مذبحة ليبيا .. الدماء الطاهرة في مقابل كراسي الحكم

الرئيسية » غير مصنف » مذبحة ليبيا .. الدماء الطاهرة في مقابل كراسي الحكم
alt

بقلم: خالد روشة
لا يستطيع إنسان في قلبه بقيَّة رحمة أن يغمض له جفن ، أو يرتاح له بال والشعب الليبي يتم قصفه بالطائرات والصواريخ والذخيرة الحيَّة بهذه الطرق العشوائية البشعة .
ولا يسع مؤمن متابع لما يحدث في بلاد عمر المختار إلاَّ أن يتمنى أن يؤخذ من جلده ولحمه ليجعله  ضمادة لجراح مكلوم أو دواء لآلامه، أو أن يؤخذ من عظامه ليصير درعاً لهؤلاء النساء والأطفال يقيهم رصاص الطاغية وصواريخه .
ما يصلنا من وسائل الإعلام العالمية يشيب له الولدان، وليس له توصيف إلاَّ أنَّه مذابح جماعية وجرائم ضد الإنسانية بلا خلاف .
نظام القذَّافي استأسد على شعبه عندما خاف على كرسيه، ولم يستأسد يوماً على الطائرات الأمريكية التي قصفته من قبل ولا على الغرب الذين عاقبوه اقتصادياً وسياسياً عبر سنين عديدة، ولا على " إسرائيل " التي طالب بانضمامها لجامعة الدول العربية !
لكنَّه صار أرنبا وديعاً أمام أمريكا، وسلَّمهم منظومته النووية على طبق من ذهب، وراح يقبل الأيادي الغربية مقابل أن يعقدوا له العهد بألا يُمسّ كرسيه الحاكم في ليبيا .
مئات القتلى الأبرياء العزَّل الذين أظهرت وسائل الإعلام صورهم وأعلنت مؤسسات حقوق الإنسان أعدادهم المتزايدة كلّ ساعة، حتى ارتمى القتلى في طرقات طرابلس والبيضا وبني غازي .
لست استطيع تصور تلك القيمة الغالية للكراسي التي يستهين حكَّام العرب أمامها كل هذه الأرواح لشعوبهم، وأيّ أثر أسود سيتركونه في نفوس تلك الشعوب،  وأيّ بصمات وحشية تلك التي يبثونها في صفحات التاريخ !
القذَّافي خرج للناس على لسان ولده يهدد شعبه بالقتل وبحرق ليبيا ، ويخون الشعوب المجاورة ويهدد بحرق النفط وبالحرب الأهلية إذا مُس كرسي الحكم !
أيّ نوع من الكراسي تلك ؟ أليست تفنى وتبيد ؟ أليس أصحابها يموتون ويقبرون ويتكفنون في ثياب واحدة، ويدفنون في عمق الأرض، ويهال عليهم التراب، فلا يبقى لهم شيئ منها ؟!
أليسوا يظنون أنَّهم سيحاسبون ويعاقبون , فتكون كراسيهم شاهدا عليهم بينما يدانون بسبب ما اقترفوه في حق شعوبهم من تقتيل وتعذيب ؟!
أفلا يفيق هؤلاء من سكرتهم ويؤوبون من غفلتهم ، كم من القتلى والشهداء يكفيهم مقابل تلك الكراسي ؟ هل العدد بالمئات أو بالألوف أم أكثر ؟ وكم يكفيهم في مقابلها من الجرحى والمبتور أطرافهم والفاقدي أعينهم وآذانهم ؟ كم يكفيهم من أيتام الأطفال وأرامل النساء حتى يشبعوا ؟ وكم يكفيهم من تدمير المؤسسات والبيوت حتى يطمئنوا ؟!
كنا نستغرب ونستنكر قبل أيام ما حدث في مصر من سلوك البلطجية وعتاة الإجرام ممن أرادوا قمع الثوار والإضرار بهم ، واليوم نحن أمام مذابح جماعية ضد الشعب الليبي المسلم ، وأمام استعانة بمجرمين أجانب من إفريقيا أو غيرها جاءوا بهم ليغتصبوا نساء قومهم ويبيدوا شبابه
وإذا كان نظام القذَّافي يستطيع أن ينكل بشعبه بهذه الطريقة أمام أعين العالم كله ، فكيف كان يفعل معهم في غياهب سجونه ومعتقلاته ؟!
يبدو ممَّا يحصل أمامنا من أحداث، أنَّ دماء شعوبنا العربية المسلمة لا تساوي شيئاً عند الغرب وحكوماته،  فحتَّى هذه اللحظة لم يصدر ردّ فعل واحد من أيّ مسؤول غربي، ألهذه الدرجة يستهان بنا ؟ وبعد كم قتيل منَّا سوف يبدؤون في تصريحات الاستنكار ؟!

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

كيف أسلموا .. (الحلقة التاسعة عشرة)

مصعب بن عمير غصنان من سيد مكة ورائدها (قصي بن كلاب) نَبَتُوا وأورقوا فخرج من …