أعلنت جماعةُ الإخوان المسلمين بمصر عن البدء في الإعداد لإنشاء حزب سياسي تحت اسم: ((الحرية والعدالة ))، وقال الدكتور محمود عزّت نائب المرشد العام للإخوان: إنَّ الحزب سيفتح باب عضويته لجميع المصريين الذين يقبلون ببرنامج الحزب المطروح.
وأضاف عزّت في حوار خاص مع "بصائر" أنَّ الحزب سيكون إحدى واجهات الجماعة المعنية بالشق السياسي، ولمعرفة تفاصيل هذه الخطوة كان هذا الحوار:
بصائر: أعلنتم عن تشكيل حزب سياسي يحمل اسم "الحرية والعدالة"، هل حسمتم ما يثار من حين لآخر عن رفض إنشاء حزب ديني؟
** أعتقد أنَّه ليس هناك مشكلة عند عموم المصريين الذين يعلمون الإسلام بفطرتهم، أمَّا أن يكون هناك بعض المثقفين أو ممَّن يسمُّون بذلك عندهم هواجس، فذلك يعود إلى ثقافتهم المتأثرة بالثقافة الغربية، التي عانت من الانفصام بين الدِّين في العصور الوسطى، فهذه الهواجس ناشئة عن اكتفائهم بهذه المظلّة الغربية، وعدم اطلاعهم على التاريخ والتجارب الإسلامية، فهذه الأمَّة حملت الهداية والعدل والحرية للعالم كلِّه طوال القرون الماضية، وهؤلاء هم الذين يمكن أن نقول بيننا وبينهم بعض الخلاف، أمَّا عموم الشعب المصري عندما نقول له نريد حزب إسلامي هو يفهم جيّداً أنَّ هذا الحزب يقوم على مبادئ الإسلام، الذي يضمن الخير لكلِّ النَّاس؛ ففي المنهج الإسلامي الحرية والتكافل، وتوجيه الاقتصاد ليحقِّق العدل والمساواة، كما يسعى أصحاب المنهج الاشتراكي، وكذلك السوق الحرّة كما يسعى أصحاب المنهج الرأسمالي، فالإسلام يسع كلَّ هؤلاء ويحدث توازناً بينهم .
بصائر: هل معنى هذا أنَّ الشعب أصبح مستعداً الآن لتقبّل المنهج الإسلامي؟
** لاشك أنَّ المصلحين من قبلنا، ثمَّ الإخوان بعد ذلك كان لهم دورٌ كبيرٌ في أن يعي الشعب المصري حقائق الإسلام، ليس معنى هذا أنَّه ليس هناك معاصٍ أو انحرافات، لكن أعني أنَّ 80 سنة من عمل الإخوان وغيرهم من الدُّعاة كان له أثر إيجابي على الشعب المصري، ورغم ذلك لازال أمامنا بعض العقبات، ونحتاج فيها إلى توضيح، لأنَّنا مازلنا مجهولين من بعض النَّاس.
للناس بعض العذر في تخوفهم من المنهج الإسلامي، لأنَّهم طوال هذه العصور من الديكتاتورية لم يشهدوا مناخاً فيه حرية، كما لم يتمكنوا من التعارف بشكل جيّد على بعضهم، وأحسب أنَّ ما كان من النّظام السَّابق من تخويف النَّاس من الإخوان سيتغيّر بزوال هذا النظام، حيث سيكون أمامنا فرصة للتعرف بيننا وبين الناس
بصائر: لكن هناك تخوّف من المنهج الإسلامي، فهناك شعور بأنَّكم ستفرضون كلّ شيء بالقوَّة على النَّاس؟
** للنَّاس بعض العذر في هذا، لأنَّهم طوال هذه العصور من الديكتاتورية لم يشهدوا مناخاً فيه حرية، كما لم يتمكنوا من التعارف بشكل جيّد على بعضهم، ولعلَّ 18 يوم في ميدان التحرير قضاها جموع الشعب المصري مع الإخوان غيَّرت أموراً كثيرة عن الجماعة، فأحسب أنَّ ما كان من النّظام السَّابق من تخويف النَّاس من الإخوان سيتغيّر بزوال هذا النظام، حيث سيكون أمامنا فرصة للتعرف بيننا وبين الناس، خاصة وأنَّ النظام كان يريد أن يصوّر الإخوان على أنَّهم يجبرون النَّاس على سلوكيات وملابس معيّنة، ونمط محدّد من التفكير والتعامل، لكن عندما يتعامل الناس مباشرة معنا سيزول كثير من هذه التخوّفات.
