نعم، لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.[آل عمران:26].
لا إله إلاَّ الله الملك الحق قاصم المتكبرين وناصر المستضعفين. {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ}.[القصص:5-6].
لقد جعل الله من آياته التي تتجلى لعباده في كل عصر نصره للمستضعفين في الأرض وكيف يبطش بالمجرمين وينتقم من الظالمين؛ {إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ}.[السجدة:22].
لقد ظلم طاغوت تونس شعبه وبغى، وتجبَّر في الأرض وطغى، وجعل تونس الخضراء سجناً كبيراً، ومأتماً دائماً، يضرب بها المثل في الإجرام بحق المستضعفين، حتَّى فرَّ التونسيون من أرض القيروان إلى كلِّ أرض بدينهم ودمائهم وأعراضهم، بعد أن أمست دماؤهم في تونس مهدورة، وأموالهم مسلوبة، وأعراضهم مخطورة، وصبر من صبر مرابطاً محتسباً، ومنذ ربع قرن والأمة تبكي دموعاً ودماً على القيروان وأهله، وكم بكينا ونحن نسمع أخبار الحرائر وما يجري لهن على يد الطاغية وزبانيته، وكم ضجَّت الحناجر بالدعاء للمستضعفين، والبكاء على الآلاف المضطهدين في السجون، ودماؤهم تسفك، وأعراضهم تهتك، وهم يسامون سوء العذاب على يد طاغوت تونس، وكنا أيامها شباباً في الجامعة لا يربطنا بتونس وشعبها ونحن في أقصى المشرق إلاَّ أخوة الإسلام وأخوة العروبة والدم والرَّحم؛ {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ}.[النساء:1].
حتَّى إذا طال الأمد ويئس المؤمنون، وقنط الصالحون، وظنوا أنه لا فرج إلا بمعجزة أو بموت الطاغية، فإذا الله له بالمرصاد {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ}،[الفجر:14]، وإذا السماء تسخر بالطاغوت وغروره، وتمكر له مكرا أشد من مكره، فإذا محمد البوعزيزي الشاب العاطل عن العمل، اليائس من الحياة في ظل الطاغوت وظلمه وطغيانه، يتلقى آخر صفعة على وجهه من زبانية الطاغية الذي ضيق عليه كسب لقمة عيشه، فإذا تلك الصفعة على خد الشاب الطاهر، تكون هي شرارة الثورة، فقد أحرق البوعزيزي نفسه لتحيا أمة طالما رضيت بالعبودية للطواغيت، وقضى محمد نحبه، ليشرب الطاغوت آخر نخبه، فإذا تونس الخضراء تنتفض غضبا، وإذا أرضها تصبح لهبا، وإذا الحياة تبعث فيها من جديد من نعش البوعزيزي، وإذا روحه تسري في أرواح الشعب العظيم، فإذا هو الزّلازل الذي يهز عرش الطاغية الذي طالما هز جبروته قلوب المستضعفين.
لقد أبى الملك الحق من فوق سبع سماوات أن يدع الطاغوت في غروره وحبوره، وأبى الله إلا أن يخرجه على قومه يتوسل إليهم، ليعلموا أنه بشر مثلهم، ليس له من السلطة عليهم إلا ما منحوه هم له، وليعلموا أن الله هو الملك الحق.
وقد خرج الطاغوت أول مرَّة يعد شعبه بالوظائف، ولم يدرك أنَّ صفعة ذلك الجلاَّد قد قلبت الموازين فلم يعد الموضوعُ موضوعَ عاطل وعامل، بل موضوع كرامة مهدورة، وحرية مسلوبة، ودماء آن أوان القصاص لها.
ثم خرج مرَّة أخرى يتهدّدهم ويتوعدهم ويحذّرهم من الملثمين والمتطرّفين، وظنَّ الطاغوت أنَّ تهديده ووعيده أشدّ على شعبه من صرخة البوعزيزي وهو يحترق بالنار لتصم صرخته آذان الملايين من أحرار تونس، وتهز أسماعهم وقلوبهم.
