حركة النَّهضة التونسية .. تاريخ من الاضطهاد للمنهج الإسلامي

الرئيسية » بصائر الفكر » حركة النَّهضة التونسية .. تاريخ من الاضطهاد للمنهج الإسلامي
alt
خاص - بصائر

بدأ اسم حركة النَّهضة التونسية ذات التّوجه الإسلامي في الظهور على الساحة التونسية مؤخراً بقوَّة خاصة مع عودة مؤسِّسها المفكر الإسلامي راشد الغنوشي إلى تونس بعد هروب الرَّئيس التونسي زين العابدين بن على خارج البلاد

بدأت حركة النهضة في أواخر حقبة الستينات تحت اسم ((الجماعة الإسلامية)) التي أقامت أول لقاءاتها التنظيمية بصفة سريَّة في العام 1972م.

ومن أبرز مؤسسيها المفكر الإسلامي راشد الغنوشي، والمحامي عبد الفتاح مورو، وانضمَّ إليهما لاحقاً عددٌ من الناشطين الإسلاميين؛ من أبرزهم صالح كركر، حبيب المكني، علي العريّض.

اقتصر نشاط الحركة في البداية على الجانب الفكري، من خلال إقامة حلقات العلم في المساجد، والانخراط بجمعيات المحافظة على القرآن الكريم، وقد لقي نشاط الجماعة في البداية ترحيباً ضمنياً من طرف الحزب الاشتراكي الدستوري (الحزب الواحد آنذاك)، الذي رأى في الحركة الإسلامية سنداً في مواجهة اليسار المهيمن وقتها على المعارضة.

وفي عام 1974م، سمح لأعضاء الجماعة بإصدار مجلة (المعرفة) التي أصبحت المنبر الفعلي لأفكار الحركة.

بداية الصِّدام..

أقامت الجماعة مؤتمرها الثاني (بشكل سرِّي) في مدينة سوسة يومي 9 و10 نيسان/أبريل 1981م، في الفترة نفسها التي عقد فيها الحزب الاشتراكي الدستوري مؤتمره الاستثنائي، والذي أعلن فيه الرئيس الحبيب بورقيبة أنَّه لا يرى مانعاً في وجود أحزاب أخرى إلى جانب الحزب الحاكم، وأقرَّ المؤتمر الثاني للحركة ضرورة اللجوء إلى العمل العلني، كما أقرَّ تغيير الاسم ليصبح ((حركة الاتجاه الإسلامي))، وحينها تمَّ الإعلان عن الحركة بصفة علنية أثناء مؤتمر صحفي عقده الغنوشي وعبد الفتاح مورو.
وفي اليوم ذاته، تقدمّت الحركة بطلب للحصول على اعتماد رسمي دون أن تتلقى أيَّ ردٍّ من السلطات، وفي 18 تموز/يوليو1981م، ألقت السلطات القبض على قيادات الحركة ليقدّموا في شهر أيلول/سبتمبر من العام نفسه للمحاكمة بتهم: الانتماء إلى جمعية غير مرخَّص لها، النيل من كرامة رئيس الجمهورية‏، نشر أنباء كاذبة، توزيع منشورات معادية، وحكم على الغنُّوشي ومورو بالسجن لعشر سنوات، ولم يفرج عن الأول إلا في عام 1984م، إثر وساطة من الوزير الأول محمَّد مزالي في حين أطلق سراح الثاني عام 1983م.

وقد شهدت منتصف الثمانينات صعوداً للحركة، وتنامياً للصدامات مع السلطة في الوقت ذاته، وبلغت ذروة الصدامات سنة 1987م، مع الحكم على الغنُّوشي بالأشغال الشَّاقة مدى الحياة، واتهام الحكومة للحركة بالتورّط في التفجيرات التي استهدفت 4 نزل في جهة الساحل.

زين العابدين و ((النهضة)) ..

رحبَّت الحركة بالإطاحة بالرئيس بورقيبة في 7 تشرين ثاني/نوفمبر1987م، فيما قام النظام الجديد منذ الأشهر الأولى بالإفراج عن أغلب أعضاء الحركة المسجونين، وشاركت الحركة في الانتخابات التشريعية في نيسان/أبريل 1989م، تحت لوائح مستقلة، وحصلت الحركة -وفق النتائج المعلنة- على حوالي 13% من الأصوات.

ثم غيَّرت الحركة اسمها في ذات العام إلى ((حركة النهضة)) للتقيّد بقانون الأحزاب الذي يمنع (إقامة أحزاب على أساس ديني) إلاَّ أنَّ طلبها بالتَّرخيص قوبل بالرَّفض من طرف السلطة، وفي 28 أيار/مايو 1989م، غادر راشد الغنُّوشي البلاد في اتجاه الجزائر، وقد تولَّى الصَّادق شورو رئاسة المكتب السياسي للحركة منذ نيسان/أبريل 1988م.

ومع بداية عام 1990م، اصطدمت الحركة بعنف مع السلطة، وقد بلغت المواجهة أوجها أثناء أزمة حرب الخليج في أيار/مايو 1991م؛ حيث أعلنت الحكومة إبطال ما أسمته (مؤامرة لقلب نظام الحكم واغتيال الرَّئيس بن علي)، وشنَّت قوات الأمن حملة شعواء على أعضاء الحركة ومؤيّديها، وقد بلغ عدد الموقوفين 8000 شخص.

وفي عام 1992م، حكمت محكمة عسكرية على 256 قيادياً وعضواً في الحركة بأحكام وصلت بعضها إلى السِّجن مدى الحياة.
ولم يتوقَّف نظام زين العابدين عن التضييق على حركة النَّهضة، فواصلت السلطة في السنوات التالية ملاحقتها للمنتمين للحركة وسط انتقادات واسعة لجمعيات حقوق الإنسان، وظلت نشاطات الحركة محظورة بشكل كلّي في تونس، واقتصر نشاطها المعروف على أوروبا وأمريكا الشمالية في أوساط التونسيين في الخارج.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

إلى أي مدى خُلق الإنسان حرًّا؟

الحرية بين الإطلاق والمحدودية هل ثَمة وجود لحرية مطلقة بين البشر أصلًا؟ إنّ الحر حرية …