قال الحق سبحانه : ( وجاهدوا في الله حقّ جهاده )
وقال : ( والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون ) .
وقال : ( ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل )
( فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبّة خردل ) حديث صحيح رواه مسلم
يشعـل أحفاد عمر المختار في أرض جهاده ، ثورة عظمى ضد طاغيتها الذي طغى في البلاد ، فأكثـر فيها الفسـاد ، وأهلك بالظلم العبـاد ، ثم أظهـر حقيقة طغيانه ، ومبـلغ إجرامه وعدوانه ، فيما فعله في المتظاهرين ضـد نظامه ، إذ أخذ يقصفهم هذه الأيـام بالصواريخ ، ويلقي عليهم قنابل المدفعيـة ، ويعمل فيهم الإبادة الجماعية ، من أجـل أن يبقى في كرسيه العفن الذي أقامه على أرض مليئة بجثث المقتولين ظـلما من الشعب الليبيّ البطل ، وسقاه من دماء المظلومين من أبنائـه ، وثبَّته بالظلم ، والبغي ، والجور طيلة أربعين سنة ، كانت كلٌّها أعجف الدهور على أحفاد عمر المختار ، وأشد العصور على أبناء الجهاد ضد الاستعمار .
و والله الذي لا إله إلاّ هو ، إنّ عرش ظلمه سيسقط قريبا ، وصرح طغيانه سيتهاوي ويشتعل لهيبـا ، وسيتردّى هذا المعتـوه ، مع كتابه الأخضـر المليء بالسخافات العقيمة ، والخزعبلات السقيمة ، وسيولي عهده البغيض إلى غير رجعة .
لقد تعرض الشعب الليبي في أثناء حكم هذا اللعين إلى أبشع ضروب القمع ، والتعذيب ، والتنكيـل ، والقتل بالإغتيـال ، أو في سجون المخابرات ، حتى لقد تمّ فتح النيران على ألف سجين في حادث سجن أبي سليم عام 1996م ، وقد لاقى منه هذا الشعب الأبيّ كلّ العنت ، والضيـم ، وبدد ثورة ليبيا على ترجمة كتابه الأخضـر الأحمـق إلى جميع اللغات ، وصرف الأموال على حركات ، ومشاريع ثوريـّة فاشلة في أقاصي العالم حتى أهلك 44 مليار دولار على تلك المشاريع ، في الوقت الذي أفقـر شعبه ، وأما قضية الأمة في فلسطين فقـد دعـا إلى إندماج الفلسطينيين والصهاينة في دولة واحدة زعم تسميتها ( إسراطين ) أهلكه الله بالسرطان !!
أمَّا حالات خطف المعارضين، واختفائهم قسريـّا ، فحـدّث ولا حـرج ، ومن أبرز حالات الاختفاء القسري من الليبيّين الشيخ أحمد البشتي ، والدكتور عمرو خليفة النامي ، وجاب الله حامد مطر ، وعزّات يوسف المقريف ، ومنصور رشيد الكيخيا ، وغيرهـم كثير .
كما انتشر الفساد ، وفشت الجريمة ، والمخدرات ، وعـمت الفواحش ، والإنحلال الأخلاقي ، وصار حكمه ملاذا لكل أنواع المرتزقة ، وأخباث الخلق .
لقد أذل هذا الطاغية الشعب الليبي ، وحرمه من أدنى حقوقه الإنسانية ، وسلبه حريتـه ، وسلَّط عليه أنظمة القمع ، والإرهاب البوليسي ، وفرض عليه كتابه الأخضـر وحارب كلّ معارضة له ، وجعله كأنه قرآنٌ منزّل !!
كما استنزف وبدد ثروة الشعب الليبي ، وموارده الطبيعية الغنـية ، ونهب أموال الخزانـة العامـّة ، والأرصـدة ،
وجعل من نفسه مستبدا مطلقا لا يحـقّ لأحد أن يرد قوله ، فيما ابتدعه _ وما أكثر بدعه الضالة _ وأسمـاه (الصلاحيات الثورية) ، وجعل إليه ، وعليه وحده دون سوه ، حق تفسيرها ، وتنفيذها !! ثم ابتدع بدعة ثانية أسماها ( وثيقة الشرعية الثورية ) ، وحولها إلى صولجان بيده ، يضرب به ما يشاء من أنظمة الدولة فيحركها كيفما يشاء ، ثم ألحقها ببدعة ثالثة أسمـاه ( التوجيه والترشيد الثوري ) ، أشبه ما تكون بسوط أيضا يجلد به من يشاء !!
