إنـّه شعب بأسره يزحف لنيل حقوقه، وبكلّ فخـر واعتزاز، يسمّى الذين سقطوا في طريق ثورتـه شهـداء ..
الحمد لله الذي أفسد على الغرب المتصهين فرحته بتقسيم السودان، بما أصلح من أحوال أمتنا في تونس، ومصر، و{ إنّ الله بالغ أمره}.
إنَّ أعظـم إنجاز للثورة المصرية، إشاعة ثقافة جديدة على المشهـد العربي بأسره، أحسبها ستقود المرحلة القادمة من نهضة الأمّـة، وقـد صارت هذه الثقافة الجديـدة بمثابة إعـلان فوق كلِّ باب أسـرة من أمّـتنا، وشارة على صدر كـلِّ رجل، وامرأة، كبي، وصغيـر.
إنها ثقافـة: إنَّ الكرامة أوّلا، وتحرير الشعوب من الطغيان ولو بثـورة الدمـاء غاية عظمى، وإعادة السلطة إلى الأمـّة، ورفض حيـاة الإذعـان للاستبداد هدف أسـمى.
لقد أخـذ الشعب المصري يكـرِّر هذا الدرس كلَّ يوم، ثـم يعيده درساً خصوصياً مجانيـّاً في كلِّ بيت من بيوت الأمـّة، وقـد خـَطَّ حروفه بدمائه، ورسـم لوحـته بتضحيـات نظر إليها التاريخ ، فأحنـى لها جبهـته تقديراً وإعجـابـا
نعم، إنّ ما يجري هذه الأيام، ما هو إلاّ دروس تلقيها مصر أقدم حضارة في التاريخ ، وعلى الهـواء مباشـرة على العالـم، حيث يجلس في الصفوف الأولى في مدرستها الشعوب العربية، ثـمَّ الشعوب الإسلامية ، ثم شعوب العالم أجمـع .
وهذا هو برنامج مدرستها العظيمة :
أولاً.. طابور الصباح .. الهتاف : تحيا الشعوب الحرّة ، يحيا العدل ، تحيا الكرامة ، يسقط الطغاة ، تسقط الأنظمة المستبدة .
ثانياً.. نشيد الطابور :
إنّا لمَـنْ مصرَ الأبيّة، لن يرَى ** منّا الطغاةُ سوى الصوارمِ والقنا
أَوَ ما أُمرْنا في شَريعةِ ربِّنــا ** بالسَّيفِ نضْربُ من يجورُ ليذْعنا
تبّا لمن يرضى المهانةَ خانِعــاً ** للظَّالمـينَ الخائنيـنَ الموْطنــا
ثالثاً .. الحصّة الأولى : درس في أنَّه لا قيمة للشعب، إن رضي بالذلّ للطغاة ، ولا يستحقّ الحيـاة، ولا ميزة له عن القطعان السائمة، ولا فرق بينه وبين البهائــم .
وأنَّ الشعوب الحـرّة أقـوى من الطغيـان بإذن الله تعالى، وفي هذه الحصـّة تعلـّم مصـر، أنَّ الشعوب قادرة على أن تصنع أروع أحداث التاريخ إذا تخلَّصت من قيود الـرقِّ، وأنها مهما طال عليها أمـد الاستبداد، فستبقى جذوة عشـق الحرية متّقدة فيها، ومع أول نسمة من رياح التغيير ستشتعـل، فتثور، لتحول عهود الاستبداد هشيـما تذروه الريـاح.
وفي أثنـاء هذا الدرس تعلّـم مصـر العالم كيف أنّ الشعوب قادرة أيضاً على أن تأخذ زمام المبادرة بنفسها ، فتصنع الأحداث العالمية ، لتترك ردّات الفعل على غيرهـا، وتجبـر حتّى القوى العظمـى كأمريكا على أن تجري خلفها لاهثة خائفة مما ستصنعه ، وبذلك تسقط ذلك الوهـم الذي يسيطر على روع الشعوب العربيـّة، أن الغرب هو المهيمن على كلِّ شيء، الذي لا يمكن لأحد أن يتجاوز إرادتـه !
