المتحدِّث الرَّسمي للإخوان لـ (بصائر): كنَّا يداً واحدة مع جميع المصريين لإسقاط النظام المستبد

الرئيسية » تحقيقات وحوارات خاصة » المتحدِّث الرَّسمي للإخوان لـ (بصائر): كنَّا يداً واحدة مع جميع المصريين لإسقاط النظام المستبد
alt
خاص – بصائر

في الخامس والعشرين من شهر كانون الثاني/ يناير الماضي نجحت مجموعة الشباب الناشطين على شبكة الانترنت في إطلاق الشرار الأولى لثورة لم تكن في الحسبان، فقد اختار مجموعة من الناشطين يوم 25 يناير، وهو اليوم الموافق للمناسبة السنوية لاحتفال جهاز الشرطة بعيدها، من أجل تنظيم وقفات احتجاجية اعتراضاً على جرائم التعذيب التي ترتكب ضد أبناء مصر.
وجَّه الشباب الدعوة لناشطي الإنترنت وكانت المفاجأة.. مشاركة عشرات الآلاف من الشباب الذين ينتمون إلى جميع الفصائل السياسية إضافة إلى العديد منهم الذي لا ينتمي لأيّ فصيل سياسي، ومع الاستفزازات الأمنية اتسعت رقعة الغضب الشعبي، فانتفض شباب مصر لينتزع حقوق.

نجحت ثورة 25 في إرغام الرَّئيس المصري محمد حسني مبارك على الرَّحيل، فانهار نظام الحكم، وأشرقت شمس جديدة تنفسها خلالها أشقاؤنا في أرض الكنانة مصر عبير الحرية، وكان من أبرز المشاركين في هذه الثورة، وممَّن تمكنوا من الحصول على جزء من حقوقهم المصادرة منذ زمن هم أبناء الحركة الإسلامية.

"بصائر"  التقت الدكتور محمد سعد الكتاتني، المتحدِّث الرّسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين، وحاورته للوقوف على تفاصيل هذه الثورة المباركة،  والدور الذي لعبته حركته فيها، فإلى التفاصيل:

بصائر:  بدايةً.. كيف كان دور الحركة الإسلامية في ثورة 25 يناير، التي نجحت في الإطاحة بنظام الرئيس المصري محمد حسني مبارك؟

** الإخوان شاركوا مع غيرهم في جميع الفعاليات، تبنّوا أهداف الثورة كلّها ومطالبها، وشاركوا في تأمين المتظاهرين في الميدان، وإيصال الرسالة الإعلامية التي خرجت للإعلام عبر الإذاعات المحلية في الميدان، وشاركوا مع غيرهم في توفير بعض الدعم اللوجستي للمتظاهرين القادمين من المحافظات لتوفير الظروف المعيشية.
وفي الوقت نفسه، كانوا مع غيرهم في المقدّمة، وسقط منهم شهداء نحو 30 حتى الآن، إضافة إلى اعتقال واختطاف نحو 200، فيتردد أنَّ بعض هؤلاء تمَّ اختطافهم في الطرق المؤدية لميدان التحرير، وتمَّ اقتيادهم لوحدات الجيش ويعذَّبون، لكن هذه المعلومات ترد ممَّن يخرجون من الاعتقال، لكنَّها ليست مؤكدة، إذ لم يصرّح أيّ مصدر مسؤول بذلك.

بصائر:  في تقديركم كحركة إسلامية، ما هي العوامل التي أدت إلى نجاح الثورة؟

** لعلَّ أبرز عوامل نجاح الثورة، عدم إعلان أيّة جهة قيادتها لهذه الثورة، ولم يرفع أيُّ فصيل شعارات تميّزه عن الآخر، وإنَّما كان حرص من الجميع على أن يظهر للعالم أنَّها ثورة الشعب المصري كله، كما حرص الجميع على أن تكون سلمية، فلم يستخدم المتظاهرين أعمال عنف أو تخريب أو نهب، فكان هذا من مؤشرات النجاح، فضلاً عن تناسى الجميع لخلافاتهم، لذلك يصعب الآن أن نجد لهذه الثورة قادة، وتميّزت بوحدة أهدافها التي التف حولها الجميع؛ فالأهداف وحدت الجميع ولم توحّدهم القيادات، والإخوان لم يهيمنوا ولم يدّعوا في بياناتهم أنَّه كان لهم الدور الأبرز، فكانوا يشاركون كجزء من كل، فلم يلاحظ أحد أنَّ الإخوان، رغم جهدهم الكبير في التأمين والخدمات، إلاَّ أنَّهم اعتبروا هذا واجباً وطنياً قاموا به، ولم يدّعوا أنَّ لهم فضلاً على أحد.

