الحركة الواعية وموانح الانتماء وموانعه – بقلم : محفوظ نحناح

الرئيسية » حصاد الفكر » الحركة الواعية وموانح الانتماء وموانعه – بقلم : محفوظ نحناح

تبدأ الحركة الواعية بتصور ينتقل إلى فكرة، فممارسة، ويعتري هذه المراحل الثلاث ثغرات قد يفضي بعضها إلى ضياع المثلث المنطقي، وتتأسس الفكرة على تصور يشمل الكون والحياة ودور الإنسان بينهما وعلى أنه خليفة الله في الأرض يصلح ولا يفسد، يبني ولا يهدم، ويجمع ولا يفرق، يزرع ولا يحرق، ينشر الفضيلة ويقاوم الرذيلة ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويقاوم الطغيان ويقيم العدل ويحكم بالقسط بين الناس ويحترم الإنسان أيا كان ولا يظلم ولا يعتدي، وهذه مرحلة الانتماء إلى الأمة .

 

وأما مرحلة الانتماء إلى الحركة الواعية فتتطلب أن يحسن السمع والطاعة في المعروف، وينضبط مع اللوائح والأنظمة، يستشير ويشير، وينصح ويوجه ويترفع عن التفاهات ويتسامى إلى العلياء. علمه عبادة، لهوه عبادة، وإرادته عبادة، وغراسه عبادة، وتخطيطه عبادة، وصناعته عبادة، وأسفاره عبادة، واتصالاته عبادة، وتعاونه عبادة، وإنفاقه عبادة، واشتراكه عبادة لله وحده لا شريك له، وبذلك أمر وهو من المسلمين المتحضرين.

 

فهو في المرحلة الأولى مسلم ينتمي إلى الأمة الإسلامية وهو في المرحلة الثانية إسلامي حركي تنعكس آثاره على محيطه فيحوله مجتمعا نظيفا طاهرا من خلال حركيته التي أهلته ليكون ابن حركة واعية وهو بهذا الانتماء يمنح حق الولاء في الحركة فإن خالف أو ناقض فمن واجب الحركة أن تقصيه منها وليس من الانتماء للإسلام العظيم الذي يقبل الأدنى من الإيمان وهو الشهادتان.

 

ولذلك كان على الحركة الواعية المنح لمن تتوفر فيه شروط ومواصفات بها يعد منتظما سالكا هذا الدرب الذي لا يصبر عليه إلا الخلّص والكمل، من رجالات الانتماء الذين تنعقد بهم الأولوية وترفع بهم الأوسمة، ويعلى مقامهم مقدار التزامهم الذي يكاد يشبه التزام موسى الذي اتفق مع صاحب مدين ملتزما ثماني حجج أو عشرا، أو التزام إسماعيل عليه السلام الذي قال لأبيه: {افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين} ولم يتململ ويتوجس من لمعان السكين ولم يتململ من {تله للجبين}.

 

هذا المنح لا يتم عبر عمليات اختيار عشوائي أو ارتجالي غير محكم أو غير منضبط بل يعتمد على شروط ذكرتها آيات في المرحلة المكية التي كانت تهيئ لأمر جلل بعدها* ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم عتل بعد ذلك زنيم*.

 

إنَّ المنح ممزوج بالمنع من الانتماء إلى الحركة الواعية الربانية التي تعمل على تصور الضرر ودفعه قبل وقوعه وتحريك قرون الاستشعار قبل بدو الخطر خشية أن يتسلل إلى الحركة ما يعكر صفوها أثناء العملية التغييرية أو بعدها.

 

ولذلك كان من موانع الانتماء الأولية: الهمز واللمز في الفكرة أو التصور، أو الهمز واللمز في من يحمل الفكرة أو التصور على مستوى القيادات أو القواعد، لأن الهمز في الأول يجتث الثقة ويحول دون إقبال الآخرين عليها، والهمز في الثاني يحدث الفتنة ويفرق الصف، وهذه صفة قد تأتي عن طريق عدو راصد وشامت وماكر، أو تأتي من صديق جهول فيه قابلية تمرير ما ينسف الخطة ويهدم الفكرة وقد اعتمد اليهود وظهراؤهم على هذه الخطة ونجحوا فيها إلى حد بعيد مع حركات عديدة جنت على نفسها وعلى قياداتها وقواعدها وشعوبها وأفكارها أخطارا سبب العثار لكل مشروع نهضوي واعد يعمل السائرون معا نحو الهدف على دفعه قبل وقوعه.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المقال من سلسلة "معا نحو الهدف" وسنعمل على نشرها عبر صفحات موقعكم "بصائر"
مؤسس ورئيس حركة المجتمع الإسلامي (حماس) الجزائرية، رحمه الله.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

لماذا نحن؟ وعلى أيّ شيء نحافظ؟!

مع تجدد حرب الإبادة الجماعية على الفلسطينيين في قطاع غزّة، وبعدما فعل الفلسطينيون في هذا …