ثم خرج الطاغية مرَّة ثالثة وهو يتوسل للمستضعفين أن يدعوه إلى سنة 2014م، فقد فهم الدرس، وعقل الأمر، وأدرك الحقيقة؛ {آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ }.[يونس:91].
ونسي الطاغية أنَّ أحرار تونس الخضراء قد فهموا الدرس قبله، وعقلوا الأمر، وعزموا النيَّة على إسقاطه.
لقد كان في وسع الطاغوت أن يخرج من تونس دون أن يتوسل إلى أحد، ودون أن يبلغ حد الإذلال لنفسه كل هذا الإذلال، إلا أن الله الملك الحق الذي قال للمظلوم : ((وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين)) أبى إلاَّ أن يمرِّغ رأسه وكرامته بالذل، وأن يجعله عبرة لكل جبَّار عنيد {وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ }.[إبراهيم:15].
أين أنت يا شين الظالمين حين كانت الحرائر تتوسل أن لا تتعرّض لحجابهن وعفافهن وطهرهن؟
أين أنت يا شين الظالمين حين كان الأبرياء يتوسلون أن يعيشوا في بلدهم آمنين دون أن يعتقلهم زوّار الفجر، ليقتادوهم إلى سجونك وزبانيتك وسياطك ؟
أين أنت أيها الطاغوت عن سماع آهات العجائز، وهن يصرخن على أبنائهن الذين قضوا في سجونك ربع قرن؟
لقد كنت في سكرتك وغرورك وأنت تأخذ جوائز وزراء الداخلية العرب على إنجازاتك القمعية لشعبك، وجوائز القوى الاستعمارية التي جاءت بك، لتجعل من تونس القيروان نموذجاً للكفر والظلم والطغيان.
لقد أردت أن تحارب الإسلام على أرضه، وأن تحرق القرآن في جامع القيروان، وأن تمسخ الإيمان من قلوب أهل الإيمان، فدارت الدائرة عليك، وإذا دعوات المؤمنين في مساجدهم وصلواتهم تسري بالليل وأنت في سكرك، وإذا الله يستجيب لها ((واتق دعوة المظلوم، فإنَّه ليس بينها وبين الله حجاب)).
لقد أراد الله أن يجعلك آية لشعبك {لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً}.[يونس:92]، وللعالم كله، وقضى الله أن يجعل الثورة تخرج من تونس التي كان المحللون يرون أنها أبعد ما تكون عن التغيير بالثورة، وعلى يد الشعب الذي كان المحللون يعتقدون أنه لا حول له ولا قوة، أمام طاغوت العرب وأستاذ طواغيتهم الذي جعل من الدكتاتورية أفضل نموذج للديمقراطية في المنطقة العربية، فالأحزاب موجودة، والبرلمان قائم، والدستور محترم، والطاغوت يحكم، والسجون تغص بآلاف المظلومين.
لقد فرح العرب من الخليج إلى المحيط، والمسلمون من ورائهم، فرحاً لم يفرحوا مثله منذ أن سقطت بغداد تحت الاحتلال، وبكوا اليوم فرحاً على تحرّر تونس، كما بكوا حزناً على سقوط بغداد!
هنيئاً لشعب تونس العظيم هذه الثورة المجيدة، وهذا النَّصر العظيم.
وهنيئاً للأمَّة هذا النَّصر وهذه الثورة التي ستكون فاتحة التغيير والإصلاح.
وهنيئاً للعرب من المحيط إلى الخليج هذا الحدث العظيم، الذي أثبت أن الأمة تمرض ولا تموت، وأنَّ ما حصل في تونس يمكن أن يحدث في كلِّ بلد عربي يحكمه الطَّاغوت.
{فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ}.[إبراهيم:13].
الحمد لله الذي أشفى غيظ قلوبنا، وقصم عدونا، وأعاد كرامتنا.