وتختم مصر هذا الدرس بأن لا يمكن فهمـه إلاّ عمليـَّا، وتأملوا كيف أنَّ كلَّ تلك المؤلفات، والخطب، والتنظيـرات، لم تفعل ما فعلته الثورة التونسية من إشعال جذوة الشعـوب في أيـّام معدودات .
رابعاً .. الحصّة الثانية : درس في أنّ عروش الطغاة هشّـة كبيت العنكبوت ، ما أن يأذن الله تعالى للشعب ليتحرَّك بروح الثورة العاصفـة ،حتى يفاجأ الناس بأنَّ تلك الأنظمة لم تـكن سوى نمـورٍ من ورق ، إنمـا تقتات على تخويف الشعوب ، وإرهابها فحسـب ، زاعمـة أنهـا تستطيع أن تسحق من أمامها في لمح البصر ، حتَّى إذا جاء إعصار الحق ، تهاوت عروشها متحطمـّة ، كأمس الذاهب .
سكت الدهـر زمانا عنهـم ** ثـمَّ أبكاهـم دمـاً حين نطـق
وتأمّلـوا كيف أنّ نظام الطاغية اللامبارك أرتبك بأسرع مما توقع جميع المراقبين ، وتعطّلت أجهزة نظامـه كلمحِ البصـر، وأخذ يتخبـّط كالأعمـى لا يدري أين المخرج، واستطاعت الجماهير الغاضبة أن تضطرُّه إلى مضايق بـدا فيها كالفأر المذعـور يسرع خطا الهرب متراجعا فلا يبصر الطريـق، حتى أخذت الجماهير، تلاحقـه وتشير إليه نحـو مخـرج الفــرار !
وسبحان الذي أتاه من حيث لم يحتسب ! فقد كانوا يراقبون اللِّحى، ويلاحقون المنقبات، ويعذِّبون المصلّين، ويضيِّقون على هؤلاء بكلِّ سبيل، خوفاً من أن يأتي الأمر منهم، فخرج عليهم من شباب مصر، من حيث لا يشعرون، من ليس لهم ملفات أمن، ولا يُعرف من أين أتـوا ! فخرجت في إثرهم الأمواج البشرية، رافضة الطغيان، حتى زلزلوا الأرض تحت نظام الطاغية، فسبحان الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو العزيز العليـم .
خامساً .. الحصّة الثالثة : درس في خباثة الغرب ، وخبث نواياه ، وكذب دعاواه ، ونفاق خطابه، فهاهو لم ينطق ببنت شفة في شجب ما كانَ يصنعه النظام من جرائم طيلة أكثـر من ثلاثة عقـود ، جرائم تعجز الكلمات عن وصف بشاعتها، وتتأبّى الحروف أن تجتمع لتكتب نعتها من شناعتها ،وقد ذكرنا طرفا منها في البيان الذي نشرناه عشية الثورة المصرية، ورأى العالم أجمـع سـوء جرائمه عندما كانت مدرّعاته تدهس المتظاهرين سلميّا في هذه الثـورة العظيـمة، ويقذف الماء الحار على المصلّين وهم في صلاتهـم خاشعـون، ويطلق رصاص القنّاصة على الشعب الأعـزل، ويقتـل الأبرياء بغيـر حـقّ، وما هذا سوى اليسير جـداً من فظائع كانت ترتكب طيلة فترة الطوارئ الذي امتدت ثلاثة عقـود، تُغتصـب فيها الأعراض، وتُسفك الدماء، وتُعـذب الأجسـاد أشـدّ التعذيب، وتـُذلّ النفوس، وتُسرق الأمـوال، وتصادر الحقــوق .
ثم لما انتفضت الجماهير المظلومة تطلب خلاصها ، جاء الغرب يتنصّل مما هو عـار يلوح على جبينه ، لا يمكنه إخفاؤه ، لا تمحوه الدهور، ولا تغسله البحـور .
والحقيقة أنّ التغيير في مصر جاء من حيث لم يحتسـبوا أيضاً، ولهذا هرعوا خائفين على نظام لا يحمي المشروع الصليبي الاستعماري الصهيوني في المنطقـة العربية إلاّ هـو، ولا يعتمـد الغرب أكثـر من اعتماده عليه في تمريـر مخططاته .