بصائر: هل هناك تعديل على برنامج الحزب، الذي سبق وطرحتموه منذ أكثر من عام؟
** لا شكَّ أنَّ المناخ الذي ينشأ فيه الحزب لن يؤثر على مبادئه، ولكن هذا المناخ الذي يتاح فيه الحريات وكلّ الوسائل التي تمكنا من قيامنا برسالتنا سيؤثر على فروع في هذا البرنامج، ومن ثمّ يحتاج إلى تطوير في هذا الجانب، أمَّا المبادئ فهي راسخة وثابتة.
بصائر: كان من أبرز الانتقادات التي وجّهت لبرنامج حزبكم نظرتكم لقضيتي الأقباط والمرأة هل هناك جديد؟
** ما طرحه الإخوان حول القضيتين كان أسبق من موضوع الحزب وبرنامجه، فموقف الإخوان من المرأة والأقباط أمرٌ واضح منذ الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله، كنا أصدرنا عام 1994م، وثيقة توضِّح العلاقة بيننا وبين الأقباط، كما ثبت من خلال هذه الثورة أنَّ الشعب المصري نسيجٌ واحد، يجمعهم هذا الوطن، وطوال 18 يوماً لم يعتد على كنيسة واحدة، وكان القبطي يصبّ الماء لأخيه المسلم ليتوضأ، وتقف مجموعة من الأقباط لحراسة المسلمين في صلاتهم أثناء هجوم البلطجية،
فالثورة وهذا النضال أنشأ مناخاً يصعب أن نقول: إنَّ الهواجس التي كانت عند البعض سيكون لها دورٌ كبيرٌ الآن، وبالطبع سيكون هناك عددٌ قليل شاذ سيظل على موقفه نتيجة مواقف شخصية.
الأصل في الجماعة أنَّها هيئة إسلامية جامعة تفهم الإسلام فهما شاملاً، لذلك تتناول كلّ مظاهر الحياة ومن بينها العمل الحزبي، الذي هو جزء من العمل السياسي، فالجماعة الأصل والحزب واجهة لأحد أنشطة الجماعة، وهو جزء من النشاط الدَّعوي.
بصائر: ماذا عن العلاقة بين الحزب والجماعة.. كيف سيكون وضعها؟
** الأصل في الجماعة أنَّها هيئة إسلامية جامعة تفهم الإسلام فهما شاملاً، لذلك تتناول كلّ مظاهر الحياة ومن بينها العمل الحزبي، الذي هو جزء من العمل السياسي، فالجماعة الأصل والحزب واجهة لأحد أنشطة الجماعة، وهو جزء من النشاط الدَّعوي.
بصائر: هل لديكم تصوّر للوضع القانوني للجماعة بعد حصولكم على الحزب؟
** الجماعة نشأت هيئة إسلامية جامعة، وعندما صدرت بعض القوانين في الأربعينيات تنظم المعاملات المالية داخل الجمعيات، وقتها قرّر الإمام البنا أن يكون هناك قسم البر والخدمة الاجتماعية، وهو قسم له دفاتر وحسابات، فالإخوان إحدى المنظمات التي تعمل في كلّ مجالات الحياة، وليس هناك ما يمنع في النظم الديمقراطية أن تكون هناك هيئة إسلامية جامعة، فمجرّد الإخطار بأننا موجودون ومستمرون، ونحن على هذا الحال كمنظمة غير حكومية، فضلاً عن ذلك، فإنَّ القانون يأتي لينظم الحياة العامة وفق قواعد العدل والمساواة وحقوق الإنسان، والإخوان حينما يقولون: نحن مؤسسة تعمل في مناحي الحياة المختلفة ليس هناك في القانون الإنساني ما يمنعهم من الحضور، وهذا وضعهم الذي كانوا عليه في عهد الاستبداد، فماذا عن وضعنا بعد ثورة 25 يناير؟ !
بصائر: ألا ترى أنَّ الإبقاء على الجماعة حالة الموافقة على ترخيص حزب لكم هو إصرار من جانبكم على العمل السّري؟
** هذا الكلام يحمل الكثير من التَّحامل، فمكتب الإرشاد موجود، والجماعة تعمل في العلن، لعلّ الاتهامات التي وجّهت للإخوان في الفترات الماضية، هي التغلغل في المجتمع، ومحاولة تغيير الرّأي العام، أعطت هذا الانطباع، فالإخوان بطبيعتهم حركة شعبية لا يمكن أن يقوم فيها تنظيم سرّي، لكن بقاء الجماعة كهيئة جامعة نتيجة رؤية الإخوان للإصلاح، وأنَّ هذه الرُّؤية تتحقّق بالأمَّة وليس بالشعب المصري وحده، فلن تستطيع مصر أن تستعيد مكانتها إلاَّ إذا استعاد العرب مكانتهم .