحديث المتفق عليه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه : (( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه )) .

وقالت عائشة رضي الله عنها للنَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم : (أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها) ؟ قال : (( قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني )). رواه الترمذي وغيره، وصححه النووي .

8 – مالا يجوز في رمضان :
- الاجتراء على ترك صوم يوم أو أكثر من رمضان دون عذر .
- ترك الصَّلاة في رمضان، لأنَّ ترك الصلاة كبيرة .
- الخوض في أعراض النَّاس وقضاء الوقت في الباطل والزُّور .
- تأخير الإفطار ففي الحديث: (( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر )).
- سوء الخلق، والأصل أنَّ الصيام تربية للنفس وتهذيب للخلق.
- الإفطار على الدّخان أو المحرمات .
- السَّهر فدور الملاهي أو المقاهي بزعم  إحياء ليالي رمضان.
- تعجيل السّحور أو تركه، وهو خلاف السنة  .
- الإسراف في تناول ما تشتهيه النفس، فمن الخطأ كثرة الإنفاق باسم :
( بركات رمضان ) .
- الضَّجر من الصِّيام، فالاحتساب ألاَّ يستطيل الأيام، ولا يستثقل الصِّيام.