إلى أسرة التحرير في موقع بصائر ...
إلى كتَّاب موقع بصائر ...
إلى متابعي وقرَّاء موقع بصائر ...
أهدي هذه الكلمات ...
ومرشداً ومعلِّماً نصاعة هذا المعين الثَّر الذي لا ينضب، بقوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ}.]الأنعام:104[، فهي ملزمة بالاقتداء والاتِّباع والسَّير ...
فينطلق الأنبياء والمرسلون، داعين، مبشرين ومنذرين، معلنين : {قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}.]الأعراف:203[، فهي إذن مهمَّة التبليغ، ورسالة التربية والدَّعوة...
فتصدح الأصوات بالترتيل آناء الليل وأطراف النَّهار، مستشعرة معاني الثبات على طريق التربية والدَّعوة ..{ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.]يوسف:108[، فهو الوعي والفهم والتجرّد والإخلاص...
ومن ميراث الأنبياء والمرسلين يستلهم العلماء والأدباء والشعراء والدُّعاة والصَّالحون والذَّاكرون من هذه الأمَّة معاني كلمة (بصائر)، فيكون لهم منها نصيب، فأهل الشعر والحكمة كان لهم نصيب، فهذا القس بن ساعدة الإيادي، يلهب بها مشاعر المؤمنين بأنَّ الموت حق، في قصيدته المشهورة، فيقول:
فِي الذَّاهِبِينَ الأَوَّلِيـ... ـنَ مِنَ الْقُرُونِ لَنَا بَصَائِرْ
لَمَّا رَأَيْتُ مَوَارِدًا لِلْمَوْتِ ... لَيْسَ لَهَا مَصَادِرْ
وَرَأَيْتُ قَوْمِي نَحْوَهَا ... يَمْضِي الأَكَابِرُ وَالأَصَاغِرْ
لاَ يَرْجِعُ الْمَاضِي إِلَيَّ ... وَلاَ مِنَ الْبَاقِينَ غَابِرْ
أَيْقَنْتُ أَنِّي لاَ مَحَالَةَ ... حَيْثُ صَارَ الْقَوْمُ صَائِرْ
وهذا الشاعر أبو نوّاس يشيد بفضل وجود (بصائر) في حياتنا، قائلاً:
لعمرك ما الأبصارُ تنفعُ أهلها ... إذا لم يكن للمبصرين بصائر
وفي العصر العبَّاسي، يطل علينا الشاعر ابن الرَّومي، فيقول:
يا أيها المَوْعُوظ فيَّ لِشَكْوِه أبصرْ هُداكَ ففي العِظاتِ بصائرُ
ولعلماء الأمَّة من كلمة (بصائر) نصيب، فالإمام أبو حيَّان التوحيدي في القرن الرَّابع للهجرة، ألَّف كتاباً فسمَّاه: ((البصائر والذخائر))، جمع فيه بصائر القدماء، وسرائر الحكماء، ونوادر المُلَحَاء، وخواطر البلغاء، ليكون جنَّة من أطايب الكلام والحِكم والآداب، يُستقى منها الرَّحيق والشهد ...
والإمام أبو حامد الغزالي في القرن السَّادس للهجرة، يفتتح ربع العادات في كتابه (إحياء علوم الدين) داعياً حامداً الله تعالى بقوله : (الحمد لله الذي فتح بصائر أوليائه بالحكم والعبر واستخلص همهم لمشاهدة عجائب صنعه في الحضر والسَّفر)...
وها هو الإمام مجد الدين الفيروز آبادي صاحب القاموس المحيط في القرن التاسع للهجرة، لم يجد عنواناً جامعاً مانعاً لمؤلفه القيّم الذي قدَّم فيه عصارة فهمه وتدبّره لكتاب الله الكريم، إلاَّ كلمة (بصائر) فسمَّاه (( بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز))...
وفي عصرنا الحديث، انطلقت جمعية العلماء المسلمين بالجزائر معبِّرة عن فكرها الإصلاحي والتجديديّ تنير به درب الجزائريين للحفاظ على ثوابتهم وهويتهم وتراثهم من محاولات الاستعمار الفرنسي في التغريب، فأسَّست مجلة ((البصائر)) لتصبح لسان حال الجمعية في الدفاع عن تلك المبادئ والقيم، فكان لها ما أرادت، في دحر الاحتلال الفرنسي، وتربية الجيل الذي قادة الثورة، فبلَّغ الرِّسالة وأدَّى الأمانة...
وقبل ذلك وبعده، يستلهم السائرون في طريق التربية والدَّعوة من كلمة (بصائر) ما يعبِّدون به طريقهم بالكلمة الصَّادقة والحكمة الرَّائدة والعمل الصالح...
وفي موقع بصائر .. نلتقي لنكمل المشوار، فنفتح في كلِّ علم وفن بصيرة .. في كلِّ زاوية من واقعنا بصيرة .. لآلام أمتنا وآلامها بصيرة .. لأسرنا ولنسائنا وبناتنا بصيرة .. لجيل النَّصر بصيرة ...
ونسأل الله سبحانه أن ينوِّر الله بصائرنا وبصائركم بما نوَّر به بصائر الموقنين والصَّادقين...
وعلى كلمة ( بصائر) معاً لنكمل مسيرة التَّربية والدَّعوة .. على بصيرة.
بقلم .. محمَّد البراء الهاني - الجزائر