حديث المربِّي .. كلمات تمتلك القلوب

الرئيسية » بصائر تربوية » حديث المربِّي .. كلمات تمتلك القلوب
alt

خاص – بصائر

النَّاس معادن شتى؛ منهم من هو مؤثر في الآخرين، ومنهم من لا تأثير له، ومنهم من إذا وجد في جمع من الناس يخطف الأنظار والقلوب بأسلوبه وثقافته وإلقائه، ومنهم من إذا حضر لم يشعر به أحد، والدعاة كذلك؛ فمنهم من إذا تكلَّم وجه وأرشد وسلب ألباب الجميع، ومنهم من يكون حديثه ثقيلاً على القلب، ولا يكون مؤثراً في النَّاس، والنموذج الأوَّل من يقال عنه دائما: الشخصية المؤثرة، والطريق إليها يتطلب جهدًا شاقاً، ومعرفة عناصر التأثير في الناس، ودراستها لكي يكسب نفسه القدرة على التأثير في الآخرين.

والتأثير في النَّاس يكون على أحد شكلين؛ فهناك التأثير الإيجابي ويقابله التأثير السّلبي، ولكي يصبح الدَّاعية ذا شخصية مؤثرة، عليه أن يعلم أنَّ عناصر التأثير ثلاثة، يجب العمل عليها ليوجّه النّاس إلى طريق الخير والإصلاح؛ وهي (الميل العاطفي، والإقناع العقلي، والقدوة).

أمَّا عن الميل العاطف، فعلى الداعية أن يعلم أنَّ المتربّين لا يقبلون إلاَّ على من أحبُّوه ومالوا إليه، وكان لهم بمثابة الجليس الصَّالح الذي أينما حلَّ نفع، ولذلك عليه أن يدرس ما يحبُّه الناس وما يكرهونه، ومداخلهم، وما يحبُّونه من طرق التعامل، كي يكون قريباً منهم، ليشعروا بأنسه، ويحدث بينهم وبينه القبول العاطفي الذي هو المدخل الرئيس الذي يقع به القبول والتلقي والاستجابة والتأثير.

ويساعد الدَّاعية على تحقيق عنصر الميل العاطفي، هو أن يكون على قدر تطلعات الناس، فيكون لديه القدرة على إقناعهم، ولديه الحجج العملية على كلِّ ما يقوله لهم، وهو العنصر الذي يسمَّى الإقناع العقلي، فلابدَّ أن يضمَّ للعاطفة العقل، لأنَّ الحجة والبرهان لهما سلطان أيما سلطان، وأيضاً ينبغي أن يعرف الداعية أنَّ القلب والعقل أمران متلازمان، فلو كان هناك ميل بلا إقناع لا تحصل الاستجابة، ولو كان هناك إقناع وإقامة حجَّة لكان هناك نفرة ونوع من الانقباض.

العنصر الثالث وهو القدوة، وهو ما يدعم العاملين الأوليين بقوَّة، فهو يزيد العاطفة والميل تأجّجاً، ويزيد إحكام القناعة العقلية، ويجمع بهذه الأطراف فيقع حينئذٍ التأثير المطلوب، ونعلم أثر القوة، ويقول ابن قيّم في ذلك: (علماء السُّوء جلسوا على باب الجنَّة يدعون إليها النَّاس بأقوالهم، ويدعونهم إلى النَّار بأفعالهم، فكلَّما قالت أقوالهم للناس هلّموا، قالت أفعالهم: لا تسمعوا منهم، فلو كان ما دعوا إليه حقاً كان أول المستجيب له، أي (علماء السوء)، فهم في الصورة أدلاّء وفي الحقيقة قطاع طرق).

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

لا تنظيم بلا التزام: كيف نحمي صفنا من الداخل؟

لا يمكن لأي مؤسسة أو شركة أو حتى جمعية صغيرة أن تحقق النجاح والاستمرارية ما …