ولقصة الثورة بقية...
لا إله إلاَّ الله الملك الحق قاصم المتكبرين وناصر المستضعفين. {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ}.[القصص:5-6].
لقد جعل الله من آياته التي تتجلى لعباده في كل عصر نصره للمستضعفين في الأرض وكيف يبطش بالمجرمين وينتقم من الظالمين؛ {إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ}.[السجدة:22].
لقد ظلم طاغوت تونس شعبه وبغى، وتجبَّر في الأرض وطغى، وجعل تونس الخضراء سجناً كبيراً، ومأتماً دائماً، يضرب بها المثل في الإجرام بحق المستضعفين، حتَّى فرَّ التونسيون من أرض القيروان إلى كلِّ أرض بدينهم ودمائهم وأعراضهم، بعد أن أمست دماؤهم في تونس مهدورة، وأموالهم مسلوبة، وأعراضهم مخطورة، وصبر من صبر مرابطاً محتسباً، ومنذ ربع قرن والأمة تبكي دموعاً ودماً على القيروان وأهله، وكم بكينا ونحن نسمع أخبار الحرائر وما يجري لهن على يد الطاغية وزبانيته، وكم ضجَّت الحناجر بالدعاء للمستضعفين، والبكاء على الآلاف المضطهدين في السجون، ودماؤهم تسفك، وأعراضهم تهتك، وهم يسامون سوء العذاب على يد طاغوت تونس، وكنا أيامها شباباً في الجامعة لا يربطنا بتونس وشعبها ونحن في أقصى المشرق إلاَّ أخوة الإسلام وأخوة العروبة والدم والرَّحم؛ {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ}.[النساء:1].
حتَّى إذا طال الأمد ويئس المؤمنون، وقنط الصالحون، وظنوا أنه لا فرج إلا بمعجزة أو بموت الطاغية، فإذا الله له بالمرصاد {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ}،[الفجر:14]، وإذا السماء تسخر بالطاغوت وغروره، وتمكر له مكرا أشد من مكره، فإذا محمد البوعزيزي الشاب العاطل عن العمل، اليائس من الحياة في ظل الطاغوت وظلمه وطغيانه، يتلقى آخر صفعة على وجهه من زبانية الطاغية الذي ضيق عليه كسب لقمة عيشه، فإذا تلك الصفعة على خد الشاب الطاهر، تكون هي شرارة الثورة، فقد أحرق البوعزيزي نفسه لتحيا أمة طالما رضيت بالعبودية للطواغيت، وقضى محمد نحبه، ليشرب الطاغوت آخر نخبه، فإذا تونس الخضراء تنتفض غضبا، وإذا أرضها تصبح لهبا، وإذا الحياة تبعث فيها من جديد من نعش البوعزيزي، وإذا روحه تسري في أرواح الشعب العظيم، فإذا هو الزّلازل الذي يهز عرش الطاغية الذي طالما هز جبروته قلوب المستضعفين.
لقد أبى الملك الحق من فوق سبع سماوات أن يدع الطاغوت في غروره وحبوره، وأبى الله إلا أن يخرجه على قومه يتوسل إليهم، ليعلموا أنه بشر مثلهم، ليس له من السلطة عليهم إلا ما منحوه هم له، وليعلموا أن الله هو الملك الحق.
وقد خرج الطاغوت أول مرَّة يعد شعبه بالوظائف، ولم يدرك أنَّ صفعة ذلك الجلاَّد قد قلبت الموازين فلم يعد الموضوعُ موضوعَ عاطل وعامل، بل موضوع كرامة مهدورة، وحرية مسلوبة، ودماء آن أوان القصاص لها.
ثم خرج مرَّة أخرى يتهدّدهم ويتوعدهم ويحذّرهم من الملثمين والمتطرّفين، وظنَّ الطاغوت أنَّ تهديده ووعيده أشدّ على شعبه من صرخة البوعزيزي وهو يحترق بالنار لتصم صرخته آذان الملايين من أحرار تونس، وتهز أسماعهم وقلوبهم.