بصائر: لكن أنتم متهمون بالقفز على مكتسبات الثورة التي أطلقها شباب "الفيس بوك"؟!

** هذا كلام غير صحيح، فالإخوان مشاركون منذ اليوم الأوَّل للثورة، فشباب الإخوان موجودون مع الشباب منذ اليوم الأول "الثلاثاء"، وأعلن الإخوان أنَّهم سيشاركون وبقوَّة منذ يوم الجمعة "جمعة الغضب"، فكان الإخوان لهم مشاركتهم الفعَّالة، ولا يستطيع أحد أن يقول:إنَّه شارك بمفرده، فالإخوان شاركوا مع الشعب لإنجاح هذه الثورة.

بصائر: شاركتم في الثورة ونجحت، أين أنتم الآن من المشروع الإسلامي؟

** نجاح الثورة نقطة فارقة ومهمَّة نعمل على إنجاحها، والعالم الإسلامي الآن لابدَّ أن ينظر إلى قضية الخلافة الإسلامية بمنظور آخر مختلف، حيث إنَّ الدول الآن دول مستقلة وذات سيادة، ونحن همُّنا الأكبر الآن والأساس هو مصر، والإصلاح وفيها، وأن يكون في مصر حكم رشيد، يتمتع فيه المواطن بالحريات الأساسية.

بصائر: هل يعنى هذا أنَّكم صرفتم النَّظر عن مفهوم الخلافة الإسلامية؟

** لا .. لا.. لكن لم يعد العالم الآن مثل ما كان منذ قرن مضى، لكن البحث عن صيغة لتحقيق هذا الأمر مثل اتحاد للدول الإسلامية، فيتعذر الآن تطبيق النظام الكامل الذي كان معمولاً به، نظراً لاتساع العالم وتشابك المصالح، فلا بدَّ أن يكون هناك اجتهاد لصيغةٍ ما لتحقيق هذا الأمر.

بصائر:  لماذا ترفضون فكرة الانقلاب؟

** عادةً، الثورات والانقلابات تراق فيها الدِّماء، وترتكب فيها مخالفات شرعية، ولذلك ليست من أساليبنا الثورة بمعنى الانقلاب، والتي تزهق فيها أرواح كثير من الأبرياء.

بصائر: من القناعات الرَّاسخة لدى الإخوان المسلمين، أنَّهم ضد الثورات كوسيلة للتغيير، لماذا هذا التحوّل الفكري؟

** الدعوة التي أطلقت قبل 25 يناير لم تكن دعوة لثورة، وإنَّما مجرَّد احتجاجات ضد وزارة الداخلية في عيد الشرطة، وبعض المجموعات على "الفيس بوك" دعوا لهذا اليوم، وشارك فيها شبابٌ من الإخوان، الذين طلبوا من الجماعة المشاركة فأعطوهم الإذن بالمشاركة مع غيرهم من الشباب، وفي اليوم نفسه، كانت الجمعية الوطنية للتغيير، التي يشارك الإخوان في تشكيلها تنظم وقفة أمام دار القضاء العالي، وبدأ الأمر يتطوَّر، وفي هذا اليوم لم يكن هناك مطالب، ونظراً لممارسات الداخلية بدأنا نتطوّر مع الأمر حتَّى كانت جمعة الغضب، وتصرفات الداخلية التي ينطبق عليها مقولة "الدبة التي قتلت صاحبها"، فهي من أشعلت الثورة، فبعد أن كان الغضب موجَّهاً لوزارة الداخلية تمَّ توجيهه للنظام، وطالب الناس بإصلاح النظام، ولأنَّ النظام تجاهل الناس تطور الأمر للمطالبة بإسقاط رأس النظام.