وهم يعلمون أنَّه إن سقط هذا النظام، ومُنحـت مصر حرية الاختيار، سيقرر الشعب المصري أن يضطلع بدوره القياديّ في الأمّـة، فتسقط معاهدة السلام المصرية الصهيونية، ويصبح غاز مصر، وثروة مصر لشعبها، وخبزهـا من أرضها، وسترجع مصر دولة إقليمية لا يجرؤ أحـد أن يقف في وجهـها .ولهذا السبب وحده ، سيحاولون إنقاذ هذا النظام، و والله الذي لا إله إلا هو، لولا أنّ ما يجري في مصر مرئيُّ جـدا في العالم، لسمحوا للنّظام المصري أن يبيد الشعب المصـري، ولا تتغيـّر السياسة المصرية القائمة على إرضاء الحلف الصهيوغربي. ولكن نسأل الله تعالى أن يخيـّب ظنونهـم، ويردَّهم على إعقابهم خاسرين.
سادسا .. الحصّة الرابعة : درس في أنَّ التغيير للإطاحة بالمستبدِّين ، يبدأ من كسر حاجز الخـوف ، وأنّه ما إن ينكسر حتَّى يتبين كم كان ذلك أيسـر مما تهوَّلته النفوس، ثـم إنه إذا انكسر فلا تسل بعد ذلك عما يمكن تحقيقه من الإنجازات السياسية السامية ، والأهداف الحضارية العالية .وهو لا ينكسر إلاّ مع التضحيات، ولكنها ما أن تبذل، وتسقط أولُ قطرة دم على أرض الثورة، حتى تتحـول إلى مفاخر يتسابق إليها المتسابقون، وشرف يسارع فيه المسارعـون، ولـذّة غامرة يلتـذّ بها المضحُّـون .
سابعاً .. الحصّة الخامسة : درس في أنَّ التغيــير للإصلاح يبدأ ببث الوعي السياسي السليم، بأنّ الأمـّة هي صاحبة السلطة ، وهي معقد الحكم ، وهي صاحبة القرار النهائي في مصيرهـا .وإزالة ما على عقول الشعوب من الأغطية التي يضعها الطغاة ، ويجددها علماء السوء ، بأنّ مقاليد أموركم كلَّها بيد الطاغيـة ومن يسبّح بحمده ، وإنما أنتم عبيدٌ له !
كما يبـدأ بتعليمهم أنهم هم السلطة الحقيقية، وأنهم هم الوطـن، وهم الدولة، وهم النظـام، وأنهـم هم وحدهـم الذين يحدّدون خيارهـم السياسي كلَّه، وأنه ليس ثمـة مخـلوق، له الحـقّ أن يسلب إرادتهـم الحرّة، في اختيار من يوكّلونه سلطة خادمـةً لمصالحهم، حارسـةً على حقوقهم، ثم محاسبتها على عجزها عن الكفايـة، فعزلها عن منصب الولاية.
ثامناً .. الحصّة السادسة : درسٌ في ضرورة الاستفادة من وسائل العصر، وآخـر ما توصلت إليه البشريـّة من ثقافة التطويـر السياسيّ التي تنال بها حريتها، وتنتزع حقوقها، وتفرض الضمانات التي تحـول بين الأمّة وأن تقع فريسة للطغيان .
وأهم هذه الوسائل هو الإعلام، فقد تبيّن بوضوح، أنَّ الإعلام هو السلاح الأمضى في إحداث التغيير في تونس، ومصر .
وأنّ قناة فضائية واحدة هي قناة الجزيرة _ تتمتـّع بقدر كبير من الحرية _ عملت ما عجـز عن فعله ملايين الخطباء، فنقلت الثورتين التونسية، و المصرية، نقلات سريعة في عدَّة أيام من درجة إلى أرقى، تنيـر لها الطريق، وتدلهُّـا على فخاخ الطغيان، وتحذّرها من شِراكـِه، وتجمع جهود الثورتين، وتركزهما نحـو الهدف حتى استقرتا على الجوديّ، وهو إسقاط الطغيان، وتحطيم أغلالـه. هذه قناة عربية واحـدة ، فكيف لو كانت كلّ قنواتـنا الإعلاميّة حـرَّة ؟!!
