اقتل الكلام بالعمل – بقلم د.عائض القرني

الرئيسية » حصاد الفكر » اقتل الكلام بالعمل – بقلم د.عائض القرني
alt
اترك أعمالك تتحدَّث عنك واسكت أنت، فلا تلقِ خطباً تتحدَّث فيها عن إنجازك وتفوّقك وجميل سيرتك، فتبتلى بمكذبٍ وحاسد، وتكون عرضة للسخرية والازدراء، ولكن قدِّم علماً حسناً جميلاً بدعياً يسر الناظرين، وأعطِ مثلاً حيّاً من الأخلاق والسيرة الحسنة والسَّجايا الحميدة، فهي أعظم شهادة على عظمتك وسموك وعلو منـزلتك.

إنَّ الفاشلين أكثر النَّاس أقوالاً وأقلهم أعمالاً، فهم يتحدَّثون عن أعمال وهمية وعن منجزات خيالية ليكسبوا رضا النَّاس وإعجابهم فما يزدادون إلاَّ مقتاً، وليتهم اكتفوا بذلك، بل زادوا الطين بلَّة، فنشروا الأراجيف والشائعات واستهلكوا أوقاتهم في كثرة الكلام، وتركوا (العمل)، ولم يقدّموا للأمَّة سوى (الكلام)، لكن النَّاجحون يقدِّمون من النتائج الباهرة الرائعة ما يلفت الأنظار، ويخطف الأضواء، ويدهش العقول.

إنَّ أخطر حالات الذّهن يوم يفرّغ صاحبه من العمل فيكون كالسيارة المسرعة في انحدار بلا سائق؛ تجنح ذات اليمين وذات الشمال، ثم تهوي إلى الأسفل!، فانتبه –أخي القارئ- ودعك من كثرة الكلام بلا طائل، واقض على أوقات الفراغ التي يحلو فيها القيل والقال، ويعذب فيها الاسترخاء، وهيّئ نفسك للقيام بأعمال مثمرة، بدلاً من إرهاق حبالك الصوتية بالكلام، وتعذيب نفسك بتتبع عورات الناس..

قم الآن صلِّ، أو اقرأ، أو سبِّح، أو طالع، أو اكتب، أو رتّب مكتبتك، أو أصلح بيتك، أو انفع غيرك حتَّى تقضي على الفراغ، واقتل الكلام بالعمل.

إنَّ الحياة لا تعترف باللابثين في أماكنهم، القابعين في ثكناتهم، لكنَّها ترحِّب بالعالمين العاملين، الصَّاعدين سلَّم المجد درجة درجة، الذين يؤدُّون رسالتهم في الحياة، ويلبُّون مراد النشأة الأولى، والمطلب الحق، ويجيبون على سؤال فاطرهم: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} ؟!..[القيامة:36].
وإذاً، فاصمت واعمل واسكت وابذل، فسوف تجد من أصحاب الضَّمائر الحيَّة من يدعو لك، ويثني عليك، ويشيد بأعمالك الجليلة وخصالك النبيلة، والنَّاس شهداء الله في أرضه، وقل لكلِّ حاسد: الجواب ما تراه دون ما تسمعه !..

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

واليائس إذا سلك سبيل الأنبياء!

كاتبني أحدُ المكلومين: "ألا ترى أنّك تكتب عن الثبات وتباشير النصر، بينما لا يجد أحدنا …