اهتزَّت ثقتي بالقيادة .. وأفكِّر في ترك صف الدَّعوة

الرئيسية » استشارات تربوية » اهتزَّت ثقتي بالقيادة .. وأفكِّر في ترك صف الدَّعوة

الاستشارة:
أنا شاب من أبناء الحركة الإسلامية التي تعتمد منهج الوسطية، تربيت على مبادئها حتَّى تخرَّجت من الجامعة، وكنت أعمل بشكل جيّد في الصّف، ومع الانفتاح والدخول في العمل السياسي، شعرت حقيقة بملل تجاه الأساليب التي تنتهجها الحركة في طريقها للإصلاح، وأشعر أنَّها بطيئة إلى حدٍّ كبير، ولا أخفيكم سرّاً أنَّني شعرت أنَّها في المجال الدعوي جيّدة، ولكنَّها في المجال السياسي، وهو ما أحبّه، شعرت أنَّه لا فرق بينها وبين كلّ القوى سواء العلمانية أو الليبرالية الموجود بسبب بعض المواقف تجاه بعض القضايا، والتي لم تتحرَّك فيها الجماعة، وأنا الآن أفكِّر حقيقة في ترك الصف بعد أن اهتزّ ركن الثقة في القيادة عندي، وحقيقة هذا أمر صعب جدّاً عليَّ، لأنَّني تربّيت في الصّف منذ طفولتي، فأرجوكم أجيبوني، لأنَّ نزاعي الداخلي يقتلني.
الرَّد:
قبل أن تترك الصَّف أخي الكريم، اسأل نفسك أولا ماذا كان الهدف الرَّئيس لانضمام إلى تلك الجماعة أو الحركة وعملت بداخلها كما قلت بشكل جيّد؟، بالتأكيد ستجد الإجابة أنك انضممت إليها عندما رأيت الحرب على الإسلام تشتد، ويتجمعون بكافة أسلحتهم للقضاء عليه، ومقاومتك وحدك لهذه الحرب لن تكون مثمرة، فرأيت لنفسك أن تنضوي في جماعة يكون هدفها الدفاع عن هذا الدين لتتكامل القوى، لذلك انتبه إلى مداخل الشيطان أن تغير قناعاتك.
اسأل نفسك أخي.. هل ضعف الدّعوة في بعض الجوانب مبرر لتركها؟
اعلم أخي، أنَّ الدَّعوة جهد بشري اجتهادي غير معصوم تتحرى الصواب قدر المستطاع، فإذا كان الله عزَّ وجل لم يشترط في عبادته الكمال في العبادة، وهناك شروط صحة وشروط كمال، وشروط الصحة هي الإخلاص والموافقة للشرع، فهل تعدت الدعوة شروط الصحة؟، هل هناك شك في الإخلاص والموافقة للشرع؟.
ليس كلُّ خطأ يعتري العبادة يبطلها ..
نعم، علينا تحرِّي الأصوب في كلِّ المواقف خاصة المتعلّقة بالأمور العامة السياسة والاقتصادية، وهذا أمر ضروري لا شكَّ فيه، فإذا كان هذا في أمور العبادة، هل يكون ترك الجماعة لاختلاف في الأساليب، أو لاختلاف في وجهة النَّظر حول ماهو ضروري أو غير ضروري مبرّر.
هل أحطت بكل المعلومات حول آلية اتخاذ القرار في الجماعة؟ أم نلجأ مباشرة إلى التخوين، وفقد الثقة إذا ما تم اتخاذ قرار يخالف أهواء البعض؟!
أنصحك بأن لا تكثر سماع المخالفين، وملقي الشبهات الذين يهدفون إلى بث انعدام الثقة في الصف، فيجب التوازن بين سماع المخالفين والناقدين والمنصفين وغيرهم، وأن تكون على حذر.
نعم أخي، يجوز ترك الدعوة إن غلب شرها على خيرها، فاسأل نفسك هل هذا الشرط تحقق في دعوتك؟.
وما دمت أخي، أقبلت على الدَّعوة، هل التحقت بها من أجل الأشخاص، أم من أجل مرضاة الله؟ فإذا كان جوابك هو:  (من أجل الأشخاص الذين يقومون بالدَّعوة)، فلك الحق بأن تهتز ثقتك بالعمل الدَّعوي عندما ينحرف بعض أشخاص الدَّعوة عن الخط المستقيم، أمَّا إذا كان جوابك هو (من أجل مرضاة الله وطاعته) فلا توجد قوّة في العالم تستطيع زعزعة ثقتك بهذا العمل الدَّعوي، ومع ذلك فإنَّني أدعوك لتقديم حسن الظن على سوء الظن، والتماس الأعذار قبل توجيه الاتهامات، ومحاولة الإصلاح والنصح بدلاً من البكاء والحسرات واليأس.
ولا بدَّ أخيرًا من العيش في ثقة كاملة ببشارات الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم القائل: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، حتى تقوم الساعة)). (رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه-أي البخاري ومسلم، وقد ورد في الصحيحين روايات عدة بنفس المعنى).
ليس كلُّ قصور يبطل الثقة في القيادة، وهل نقص الثقة في الجماعة أو أفرادها هذا ناتج عن مخالفة في إخلاصهم لها أو عدم موافقهتم للشرع؟ كما يجب أن تسأل نفسك.. هل مع كل اختلاف يكون الحل هو الترك؟ أم العمل على إصلاح ما هو قائم، والمساهمة في وضع حلول؟ فأنا أرى أنها وسوسة أنصحك بعدم الاستسلام لها، فكما تحاول أن تحذر الوسوسة في العبادة، احذر الوسوسة في الدعوة قدر المستطاع، فشياطين الإنس والجن قاعدون لكلّ سبيل يقرِّب إلى الله تعالى.
وأخيراً.. أدعوك أخي الكريم، إلى مراجعة أخ مقرَّب إليك، ذي خبرة بالدَّعوة والتَّربية، تثق به وبرأيه، وتناقشه وتستوضح منه ما شكل عليك، وأحدث عندك هذا اللبس، لعلك تجد فيه ما يريحك، ويجيب على استفسارات.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

لا أشعر بالسعادة لنجاح الآخرين!

أنا شاب ثلاثيني؛ ناجح جداً في مجال عملي وعلاقاتي، متزوج ولدي أطفال وزوجة رائعة وأعمل …