وتابع هذه البدع السخيفة فأحدث ما أسماه ( التحريض الثوري ) _ في ضمن تنظيمات أخـرى وخرافات ما أنزل الله بها من سلطان _ وما هم إلاّ جواسيس للقذافي ، يوجّهون كلّ ما يطلق عليه : اللجان ، ومؤتمر الشعب العام ، والمؤتمرات الشعبية .. إلخ ، لئلا تخرج عما في رأسه من أفكاره اللعينـة !!
وهكذا يحدث البدع ، والواجهات ، والأسماء الوهمية ، والـ ( ديكورات ) العجيبة ، لتعبيد الشعب الليبي إليه ، وتحويله إلى قطيع يدوس عليه .
وفي الجملة فقـد سام شعبه سوء العذاب ، وحكمهم بالنار والحديد والإرهاب ، وسرق أموالهـم ، وبدد ثرواتهـم .
وأخذ يسخر من القرآن ، وينكر السنـة ، ويعبث بالدين ، ويخـرب عقيدة المسلمـين .
غير أنّ شعب ليبيـا البطـل ، أحفاد القائد العظيم ، عمر المختار ، لايمكن أن يذلّ لطاغية ، أو يستعبده طغيان ، فقد قام بعدة محاولات لإزاحة هذا الطاغوت الجاثم على صدر هذا الشعب المجاهد ، حتى إذا أذن الله تعالى بالنهضة الكبرى ، والبطشة العظمـى ، رمى الله طاغية ليبيا بالرعـب ، وربط على قلوب الشعـب.
فصارت من تحت أقدام فرعون ليبيا الأرض تموج موجـا ، وارتجـّت أركان حكمه رجـّا رجّـا ، فدعـا المرتزقة للدفاع عن عرشه عربـا ، وعجما ، وزِنجـا ، فما زاده ذلك إلاّ هزيمـة ، وهرجـا ، ومرجـا !!
وهاهو الشعب الليبي يشتـعل اشتعال النار في الهشـيم ،وينطلق انطلاق السيل العظيـم ، ويضـرب ضربة السيف الصريـم
ويصِـرُّ على إسقاط الطاغية ، وعلى استرداد حقوقه ، وإقامة سلطان العدل ، وإطـلاق مشـروع النهضة التي تلتحق بالنهضة العربية الكبرى ، لتعيد لأمّتـنا رسالتها الإسلامية الخالدة ، وترفع رايتها الحضاريـة الرائدة .
وهو يقــدّم هذه الأيام تضحيات عظيمة ، يقدم دماء أبنائه ، وأرواح شهدائه ، ويعرض نفسه لمواجهة نظـام هـو من أطغى الطغـاة ، ومـن أخبـث الفجرة العـتاة .
ليحرِّر الشعب الليبيّ من الظلـم ، والطغيـان ، والبغـي ، والاستعباد ، والعـدوان.
فالواجب على الأمّة الإسلاميّة دعم الشعب الليبي في جهـاده ، بكلِّ ما يحتاجه حتّى إسقاط الطاغيـة ، وعلى العلماء ، والمثقفين ، نصرهـم ، والشدّ من أزرهـم ، حتى يزيحوا هذا المستكبـر الخبيث ، ويبدلهم الله تعالى سلطانا عادلا ، وعيشـا كريمـا فاضـلا .
ويا أيُّهـا الشعب الليبيُّ البـطل ، اعقد العزم بالله ، واجمع التوكّل على الله ، وأحسن الظن بالله ، واثبت على جهادك ، فمن يقتـل فيه ، فهو شهيـد ، ومن يجرح فيه فهو كالجريح في الجهـاد ، يأتي يوم القيامة ، ريح دمه ريح المسك ، وثوابه ثـواب المجاهد للكفر والشـرك .
هذا ونحن متفائلون أنّ نهاية هذا الطاغية قريبة ومن كان معه شريكـا ، أقـرب من هلاك طاغيتي تونس ومصـر ، وسيقر الله تعالى _ بإذن الله تعالى _ عيون المسلمين بغيرهـم في إثرهـم وشيكـا .
والله المستعان ، وهو حسبنا ، عليه توكّلـنا ، وعليه فليتوكّل المتوكّلون ، والله نعم المولى ، ونعـم النصيـر .