الخميس27 كانون الثاني/يناير 2011 م بتاريخ
انطلاقاً من قول الله تعالى: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَٰئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (الشورى: 41-42).
وقوله تعالى: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا} (الأحزاب:39).
ورغبةً في أن يعود لمصر وجهها الحضاري، ودورها الرائد، ومكانتها التاريخية بين الأمم، وحرصًا على ممتلكات الوطن ومؤسسات الدولة، وبيانا لعصمة الدماء، وحرمة العدوان عليها...
فإنَّه لا يسعنا شرعاً ـ نحن علماء ودعاة مصر ـ أن نؤخر البيان عن وقت الحاجة، أو أن نقف متفرجين على مظالم متراكمة، وأحداث متراكبة تمر بها مصرنا الحبيبة، حيث خرج شبابها وبناتها يريدون التعبير عن أنفسهم، وعن المظالم التي يعيشونها من فقر وبطالة وتزوير وفساد وأمراض، وقد قدموا الورود لإخوانهم في الشرطة يومَ عيدهم، وتحركوا بشكل سلمي حضاري، غير أن الحكومة والنظام واجهوا الورود بالقيود، والابتسامات بالطلقات، والمصافحة بالمصافعة، والتجمعات بالاعتقالات، والهتافات بالرصاصات إلى الحد الذي يُقتل فيه المصريون بالرصاص الحي!! وهو ما يعني أن النظام قد بلغ مدى من التعامل غير الآدمي لا يمكن السكوتُ عليه، أو الاعتذار إلى الله منه، ومن هنا فإننا ـ نحن الموقعين على هذا البيان ـ نطالب بما يلي:
أولا: أن تكف قوات الشرطة فورا عن توجيه الرصاص الحي إلى صدور إخوانهم المصريين، وألا يحرقوا ممتلكات الدولة ليتخذوا ذلك ذريعة للتعامل بالعنف المفرط مع المتظاهرين؛ فإن الأولى بالرصاص الحي والأحق بالحرق هم الصهاينة والخونة والعملاء، ونرى أن ما تقوم به الشرطة من ضرب وقتل واعتقال هو مما حرم الله تعالى ورسوله، ويبوء صاحبه بالإثم أمام الله، وليس له عذر عند الله أنه مأمور من قبل الداخلية، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق".
ثانياً: نؤيّد تماماً ما جاء في فتوى لجنة الفتوى بالأزهر الشريف بشأن حق الشعب المصري في أن يعبر عن رأيه بأي وسيلة سلمية مشروعة؛ وبناء عليه نقول: إن من حق الشعب المصري الاستمرار في التعبير عن رأيه، والمطالبة بحقوقه المشروعة؛ فإن هذا مما كفلته القوانين والمواثيق الدولية، مع التأكيد على أن يظل التظاهر سلميا حضاريا محافظا على ممتلكات الدولة ومؤسسات الوطن.
ثالثاً: أن يقدّم وزير الداخلية استقالته فوراً، وتتم محاكمته ومن معه على الدِّماء التي سالت، والأرواح التي أزهقت.
رابعاً: أن تتم الاستجابة فورا لمطالب الشعب المصري العادلة بإقالة الحكومة ومحاسبتها على ما اقترفته في حق الشعب المصري طوال عقود مضت، ومحاكمة المفسدين الذين نهبوا ثروات مصر، ودمروا اقتصاد وصحة الشعب المصري، وحَلِ مجلسي الشعب والشورى، وتعديل الدستور، وإجراء انتخابات حرة على كل المستويات.
خامساً: نناشد العقلاء في النظام المصري أن يستدركوا الأمر، ويسيطروا على الفتنة ـ التي لن تزداد إلا اتساعا وآثارا سيئة يوما بعد يوم ـ بالحوار مع المتظاهرين والاستجابة الفورية لمطالبهم.
سادسًا: نناشد مؤسسة الأزهر الشريف وعلى رأسها فضيلة شيخ الأزهر أن يكون له موقف إيجابي، كما رأينا منه النصفة في عدد من المواقف، ونطالب مفتي مصر أن يعلن رأي الشرع فيما يجري، وأن تكون المساجد منابر وعي وإرشاد للشعب المصري.
سابعاً: نناشد علماء ودعاة وحكماء مصر أن ينزلوا مع جماهير الشعب المصري ليرشدوا حركتهم، ويفاوضوا عنهم؛ لكي نحاصر الفتنة، ونحافظ على الدماء والأرواح، ويتحقق للشعب المصري العيش الكريم، وتكفل له الحريات، وعدالة توزيع الثروات، وتعود لمصر مكانتها وريادتها التاريخية.
{وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} (الشعراء: 227)
الموقعـــون:
1. ا.د. صلاح الدين سلطان - أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم ـ القاهرة.
2. د. حاتم عبد العظيم أبو الحسب - مدرس الفقه والأصول بجامعة المدينة العالمية.
3. د. مسعود صبري إبراهيم - عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
4. الشيخ وصفي عاشور أبو زيد - عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
5. الشيخ عصام الشعار - عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
6. د. عماد الشعار - مدرس الفقه وأصوله بجامعتي الأزهر وأم القرى