تاسـعاً .. الحصّة السابـعة : درس في أنّ المشاريع الحضارية الكبرى، لا ترتقي إلى أهدافها إلاّ على _ بالإضافة إلى ما في الحصة السادسة _ سلَّم سياسة المراحـل، وفي مدرج إرادة الشعوب، ولهذا فشلت كلّ مشاريع التغيير التي فقدت أحد هذين، فانتهت المشاريع التي لم تقنع الجماهير إلى العزلـة ، واستقرت مشاريع التوثـُّب المستعجـل ، والحماس المتعجـّل، إلى المحرقـة .
وقد كتبت في عدة مواضـع ، وفتاوى سابقة ، محذّرا من مشاريع التغيير السياسي التي تفتقد لمقوّمات النجاح منتهجةً العنـف، وأنها في حيـّز المحرمات في شريعتنا، إذ هي تعقب كوارث على المشروع الإسلامي، طالما أرجعته القهقرى، فأضاع من المكاسب ما لا يحصى عدده،
على العكس تماماً من التغيير الذي تتبنّـاه وتقوده الشعـوب، وتندمج معها النّخـب، وتمتـزج بتطلُّعـات الجماهيـر .
فإن كانت هذه الجماهير مسلمة، فإنَّ نجاح ثورتها العامـة التي لا تحسب على حزبٍ بعينـه، إن لم يدفع بالمشروع الإسلامي إلى المقدمة، فلن يُعدم منه هذا المشروع المبارك خيراً، مع هذا التطوُّر السريع الذي تفجر فيه وعي الشعوب بحقوقها، وضعفت السيطرة عليها.
لن يُعدم خيراً حتى لو نقلهم من الأسوأ إلى السيئ فـي أقـلّ تقديـر، مع أنَّ النقلة لن تكون بهذه الصورة السوداء إن شاء الله، في ظلّ ما يُنتشر في العالم من مناخ الحريات التي بعثتها ثورة الاتصالات والمعلومات، فالحرية التي تطلقها هذه المشاريع وحدها كفيلة بأن تقفز بالمشروع الإسلامي خطوات، إن لم توصله إلى المقدمـة، كما ذكرنـا .
وقديمـا كنـّا نقـرأ، ونحن صغار، ما قاله جلال العالم في ذلك الكتاب البديع ( قادة الغرب يقولون : دمـّروا الإسلام ، أبيدوا أهله)، عندما كان الفكر الإسلامي نقيـَّا من جرثومـة الانبطاح لمن يسمُّونهم ( ولاة الأمور)، بريئا من لوثـة مشايخ (الملاحق الدينية للاستخبارات)، الذين أفسدوا الدين، والعلم، والغيرة الإسلامية .
كنا نقرأ ما نقله عن المستشرق الأمريكي و.ك. سميث: (إذا أعطي المسلمون الحريّة في العالم الإسلامي.. وعاشوا في ظلّ هذه الأنظمـة، فإنَّ الإسلام ينتصر في هذه البلاد، وبالدكتاتوريات وحدها يمكن الحيلولة بين الشعـوب الإسلامية ودينها) .
وبعد انتهاء الحصص السبع، خرجت الشعوب العربية من مدرسة مصـر العظيمـة، تبني لها صروح التغيير، وتشقُّ طريق الخلاص من الطغاة، وتنشـر أجواء الإصـلاح .
لتبعث هذه الأمّة من جديد، أمـةً تكفـر بالطغـاة، وتدين لله تعالى وحده بالعبودية، أمـّة أبيـّة على الطغـيان، تختار من يحكمها بإرادتها الحـرّة، وترسم علاقتها بغيـرها وفق مصالحها هـي، وتبعث رسالتها الحضاريـّة، التي تقوم على { كنتم خير أمّة أخرجت للناس} .{ وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين }. { إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكـر والبغي}.
وبعـد : فإنَّ الشَّعب المصري البطل، في هذه الثورة العظيمة، لم يدّخـر شيئا تضحّي به الشعوب الحيـّة، إلاّ وقد بذله رخيصا في سبيل خلاص أمـّته .
لأنه يعلم قدر مـا أُلـقي على عاتقه ويقـدِّر عظـم المكانة التي يتبوأ بهـا في العالم العربيّ، وفي الأمّة الإسلاميّة، وأنه إن نهض نهضـت الأمّة معه، وإن تقاعس فعليه تقع المسؤولية العُظمـى.
