إلى الزَّوج الذي بحث في زوجته منذ البداية عن أكثر من العيون الملوّنة والشعر الأشقر والقد المياس.
إلى الزَّوج الذي دفع المهر بمحبَّة، وليس (مكره أخاك لا بطل)، لزوجة أحسن اختيارها فلم تحمله أكثر من طاقته.
إلى الزَّوج الذي أخذ زوجته معزّزة مكرّمة من بيت أهلها، فأراها من المحبَّة والعطف ألواناً لم تعرفها في بيت أبيها، لأنَّ الزوجة التي تترك أمها وأباها وإخوتها لتتبع زوجها تستحق أن ترى فيه عطف الأم ورأفة الأب وعضد الأخوة ووفاء الأصدقاء.
إلى الزَّوج الذي نصّب زوجته ملكة في بيتها، و لم (يقطع لها رأس القط) من أول يوم، أو يعرّفها مَن (سي السيد)، فاستحق أن تعامله زوجته كشهريار بحب وعذوبة مستمرين لا يقطعهما صياح الديك ولا طلوع الصباح.
إلى الزَّوج الذي أكل المحروق والمالح والمخبوص بابتسامة وشكر وتحمل، فقابلت زوجته إحسانه بإحسان أكبر، واستحق أن تصبح لأجله الشيف أسامة ورمزي وأبله نظيرة ومنال العالم، وتخترع ما لم يُكتب في ألف باء الطبخ.
إلى الزَّوج الذي لم يقطع زوجته من شجرة عائلتها، بل وصل العائلات ببعضها وكان معينا لها على بر أهلها
إلى الزَّوج الذي حرص أن ترتقي زوجته بطموحاتها وعلمها وثقافتها، وافتخر بنجاحها وإنجازها، ولم يحصرها في البيت ومع الأولاد فقط.
ما زلنا نؤمن أنَّ حياة سيّد الأزواج محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم، الأكثر حباً وعطفاً وتسامحاً وتربيةً، قابلة للتطبيق ممَّا يجعل طموحاتنا كزوجات عالية تأبى أن ترضى بالقليل والمتاح
إلى الزَّوج الذي حرص أن يقضي وقتا نوعياً مع زوجته، يشاطرها فيه اهتماما أو يعمل معها على مشروع، يقرءان فيه سويا، يفكران سويا، يناقشان شيئاً غير حال البيت والأولاد و الأهل.
إلى الزَّوج الذي ما زال يعامل زوجته بمشاعر الخطيب العاشق، ويسمعها كلمة "أحبك" ويقولها وهو ينظر في عينيها ويستشعرها ولو مرَّة في الشهر، فقد قال الفضيل بن الربيع: "احلف لأخيك أنك تحبه، واجتهد في تثبيت ذلك عنده؛ فإنه يستجد لك حباً، ويزداد لك وداً" . فكيف بالزوجة وهي الأولى بذلك، ويتصل بها من العمل لا ليسألها عن قائمة المشتريات والحاجيات، وإنما ليخبرها أنه اشتاق لها.
إلى الزَّوج الذي لم تنجب زوجته فلم يطلقها أو يتزوج عليها، وإن كان الحق والشَّرع والطبيعة في صفّه، لم يكسر قلبها وخاطرها، و لم ينسَ الحب والعشرة والخبز والملح، والإنسانة التي وقفت معه، و لم تكن لتتركه لو كان عقيماً.
إلى الزَّوج الذي ما زال يذكر المناسبات والذكريات الزوجية دون أن يذكره أحد، ويحتفي بها ولو بكلمة أو نظرة.
إلى الزَّوج الذي لم ينس دوره كزوج وأب في العائلة، لا مجرّد معيل وجيب مفتوح أو مخزوق.
إلى الزَّوج الذي يتخاصم مع زوجته أول النهار، فيحرص أن لا يأتي الليل إلاَّ و قد أرضاها، ووسدها كتفه لتنام عليه قريرة العين مجبورة الخاطر، الزَّوج الذي يعلم ويتبع ما جاء في الأثر أنَّ "ما عُبد الله في الأرض بأفضل من جبر الخواطر".
إلى الزَّوج الذي ما زال يشكر أمَّ العيال على كلِّ أكلة هنية وهِدمة مكوية وأولاد خلوقين.
إلى الزَّوج الذي يدخل المطبخ مرَّة في السنة فيقف بجانب زوجته كتفاً إلى كتف أمام المجلى، قد يكسر ويوسخ أكثر ممَّا ينظف، ولكنها طريقته العملية ليقول لزوجته: شكراً أنا معك وأقدر ما تفعلين يا ست الكل، وإذا دخل المطبخ مرَّة بالخطأ أعدّ لها كوبَ شاي، ولو كان بلا طعم ولا لون ولا رائحة، فمن يده سيكون أحلى و أطعم ما شربت الزوجة.
إلى كلِّ هؤلاء الأزواج: نادرون أنتم كنُدرة الألماس، ولكن النساء ما زلن يؤمنّ بأنكم موجودون ولو بقلة، إيماناً يجعلهن يجتهدن في الدّعاء بالزَّوج الصالح، ويضحين بالكثير من أجله.
ما زلن يؤمنّ أنَّ الأزواج قابلون للتحسن، إذا وجدت النية والعزم، وهذا الإيمان يجعلهن يصبرن على المرارة والمشاكل أملاً في حياة أفضل.
ما زلن يؤمنّ أنَّ الخير باقٍ في النَّاس، وأنَّ ظاهر الإيمان والخُلق ينطوي على باطن بنفس الجمال، هذا الإيمان هو ما يجعلنا كأمهات نستأمن الأزواج على بناتنا وحبات عيوننا وقلوبنا.
ما زلنا نؤمن أنَّ حياة سيّد الأزواج محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم، الأكثر حباً وعطفاً وتسامحاً وتربيةً، قابلة للتطبيق ممَّا يجعل طموحاتنا كزوجات عالية تأبى أن ترضى بالقليل والمتاح.
إلى كلِّ هؤلاء الأزواج: نعلم أنَّكم قلة في العدد وندعو بأن تصبحوا كثرة في الفعل والعدد.
إليكم جميعاً: يا مَنْ تجعلون الزَّواج آيةً في المودة والرَّحمة والسكن تحية إجلال.
بقلم د.ديمة طارق طهبوب