خاص - بصائر
طرق شتى، تلك التي يستطيع المربِّي أن يسلكها للوصول إلى النَّجاح في العملية التربوية، بيد أنَّ الأهم هو توليد الإرادة اللاَّزمة للنَّجاح والتَّغيير في نفسه وفي الآخرين، فالتربية ما هي إلاَّ تغييرٌ للسلوك، ودائماً ذهب الحكماء إلى القول بأنَّ الفرقَ بين الإنسان الناجح والآخرين هو ليس في نقص القوة، ولا نقص المعرفة، إنَّما يكمن في نقص إرادة التغيير، فالتقدّم والنَّجاح داخل المؤسسة الدعوية يتطَّلب الإيمان الكامل بالقدرة على التغيير، واهتمام المربي بأن يكون التغييرُ الذي يحدثه في نفسه وفي المتربين له أثر دائم.
وأجمع علماءُ التربية الحديثة على أنَّ التربية هي :(إحداث تغيير أو أثر دائم في الشَّيء)، فالتأثر اللَّحظي للمتربِّين الذي يدفعهم لإنجاز عمل ما ليس تغييراً، ولا يندرج تحت مسمَّى التربية، فمثلاً المربِّي الذي يسمع محاضرة حول أهمية التعلم والقراءة والثقافة وأثره البالغ في النَّجاح داخل المؤسسة الدعوية، ويتحمَّس للقراءة، ويندفع لقراءة كتاب ما، ثم لا يلبث أن يعود إلى حالته الطبيعية من عدم القراءة، فلا يمكن أن يتم وصف ذلك بأنه صار شخصاً يهتم بالقراءة والاطلاع، وأنَّه تربَّى على حبِّ الثقافة، وإنَّما النَّجاحُ الحقيقي للتربية هي أن تحدث أثراً دائماً، وأن يتغيَّر الشَّخص بأن تصبح القراءة هي سمته الأصيلة وعادته، وكما قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : ((الخير عادة ...)).]رواه ابن ماجه في سننه وابن حبَّان في صحيحه[. أي: المؤمن الثابت على مقتضى الإيمان والتقوى ينشرح صدره للخير فيصير له عادةً، ذلك لأنَّ الإنسان مجبول على الخير
والمثال الماضي يوضِّح مفهوماً يجب أن يصلَ إلى المربِّي، هو أنَّ هناك فرقاً كبيراً بين التعليم والتربية داخل الصَّف، فهدفُ التعليم هو إيصالُ المعلومة إلى المتربِّي واستيعابه وفهمه لها دون النَّظر إلى تطبيقه لها، أمَّا هدفُ التربية فهو إيصالُ المعلومة مع النَّجاح في تطبيقها والممارسة المستمرة لها حتَّى تنشئ في المتربِّي أثرًا دائمًا ينتج عنه تغيُّر في سلوكه، وبذلك تكون أتت العملية التربوية ثمارها، فتعلم المربي أو المتربي فضيلة خلق من الأخلاق الإسلامية أمر ذو أهمية، وهو من باب المعرفة، أمَّا الأهم هو القدرة على التخلق بتلك الأخلاق، وأن يغيّر الإنسان من سلوكه ويصبح ذلك الخلق ثابتاً من ثوابته، فليس مجرّد أن يعرف الإنسان فضيلة قيام الليل، أنَّه أصبح قوَّاماً، أو فضل الإنفاق، أنَّه أصبح مُنفقاً، ولكنَّ الذي يجعله ذلك هو الممارسة العملية لتلك الفضيلة، وهنا تكمن أهمية التربية الصَّحيحة، والتي التي تهدف إلى تكوين الفرد المسلم الصَّالح المصلح؛ لذلك كان من أهم مهمَّات الرسل: التربية والتزكية؛ {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ}. [الجمعة: 2].
والمربِّي النَّاجح هو القادرُ على إحداث تغيير، فكما أكَّد الحكماءُ أنَّه لا تقدَّم بدون تغيير، والتَّغيير هو قوة خفية تكمن في داخل الإنسان، لو نجح المربي في استثارتها في نفسه وفي المتربين ستخرج مارداً قادراً على النجاح، وتخرج مربِّين ومتربين مبدعين قادة وعلماء، والتَّغيير يبدأ بالنفس فالله تعالى يقول: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11].
