بديع الزمان سعيد بن ميرزا النورسي
مؤسّس الحركة النوريّة بتركيا، عالم جليل مجاهد، باعث الحركة الإسلاميّة بعد الانقلاب الكمالي، وإلغاء الخلافة الإسلاميّة، عضو المجلس العلمي الكبير، من أصل كردي.
ولد سعيد النورسي في قرية نُوْرْس - فهو النُوْرسي وليس النَوْرَسِي إذاً، الواقعة شرقي الأناضول في تركيا عام ( 1294 هـ / 1877م ) من أبوين صالحين، كانا مضربَ المثل في التقوى والورع والصَّلاح، حيث كان والده صوفيّاً، أمَّا والدته فلم ترضع أطفالها إلاّ على طهر ووضوء، وكانت امرأة فاضلة .
ونشأ في بيئة كردية يخيّم عليها الجهل والفقر، كأكثر بلاد المسلمين في أواخر القرن التاسع عشر، وبدايات القرن العشرين.
بدت عليه علامات النَّجابة والنبوغ في سنّ مبكّرة، وذاعت شهرته لتعدد قابلياته، وفرط ذكائه، ولقب بديع الزَّمان.
وقد بدت عليه أمارات الفطنة والذكاء منذ طفولته، ولمّا دخل (الكُتَّاب) وتتلمذ على أيدي المشايخ والعلماء بهرهم بقوة ذاكرته، وبداهته، وذكائه، ودقّة ملاحظته، وقدرته على الاستيعاب والحفظ، حيث حفظ القرآن الكريم، وحفظ ثمانين كتاباً من أمّهات الكتب، وتلقَّى علومه على علماء عصره أمثال: الشيخ محمد جلالي، ومحمد أمين، وفتح الله أفندي، ونال الإجازة العالميّة في العلوم الدينيّة سنة 1305/1888 وارتدى ثياب الدراويش.
كما عكف على دراسة العلوم العصرية، أو العلوم الكونية الطبيعية، (رياضيات، وفلك، وكيمياء، وفيزياء، وجيولوجيا) والجغرافيا والتاريخ والفلسفة الحديثة وسواها من العلوم، حتى غدا عالماً فيها، ومناظراً فذاً للمختصين بها، صار له رصيد ضخم من المعلومات، مكّنه من الانطلاق من مرتكزات علمية سليمة.
في عام 1894 تناهى إلى سمعه أنَّ وزير المستعمرات البريطاني (غلادستون) وقف في مجلس العموم البريطاني، وهو يحمل المصحف الشريف بيده، ويهزّه في وجوه النواب الإنكليز، ويقول لهم بأعلى صوته:
(ما دام هذا الكتاب موجوداً، فلن تستطيع أوربا السيطرة على الشرق، ولا أن تكون هي نفسها في أمان، لذا، لا بدّ لنا من أن نعمل على إزالته من الوجود، أو نقطع صلة المسلمين به).
فصرخ العالم الشَّاب سعيد النورسي من عمق أعماقه:
(لأبرهننّ للعالم أجمع، أن القرآن العظيم شمس معنوية لا يخبو سناها، ولا يمكن إطفاء نورها).
ورأى النّورسيُّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في المنام، وسأله أن يدعو الله له: أن يفهّمه القرآن، وأن يرزقه العمل به، فبشّره الرَّسول الكريم بذلك، قائلاً له:
(سيوهب لك علم القرآن، شريطة ألا تسأل أحداً شيئاً).
واشتغل بتدريس العلوم الدينيّة في ماردين سنة 1892، ونهض للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنكر على الظَلَمة حتى نفوه إلى بتليس، ثم انتقل إلى مدينة وان سنة 1894 حتى عام 1909 ثم انتقل إلى استانبول، وأنشأ جامعة إسلاميّة في شرق الأناضول، لتعليم العلوم الإسلاميّة، وخدمة القرآن إلى جانب العلوم الحديثة باسم (مدرسة الزهراء).
كان خطيباً لا يلحن، شديد التأثير على مستمعيه، يأسر القلوب، ويخطف الألباب.
اتخذ موقفاً سلبياً من الطرق الصوفيّة، وقال: يجب على الفرد أن لا يكون له أيّ ولاء خاص بالطرق، إنّ منهج رسائل النور هو الحقيقة وليس الطرق.