إنَّ المحب لمن يحب مطيع ,,
حكمة قديمة وكثيراً ما نردِّدها، أطلقها شاعر حكيم، ينظر للأمور ببصيرة ثاقبة، فليس هناك إلاَّ أمران يدفعان للطاعة : إمَّا الخوف والقهر - وهذا حرامٌ في الدعوة - وإمَّا الحب والثقة .
أترانا بحاجة للكثير من أساليب الإقناع وطول النِّقاش لنطيع من نحب للقيام بأمر ما ؟ أو اجتناب أمر نهانا عنه ؟
لا أظن ذلك أبداً !!
إذن أختي الحبيبة :
إملكي زمام قلب صديقتك أولاً قبل أن تأمريها أو تنهيها
نعم أخيتي، إنَّ الخطوة المهمة والتي يجب أن لا تتجاوزيها مع صديقتك التي تريدين دعوتها وتغييرها للأفضل وهدايتها للصَّواب، هي أن يقترب قلبك من قلبها، وأن يربطكما رباط الحب في الله، وبقدر ما تتقنين هذا الحب بقدر ما تستجيب لكِ بإذن الله .
أحبيها من قلبك، أشفقي عليها لأنَّها إن بقيت على معصيتها سوف تلقى العذاب الأليم، لا تبغضيها أبداً، بل أبغضي سلوكها الخاطئ وبعدها عن الله، وليكن نصب عينيك هدف واحد :
هو إنقاذها ممَّا هي فيه من الضَّياع والمعاصي، لأنكِ تحبينها وتحبين الخير كلَّ الخير لها .
أريد منك أخيتي أن ينفتح قلبك على قلب مدعوتك، فينسكب ما عندك نحوها، فالدَّاعية النَّاجحة هي من وفَّقها الله إلى أقفال القلوب فتفتحها برفقها و وتتعامل معها برحمتها، وحينها ستلين القلوب القاسية، وتستقيم الجوارح العصيّة، فما خرج من القلب يصل للقلب، وما خرج من اللسان لا يتجاوز الآذان .
فإن كنتِ ممن لا يخبر نفوس البشر كان لزاماً عليك أن تتعرفي مداخل النفوس فتدخلين إليها وتمكثين هناك حتَّى يوفقك الله وتغيرين ما تريدين تغيره بعون الله .
ولنتوقف هنا قليلاً كثيراً :
{ فبما رحمة من الله لنة لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك }
هذه من أسرار نبينا وحبيبنا الكريم - صلَّى الله عليه وسلم - فقد كان يملك قلوب محدثيه ويأسرها، فيأتي حديثه طيباً بارداً على قلوبهم، وبهذا الحب فتح أجدادنا مشارق الأرض ومغاربها، فكانوا مشاعل نور ومصابيح هداية، فهل يكون لنا فيهم أسوة حسنة ؟!
فلنبدأ من الآن أختي الحبيبة هذا النهج (الحب أولاً )، ولنجرِّبه مع كل من ندعوهم؛ مع أهلنا وإخواننا ابتداءً، مع جيراننا ومن هم حولنا، مع صديقاتنا، مع زميلاتنا في الدراسة أو العمل.
واحذري أخية أن تأمري وتنهي وتوجّهي قبل أن تدخلين قلب مدعوتك وتستقري فيه، فقد يكون فعلك هذا سبباً في نفوره وصدوده !!
وعندها سيكون من الصَّعب جداً إصلاح ما تم تخريبه .
ولا تتعجلي قطف الثمرة قبل نضجها، وتأكدي أنَّ بذرة الخير التي غرستِها في نفس أختك ستثمر في يومٍ من الأيام، قرُب ذلك اليوم أو بعُد، بإذن الله .
ولتتذكري دائماً :
(أملكي زمام قلب صديقتك أولاً قبل أن تأمريها أو تنهيها )
فكما يقول الشهيد سيد قطب رحمه الله : ( كم نمنح أنفسنا من الطمأنينة والرَّاحة والسَّعادة، حين نمنح الآخرين عطفنا وحبّنا وثقتنا، يوم تنمو في قلوبنا بذرة الحب والخير) .
والله معكن، ولن يتركن أعمالكن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مراجع للاستزادة :
- الدَّعوة الفردية - مصطفى مشهور.
- الدَّعوة قواعد وأصول - جمعة أمين.
- الطَّريق إلى القلوب - عباس السيسي.
- أفراح الرُّوح - سيِّد قطب