إذن، هناك تغيير يجب أن يبدأ من داخل النَّفس، وسوف يؤدِّي ذلك إلى تغيير في الظروف المحيطة، يقول الكاتب الغربي ((ليوتولستوي)): (نعيش في عالم يفكر فيه كلّ الناس في تغيير العالم، لكن لا أحد يفكر في تغيير ذاته).
ويجب أن يعلم المربِّي والفرد بشكل عام أنَّه يملك زمامَ أمره، وقد جعله الله صالحًا للتأخر والتقدّم والفلاح والبوار؛ {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)} ]الشمس:7-10[، والله سبحانه وتعالى يُضلُّ من أضلَّ نفسه وعطَّل مواهبَه وملكاتِه، ولهذا قال تعالى : {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [الأنفال:53].
والتربية الحقيقية القادرة على إصلاح المجتمع هي تكمن في التغيير أفراداً وجماعات، ولذلك يجب تطويع جميع الوسائل لخدمة هذا الأمر، والتغيير المنشود يشمل كيان الإنسان بجسده ونفسه وعقله وقلبه، وهو ما يتطلب بحسب ما جمعه الكاتب الإسلامي مجدي الهلالي في أربعة أمور:
أولاً: تغيير وإصلاح المفاهيم والتصورات في العقول، وإعادة بناء اليقين الصحيح فيها.
ثانياً: إصلاح الإيمان في القلوب وتقوية الإرادة.
ثالثاً: ترويض النفس وجهادها على لزوم الصدق والإخلاص لله عز وجل، مع نكران الذات والتواضع غير المصطنع.
رابعاً: التعود على بذل الجهد في سبيل الله.
وبالعمل على هذه المحاور الأربعة يحدث -بإذن الله- التغيير الحقيقي للفرد، ومن ثمَّ الأمَّة، قال الله تعالى:{ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}. [الرَّعد:11].
طرق شتى، تلك التي يستطيع المربِّي أن يسلكها للوصول إلى النَّجاح في العملية التربوية، بيد أنَّ الأهم هو توليد الإرادة اللاَّزمة للنَّجاح والتَّغيير في نفسه وفي الآخرين، فالتربية ما هي إلاَّ تغييرٌ للسلوك، ودائماً ذهب الحكماء إلى القول بأنَّ الفرقَ بين الإنسان الناجح والآخرين هو ليس في نقص القوة، ولا نقص المعرفة، إنَّما يكمن في نقص إرادة التغيير، فالتقدّم والنَّجاح داخل المؤسسة الدعوية يتطَّلب الإيمان الكامل بالقدرة على التغيير، واهتمام المربي بأن يكون التغييرُ الذي يحدثه في نفسه وفي المتربين له أثر دائم.
