الاهتمام والشعور بالمسؤولية، واحد من أهم القيم والمبادئ الأخلاقية حيث من شأنها أن تجسد إحساس المرء بتبعات إرادة الحياة، والتقدم في دروب الخير والفلاح، وإحساسه بآلام التدهور الذي يمكن أن يتعرض له نتيجة ترهل حساسيته تجاه الواجبات الملقاة عليه.
الاستقلالية في الحكم والتقويم واتخاذ القرار وتنظيم رد الفعل، من القيم المهمة في نضج الشخصية.
الانفتاح وتقبل الجديد مهم لعيش عصرنا بكفاءة، حيث تتم إعادة صياغة كل شيء على نحو مستمر. ولا نعني بما نقوله أن نكيف أخلاقنا ومبادئنا ومقولاتنا مع الجديد، فهذا غير جائز ولا صحيح، ولكن المطلوب أن نكون مستعدين لتلمس الحق، ومحاولة فهم الأفكار الجديدة، وسماع وجهات النظر المختلفة مهما كانت فجة، إلى جانب الاستعداد لمراجعة طروحاتنا وأفكارنا التي نشأنا عليها في ضوء ما نصل إليه. وأخطر ما يصدنا عن ذلك، ويضع الغشاوة على بصائرنا، هو البرمجة البيئية والثقافية التي تعرضنا إليها في حياتنا.
وقد ركز القرآن الكريم دائما على تحريرنا من اتباع الهوى والظن والسير خلف الآباء والكبراء دون تمحيص لما هم عليه، لكن يبدو أننا لم نستطع توسيع مدلول النصوص الكريمة في هذا الشأن، كما لم نستطع النفاذ إلى أعماق النص القرآني بما يكفي لاستخراج رؤية متحررة من القولبة التربوية التي صاغت وجودنا المعنوي عبر حياتنا المديدة. ويعتقد الكاتب أن من أولويات تجديد الوعي التأمل مليا فيما علينا أن نفعله في هذا الشأن.
استيعاب الوعي للتقدم: من أخطر المشكلات التي تواجه الوعي الإنساني قابليته الشديدة للوقوع في أسر اللحظة الحاضرة والمعطيات الجاهزة والبيئة المحيطة.
وعلى مدار التاريخ كان كبار المفكرين والمصلحين، يحاولون إيجاد مداخل تجعل الوعي ينفتح على الماضي والمستقبل، وعلى القريب والبعيد والبسيط والمركب، والكلي والجزئي، على أمل أن يظل على درجة من التحرر، تمكنه من التعامل بشفافية مع واقع الانحطاط، وإمكانات التقدم، ولا سيّما الكامن منها.
ما بين القديم والجديد.. نحن والقديم: التاريخ الإسلامي في أطواره وحقبه، وما اشتمل عليه من عطاءات وحوادث ومشكلات وانكسارات، هو الماضي الذي ننتمي إليه في الكثير من جوانب وجودنا الفكري والشعوري، ولا بد أن تكون أفكارنا عن الوضعية التي تم نقل ذلك الماضي عن طريقها، ناضجة ومنظمة، وإلا فإن الماضي كما يمكن أن يكون مصدرا لتجديد وعينا، فإن بإمكانه أن يكون مصدرا لبلبلة الوعي وانقسامه.
العلاقة بالتراث: انتقد الكاتب موقف المستشرقين من التراث وربطهم أسباب تخلف الأمة بموروثها الثقافي. ولكن انتقد في الوقت نفسه الموقف المناقض، وهو موقف المفتونين بالتراث والذي تمثل في الحرص الشديد على نشر الكتب التراثية دون تفريق بين الغث والسمين.
كما تمثل في خوفهم وتوجسهم من أية قراءة للتراث، تنتهي إلى مقولات، تخالف ما هو سائد ومنطبع في عقليتنا عن معطيات ذلك التراث.
ومع نبل الدوافع إلى هذا الموقف إلا أنه يتجاهل حقائق مهمة، لا نكاد نتمارى فيها اليوم، منها أن التراث عبارة عن جهد بشري، تتبدى فيه كل اجتهادات البشر، وكل أشكال تفوقهم وأنماط قصورهم، ومن الطبيعي حينئذ أن يكون فيه ما ينفع وما يضر، وما يسوء وما يسر.
المقصود أننا لن نجد في التراث حلولا جاهزة لمشكلاتنا المعاصرة، وتنمية حياتنا الحضرية، وإنما سنجد – في الغالب – أصولا هادية، ومستندات أدبية لجهودنا البنائية والتحديثية.
إن احترامنا للتراث لا ينبغي أن يتجسد في نقله ونشره فحسب، وإنما في توظيفه من جديد، حيث لا ينبغي لنا أن نبحث عن الجذور القديمة، ونرتاح، وإنما علينا أن نفكر في كيفية تغذية تلك الجذور لكي تحقق نموا وازدهارا جديدين.
التجديد والموقف منه: البنية العقلية التي أسسها المنهج الرباني، والتي تمحورت حولها الثقافة الإسلامية فيما بعد، هي بنية منفتحة، تجمع بين الصلابة والمرونة، فالإسلام يحرض على الاجتهاد، وهل هناك أكثر من أن تجعل لمن يجتهد ويخطئ أجرا؟! وهو إلى جانب هذا يذم التقليد والمقلدين الذين يجعلون عقولهم رهينة لعادات ألفوها، أو مسلمات ورثوها عن الآباء والأجداد دون أي مستند من دين أو عقل أو علم.