وقد أعطى دروسه بإخلاص، وصدق، وتفانٍ، يندر مثله في التاريخ، وقدم دماءه، وأجسـاد أبنائه، وجازف بكلِّ ما يملك .
من أجـل أن يضع أمّتـه على سبيل النهضة الشامـلة ..
وأما ما يحدث في المستقبل، وما تحمله الأيـام، فعلمه عند ربي في كتاب، لا يضلّ ربي و لا ينسى .
و لا ريب أنّ ثمة خططاً بالغة المكر تعـد لإجهاض الثورة، وسرقة جهودها، وتحويـر أهدافها، وتخريـب مشروعها .
لكن هذا لا يمنع أنَّ الشعب المصري قد أدى الذي عليه ، وقام بمـا أُوكل إليه ، غيـر هـيّاب ، ولا وجـل ، فأستحق ما قلناه.
فيا أيتها الشُّعـوب قفوا جميعا اليوم فحيـُّوا هذا الشعب الخارق .
ثم امضـوا إلى مثـل ما مضـى فيه ..
ثـم ..أخـتم هذا المقال بتوقــُّع ، ونـداء..
أمَّا التوقع _ والله أعلـم _ فهو أن يتعـمَّم _ ولو على مدى سنوات _ النموذج التركي في البلاد العربية، أعني أنظمة سياسية فيها مزيد من الحريـّة السياسية، واحترام الحقوق، وتقييد السلطة، مطعَّمـة بثقافة إسلامية مقاربـة _ وخيـرٌ فيه دخـن ، أهـون من هذه الشرور التي نراهـا اليوم _ لكن دون النظام الإسلامي النموذج ، وسيكون في ذلك خيرٌ كثيـر للأمـة بإذن الله تعالى ، يسلك بها إلى فضاء أرحب تكون فيه إلى الوحدة الإسلامية العظمى بإذن الله أقـرب .
أمـّا النداء فهو إلى الحالة الثقافية في السعودية والخليـج ، حيث الثقل الاقتصادي للأمـّة الذي يوازي في أثره الثقـل الثقافي، والسياسي لمصر ، والذي به مع التغيير في مصـر، تتـم الاستدارة الحضارية الكبـرى للأمـّة بإذن الله تعالى.
نداءٌ لإحـداث نقلة كبيرة في التغيير الإصلاحي السياسي الذي يتجنَّب عثرات التجارب السابقة، وينهض بالحالة المزرية البائسـة التي تعيشها شعـوب المنطقـة بأسـرها، من مهبـط الوحـي، إلى أطراف جزيرة العروبة الأصيلة ، ومحضـن الإسلام العظيـم .
حيــث _ في مناخ يملؤه النفـاق السياسي ، ويعصف به إعصار الفساد ، وتهيـمن عليه ثقافـة المهانـة ، وأخلاق ( التسـوُّل الجماعـي للشعوب ) مقبّلي الأيدي ، والأكـتاف ! وحالة ( اللاّوجود واللاّعدم ) و( اللاّبشـر واللاّبهَـم ) ! _ يُهـدر من مقدَّرات الأمـّة ، ما عُشر معشاره كفيـلٌ بأن يغيـر خارطة العالـم بأسـره .
وتُغيـَّب إرادة الشُّعوب بالكليـّة ، وتُنتهك الحقوق بلا رحمـة ، وتهان العقول ، ويُستهان بكلِّ القيم الإنسانية بلا كرامـة ، وتُسلَّم ثروات وكنوز أمّـتنا إلى التحالف الصهيوغربي ، ليستمر في طغيانه العالمي ، وفي استبداده الذي ضاقت به البشرية ذرعـا ، وساقها إلى المهالـك .
فعليكم أيها المثقفون الشرفاء ، وعلماء الشريعة ، تقع مسؤولية عظيمة ، ومهـمة جسيـمة ، وقد بدأت أعناق شعوب الأمـّة تلتفـت متطلعـةً لكـم ، وعيونهـم تنظـر إليكـم ، وتنتظـر منكـم دوركـم في التغييـر المنشود .
فمـا أنـتم صانعـون، ومتى يسمع صوتكم ، ويُرى حراكُكم ؟!!
والله المستعان ، وعليه وحده التوكـّل، هو حسبنا، ونعـم الوكيـل، نعم المولى، ونعـم النصيــر.