بصائر: لعب شباب الحركة دوراً فاعلاً في الثورة، ويرى البعض أنَّ الحركة بصدد إشكالية استيعاب هذه الطاقات التي تولَّدت، فما رأيك؟

** شباب الجماعة موجود ضمن أطر الجماعة التنظيمية ومستوعب، وعدد كبير من قيادات الجماعة من الشباب، وهم الآن من يقودون الجماعة القيادة الفعلية، باستثناء مكتب الإرشاد، وسيأتي الشباب عبر الانتخابات الدورية، كما أنَّ الشباب مستوعبون في أنشطة الجماعة المختلفة، ويقومون بجهد كبير، وهم يشاركون ولهم الاحترام، بل عدد كبير منهم يشارك في الإدارة بما يتناسب مع سنة وخبرته، والأماكن التي يعملون بها في المدارس والجامعة، فليس لدينا تنظيم اسمه الشباب.

بصائر: كان للإعلام الجديد دور فاعل في هذه الثورة، هل لديكم تصوّر للاستفادة من هذه الوسائل الحديثة في المستقبل؟

** أتصوَّر أنَّ الإخوان سبقت الكثيرين في استخدام هذه الوسائل، وكان هذا جليّاً في الانتخابات البرلمانية وإدارة الحملات الانتخابية، فالإخوان متطوّرون مع وسائل الاتصال الحديثة، ويستفيدون منها، وهم أوّل من استفادوا من البريد الالكتروني ورسائل الجوال، وهو أمر مشهود للإخوان، وقد أظهرت بعض استطلاعات الرأي في انتخابات 2011 تميّز الإخوان على الحزب الوطني في استخدام وسائل الاتصال الحديثة.

بصائر: بدا واضحاً محاولة استيعاب الإخوان في المنظومة الرَّسمية، ألا تتفق مع الرَّأي القائل: إنَّ هناك اتجاهاً لتكرار نموذج تركيا؟

** نحن كإخوان أمامنا في المرحلة القادمة أمور كثيرة ندرسها؛ أهمها تشكيل حزب سياسي مدني، لنشارك في العملية السياسية عن طريق حزب يعبِّر عن توجّهات الجماعة السياسية، ولكن لكلِّ قطر ظروفه، فنحن نستفيد من جميع التجارب؛ ومنها التركية والمغربية والأردنية للدراسة، وسنستفيد بما يتلاءَم مع ظروف المجتمع المصري، والقوانين السائدة، لأنَّه لا يمكن استنساخ تجربة ووضعها في قطر أخر، فلكلِّ قطر ظروفه ومتغيراته.

بصائر: المقصود بالتجربة التركية أن يكون الجيش ضامناً لأمن العدو الصهيوني، وأن ينشغل الإخوان بالتنمية في الداخل؟

** لم يتم مناقشة الموضوع، لكن إشارات القوات المسلحة أنَّها ستسلم القيادة لحكومة مدنية، وأن الجيش سوف ينتهي من هذه المهمَّة. أمَّا ما ورد في بيان القوات المسلحة عن المعاهدات الدولية وأنَّها لن تمس، فمفهوم هذا أنَّها رسالة طمأنة للأمريكان والصهاينة، أنَّهم -على الأقل- خلال المرحلة التي يتولى فيها المجلس الأعلى قيادة البلاد فلا تفكير في المساس بالمعاهدات الدولية، ولكن حينما يتم تسليم السلطة لقيادة وحكومة مدنية، سيكون شأن هذه المعاهدات مجلس الشعب، وهو المخوّل له باعتماد الاتفاقات الدولية، ولا شأن للقوات المسلحة بها.
وهذا السؤال ليس له موقع الآن، فالإخوان ليس لديهم سيطرة، ولا يسعون أن يكون لهم أغلبية في البرلمان، فهذه تخوّفات لا مبرّر لها، ومن يملك السلطة يوجّه لهم هذا السؤال.

بصائر: أعلنتم عدم تقديم مرشح لرئاسة الجمهورية، هل ستدعمون مرشحاً معيناً؟

** هذا الأمر سابق لأوانه، فالكل يترقّب التعديل الجديد للمادة 76 من الدستور، وسيكون هناك بالتأكيد عددٌ كبير من المرشحين، فحينما يعرضوا برامجهم وشكل الدولة التي يريدون أن تصل إليها مصر, حينها ستكون المفاضلة أيسر، أمَّا الآن فلم يعلن أحد، إلاَّ بعض الأسماء التي أعلنت قبل الثورة؛ مثل حمدين صباحي وأيمن نور وعمرو موسى، لكن نحن الآن أمام متغيّر جديد سيلقى بظلاله على الموضوع، ولأنَّ المنصب الرئاسي من أهم مناصب الدولة، بالتالي ننتظر من سيتقدم، وسوف نفاضل بينهم جميعاً.