ثم خرج الطاغية مرَّة ثالثة وهو يتوسل للمستضعفين أن يدعوه إلى سنة 2014م، فقد فهم الدرس، وعقل الأمر، وأدرك الحقيقة؛ {آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ }.[يونس:91].
ونسي الطاغية أنَّ أحرار تونس الخضراء قد فهموا الدرس قبله، وعقلوا الأمر، وعزموا النيَّة على إسقاطه.
لقد كان في وسع الطاغوت أن يخرج من تونس دون أن يتوسل إلى أحد، ودون أن يبلغ حد الإذلال لنفسه كل هذا الإذلال، إلا أن الله الملك الحق الذي قال للمظلوم : ((وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين)) أبى إلاَّ أن يمرِّغ رأسه وكرامته بالذل، وأن يجعله عبرة لكل جبَّار عنيد {وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ }.[إبراهيم:15].
أين أنت يا شين الظالمين حين كانت الحرائر تتوسل أن لا تتعرّض لحجابهن وعفافهن وطهرهن؟
أين أنت يا شين الظالمين حين كان الأبرياء يتوسلون أن يعيشوا في بلدهم آمنين دون أن يعتقلهم زوّار الفجر، ليقتادوهم إلى سجونك وزبانيتك وسياطك ؟
أين أنت أيها الطاغوت عن سماع آهات العجائز، وهن يصرخن على أبنائهن الذين قضوا في سجونك ربع قرن؟
لقد كنت في سكرتك وغرورك وأنت تأخذ جوائز وزراء الداخلية العرب على إنجازاتك القمعية لشعبك، وجوائز القوى الاستعمارية التي جاءت بك، لتجعل من تونس القيروان نموذجاً للكفر والظلم والطغيان.
لقد أردت أن تحارب الإسلام على أرضه، وأن تحرق القرآن في جامع القيروان، وأن تمسخ الإيمان من قلوب أهل الإيمان، فدارت الدائرة عليك، وإذا دعوات المؤمنين في مساجدهم وصلواتهم تسري بالليل وأنت في سكرك، وإذا الله يستجيب لها ((واتق دعوة المظلوم، فإنَّه ليس بينها وبين الله حجاب)).
لقد أراد الله أن يجعلك آية لشعبك {لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً}.[يونس:92]، وللعالم كله، وقضى الله أن يجعل الثورة تخرج من تونس التي كان المحللون يرون أنها أبعد ما تكون عن التغيير بالثورة، وعلى يد الشعب الذي كان المحللون يعتقدون أنه لا حول له ولا قوة، أمام طاغوت العرب وأستاذ طواغيتهم الذي جعل من الدكتاتورية أفضل نموذج للديمقراطية في المنطقة العربية، فالأحزاب موجودة، والبرلمان قائم، والدستور محترم، والطاغوت يحكم، والسجون تغص بآلاف المظلومين.
لقد فرح العرب من الخليج إلى المحيط، والمسلمون من ورائهم، فرحاً لم يفرحوا مثله منذ أن سقطت بغداد تحت الاحتلال، وبكوا اليوم فرحاً على تحرّر تونس، كما بكوا حزناً على سقوط بغداد!
هنيئاً لشعب تونس العظيم هذه الثورة المجيدة، وهذا النَّصر العظيم.
وهنيئاً للأمَّة هذا النَّصر وهذه الثورة التي ستكون فاتحة التغيير والإصلاح.
وهنيئاً للعرب من المحيط إلى الخليج هذا الحدث العظيم، الذي أثبت أن الأمة تمرض ولا تموت، وأنَّ ما حصل في تونس يمكن أن يحدث في كلِّ بلد عربي يحكمه الطَّاغوت.
{فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ}.[إبراهيم:13].
الحمد لله الذي أشفى غيظ قلوبنا، وقصم عدونا، وأعاد كرامتنا.
ولقصة الثورة بقية...