محاولاتٌ عديدة تبذلها المؤسسات الإسلامية في أوروبا لتوعية الشباب المسلم بالمخاطر المُحدِقة بهم، وتحاولُ تسليحهم بما يمكِّنهم من التصدِّي لتلك المخاطر لنشر الصورة الصَّحيحة للإسلام والتصدِّي لمخاطر ((الإسلاموفوبيا)) التي يعمل اللوبي المعادي للإسلام في أوروبا والغرب على نشرها لوقف الانتشار الكبير للإسلام في تلك الدول.
ففي سويسرا مثلاً، بدأ مجلس الشورى الإسلامي السويسري تنظيم أول دورة متخصِّصة في مجال التعامل مع وسائل الإعلام وفنون إدارة الحوار معها، وذلك في إطار برنامجه لتفعيل دور الجالية المسلمة في المجتمع.
وقال عضو رئاسة المجلس والمسؤول عن البرنامج (أوسكار بيرغامين) في تصريحات لوكالة الأنباء الكويتية: إنَّ الهدف من الدورة تدريب الشباب المسلم في سويسرا على كيفية مخاطبة وسائل الإعلام المنحازة ضد الإسلام وتنشر الخوف منه، موضحاً أنَّ الدورة لاقت قَبولاً واضحاً من أبناء الجالية، حتَّى إنَّ الاشتراك فيها اكتمل بعد ساعات من الإعلان عنها، وتتراوح أعمار المشاركين فيها بين 20 و 40 عامًا من الأكاديميين والمهنيين؛ نصفهم من النساء.
وأعرب (بيرغامين)؛ وهو إعلامي سويسري اعتنق الإسلام عن الأسف إزاء تغطية وسائل الإعلام الأوروبية للإسلام بشكل مغرض، وتناولها إيَّاه بصورة غالبا ما تكون مشوبة بكراهية أو خوف من الإسلام، ما يدعو إلى تعلم كيفية التعامل مع تلك الظاهرة.
وقال: (إنَّ الإعلام الغربي يتعاطى مع الإسلام كعنصر غريب، لا يحمل قيّماً مشتركة مع الثقافات الأخرى، ويضعه في مكانة متدنية لصيقة بالهمجية واللاعقلانية والبدائية والمتحيِّزة ضد المرأة)، مشيراً إلى أنَّ هذا العداء للإسلام يستخدم لتبرير الممارسات التمييزية تجاه المسلمين، واستبعادهم من التيَّار الرَّئيس في المجتمعات الأوروبية، ومؤثراً على التعايش السلمي في المجتمعات متعددة الثقافات.
وشدَّد على أنَّ (غياب صوت المسلمين في النقاش الدائر حول الإسلام في سويسرا بعد حظر بناء المآذن، واحتكار وسائل الإعلام بتحديد ما هو الإسلام، وما هو ليس من الإسلام في شيء دون اللجوء إلى مرجعية هي من بين أسباب الإقبال على تلك الدورة).
وأشار إلى أنَّ الدورة تقدِّم كيفية تحليل المادة الإعلامية، والتعليق عليها لإظهار نقائصها وسلبياتها، ما سيقوِّي وجهة النَّظر المسلمة في الدفاع عن قضايا المسلمين، وسيعمل على تغيير الصورة النمطية للإسلام، على أنَّه دين المهاجرين وصغار المجرمين والمستفيدين من الرِّعاية الاجتماعية.
ويرى أنَّ مثل تلك الدورات من شأنها دعم مسلمي سويسرا على بلورة موقف موحِّد في القضايا المتعلِّقة بهم، وتمسّ حياتهم اليومية، لكنَّ الإعلامَ يتناولها بشكل غير صحيح، ويقنع بها الرَّأي العام.
وأكَّد أهمية إدراك الجالية المسلمة لدور التعليق على المواد الإعلامية التي تتناول الإسلام وكيفية كتابة خطابات إلى بريد القرَّاء ومسؤولي التحرير بموضوعية، وكيفية عرض الأخطاء والآراء المتحيّزة والتصورات الخاطئة.
وأشار إلى أنَّ الاحتراف في التعامل مع الإعلام يتطلَّب أيضاً فهم تقنيات إنتاج المادة الإعلامية لتقديم نقد موضوعي، وهو ما تقدّمه تلك الدورة أيضاً، مؤكّدًا أنَّ وسائل الإعلام الغربية تحترم من يدرك تلك الحقائق.
وأكَّد أنَّ الهدف النِّهائي للدورة هو الوصول إلى الحدّ من التمييز ضد المسلمين وتحجيمهم في قالب سلبي، وصولاً إلى إنشاء المحتوى الإعلامي المتوازن عند الحديث عن الإسلام والمسلمين سواء في الغرب أو بشكل عام.