بصائر: لماذا عزفتم عن المشاركة في الرئاسة، ألا يعد ذلك خذلانا للشعب الذي اختاركم في الانتخابات؟ وتكراراً لخطأ التفريط في السلطة مع ثورة يوليو؟

** الوضع مختلف.. فكان بإمكان الإخوان إبَّان ثورة يوليو عام 1952م، أن يشاركوا في الحكم إذا كان هناك تطبيق للشريعة الإسلامية، فرفض مجلس قيادة الثورة، فاعتذر الإخوان حتى لا يتحمَّلوا مسؤولية أمر لا يتوافق مع ما تم الاتفاق عليه. أمَّا الآن فحن أمام طور جديد؛ حيث نمرّ بمرحلة مهمَّة في تاريخها، تحتاج جهود كل الشعب المصري، ويرى الإخوان أنَّ الحياة السياسية تحتاج لإصلاح وتقوية، ويحتاج المجتمع إلى جهود الجميع، فقرَّروا عدم المنافسة في هذه المرحلة دعماً للاستقرار وتفريغ الجهد والطاقة في إصلاح المجتمع، وسيكتفي الإخوان بالترشح للمجالس النيابية، ويصلحوا المجتمع، ويقدّموا من خلال النواب البرامج الإصلاحية، وذلك من باب التدرج في الإصلاح، فلا يريد الإخوان أن ينظر إليهم الآخرون كمهيمنين، ولا يريدون أن يكرّروا تجربة الهيمنة التي كان يستأثر بها الحزب الوطني.

بصائر: لكن، ألا يعدّ ذلك خذلاناً للشعب الذي وقف بجانبكم في الانتخابات، وصوَّت على منهجكم؟

** لم نترشح للرئاسة، وإنَّما الشعب اختارنا كنواب، ولم يحدث أن طرحنا أنفسنا للمشاركة في الرئاسة، فبالتالي الشعب اختارنا لمهمَّة محدّدة؛ وهي مهمة في البرلمان، ولم نخذل الشعب، كما لم يطلب منَّا أحدٌ أن نتقدّم للرئاسة فخذلناه، وإن كانت هذه الانتخابات حقاًّ لكل مصري، لكنِّي استخدم هذا الحق في الوقت الذي أراه مناسباً.

بصائر: هل استهدفتم بالابتعاد عن منصب الرئيس طمأنة الغرب؟

** لا ننظر كثيراً للضغوط الخارجية، لكن ننظر بعين الاعتبار للوضع الداخلي، وإذا كان في هذا رسالة طمأنة، فإنها للمجتمع المصري، وحين تستقر الحياة السياسية وتقوى الأحزاب سيكون لكلِّ حادث حديث.

بصائر: وماذا عن المشاركة في الحكومة؟

** هذا الموضع لم يدرس، ولا نسعى لأغلبية في البرلمان، لكن إذا فرض وضع جديد في الانتخابات المقبلة، ولم يكن هناك حزب له الغلبة في البرلمان، وتكون هناك من الضرورة أن تشكل حكومة ائتلافية، سوف ينظر الإخوان حينها، والأغلب أنَّهم يفضلون أن يكونوا في مقاعد المعارضة.

بصائر: هل كان هناك تواصلٌ مع الأمريكان مع بدء شرارة الثورة؟

** لا يوجد بيننا وبين الأمريكان أو غيرهم من القوى الغربية أيّ اتصال لا قبل الثورة ولا بعدها، نحن نتواصل مع القوى الوطنية لعمل مشترك من أجل إنجاح الثورة وقضاياها، كما أنَّه لم يكن هناك أيّ وسيط بيننا وبين الأمريكان، لكن في أحيان كثيرة تصل إلينا وسائل الإعلام الأجنبية، وندلي إليها بالكثير من الأحادث التي توضح وجهة نظرنا، وبالتَّأكيد هذه الأحاديث يلتقطها السَّاسة.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

طفلي بلغ السابعة.. كيف أبدأ بتعويده على أداء “الصلاة” ؟

مما ينعش قلب الأبوين أن يقف إلى جوارهما طفلهما الصغير في سنوات عمره الأولى وهو …