وأجمع علماءُ التربية الحديثة على أنَّ التربية هي :(إحداث تغيير أو أثر دائم في الشَّيء)، فالتأثر اللَّحظي للمتربِّين الذي يدفعهم لإنجاز عمل ما ليس تغييراً، ولا يندرج تحت مسمَّى التربية، فمثلاً المربِّي الذي يسمع محاضرة حول أهمية التعلم والقراءة والثقافة وأثره البالغ في النَّجاح داخل المؤسسة الدعوية، ويتحمَّس للقراءة، ويندفع لقراءة كتاب ما، ثم لا يلبث أن يعود إلى حالته الطبيعية من عدم القراءة، فلا يمكن أن يتم وصف ذلك بأنه صار شخصاً يهتم بالقراءة والاطلاع، وأنَّه تربَّى على حبِّ الثقافة، وإنَّما النَّجاحُ الحقيقي للتربية هي أن تحدث أثراً دائماً، وأن يتغيَّر الشَّخص بأن تصبح القراءة هي سمته الأصيلة وعادته، وكما قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : ((الخير عادة ...)).]رواه ابن ماجه في سننه وابن حبَّان في صحيحه[. أي: المؤمن الثابت على مقتضى الإيمان والتقوى ينشرح صدره للخير فيصير له عادةً، ذلك لأنَّ الإنسان مجبول على الخير
والمثال الماضي يوضِّح مفهوماً يجب أن يصلَ إلى المربِّي، هو أنَّ هناك فرقاً كبيراً بين التعليم والتربية داخل الصَّف، فهدفُ التعليم هو إيصالُ المعلومة إلى المتربِّي واستيعابه وفهمه لها دون النَّظر إلى تطبيقه لها، أمَّا هدفُ التربية فهو إيصالُ المعلومة مع النَّجاح في تطبيقها والممارسة المستمرة لها حتَّى تنشئ في المتربِّي أثرًا دائمًا ينتج عنه تغيُّر في سلوكه، وبذلك تكون أتت العملية التربوية ثمارها، فتعلم المربي أو المتربي فضيلة خلق من الأخلاق الإسلامية أمر ذو أهمية، وهو من باب المعرفة، أمَّا الأهم هو القدرة على التخلق بتلك الأخلاق، وأن يغيّر الإنسان من سلوكه ويصبح ذلك الخلق ثابتاً من ثوابته، فليس مجرّد أن يعرف الإنسان فضيلة قيام الليل، أنَّه أصبح قوَّاماً، أو فضل الإنفاق، أنَّه أصبح مُنفقاً، ولكنَّ الذي يجعله ذلك هو الممارسة العملية لتلك الفضيلة، وهنا تكمن أهمية التربية الصَّحيحة، والتي التي تهدف إلى تكوين الفرد المسلم الصَّالح المصلح؛ لذلك كان من أهم مهمَّات الرسل: التربية والتزكية؛ {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ}. [الجمعة: 2].
والمربِّي النَّاجح هو القادرُ على إحداث تغيير، فكما أكَّد الحكماءُ أنَّه لا تقدَّم بدون تغيير، والتَّغيير هو قوة خفية تكمن في داخل الإنسان، لو نجح المربي في استثارتها في نفسه وفي المتربين ستخرج مارداً قادراً على النجاح، وتخرج مربِّين ومتربين مبدعين قادة وعلماء، والتَّغيير يبدأ بالنفس فالله تعالى يقول: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11].
إذن، هناك تغيير يجب أن يبدأ من داخل النَّفس، وسوف يؤدِّي ذلك إلى تغيير في الظروف المحيطة، يقول الكاتب الغربي ((ليوتولستوي)): (نعيش في عالم يفكر فيه كلّ الناس في تغيير العالم، لكن لا أحد يفكر في تغيير ذاته).
ويجب أن يعلم المربِّي والفرد بشكل عام أنَّه يملك زمامَ أمره، وقد جعله الله صالحًا للتأخر والتقدّم والفلاح والبوار؛ {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)} ]الشمس:7-10[، والله سبحانه وتعالى يُضلُّ من أضلَّ نفسه وعطَّل مواهبَه وملكاتِه، ولهذا قال تعالى : {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [الأنفال:53].
والتربية الحقيقية القادرة على إصلاح المجتمع هي تكمن في التغيير أفراداً وجماعات، ولذلك يجب تطويع جميع الوسائل لخدمة هذا الأمر، والتغيير المنشود يشمل كيان الإنسان بجسده ونفسه وعقله وقلبه، وهو ما يتطلب بحسب ما جمعه الكاتب الإسلامي مجدي الهلالي في أربعة أمور:
أولاً: تغيير وإصلاح المفاهيم والتصورات في العقول، وإعادة بناء اليقين الصحيح فيها.
ثانياً: إصلاح الإيمان في القلوب وتقوية الإرادة.
ثالثاً: ترويض النفس وجهادها على لزوم الصدق والإخلاص لله عز وجل، مع نكران الذات والتواضع غير المصطنع.
رابعاً: التعود على بذل الجهد في سبيل الله.
وبالعمل على هذه المحاور الأربعة يحدث -بإذن الله- التغيير الحقيقي للفرد، ومن ثمَّ الأمَّة، قال الله تعالى:{ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}. [الرَّعد:11].