خاص – بصائر
اتفق المشاركون في مؤتمر المنتدى العالمي للوسطية الذي عقد الأحد بتاريخ 27-3-2011م بالقاهرة، تحت عنوان: (النَّهضة على ضوء التّحوّلات السّياسية في العالم العربي) على أنَّ الدِّين الإسلامي هو المكوِّن الرَّئيس لنهضة الأمَّة وازدهار حضارتها، وأنَّ الحركات الإسلامية والجماعات السياسية ذات المرجعية الإسلامية الحضارية والثقافية هي الأقدر على قيادة مشروع النَّهضة، الذي باتت الأمَّة على أبوابه بعد اندلاع العديد من الثورات الشعبية في البلدن العربية والإسلامية، والتي يأتي على رأسها تونس ومصر.
وقال الإمام الصَّادق المهدي رئيس وزراء السودان الأسبق: إنَّ العالم العربي الآن بصدد فجر جديد تتزامن معه عدَّة حقائق؛ من بينها أنَّ ثقافة المنطقة سوف تنطلق من هوية الأمَّة، كما أنَّ العلاقة بين الحاكم والمحكومين ستقوم على أساس المشاركة والمساءلة وسيادة حكم القانون، وأنَّه لا سبيل لعلاقة تقوم على الانفراد، كما أشار المهدي إلى ضرورة أن تكون هناك تنمية تستطيع أن تكفل للنَّاس أسباب المعيشة، وتقوم على أساس العدالة الاجتماعية التي تحقِّق الكفاية والعدل.
بدوره قال الدكتور محمَّد البلتاجي القيادي في جماعة الإخوان المسلمين بمصر: إنَّ الأمَّة تبحث الآن بعد اندلاع الثورات الشعبية عن مشروع للنهضة؟ وقال: ذهبنا يميناً ويساراً وفشلنا ، ثمَّ تأكَّد لنا أنَّه لا أمل في مشروع حضاري بدون الرجوع إلى الدِّين، واستشهد البلتاجي بقول الله تعالى: {ونُريدُ أن نَّمنَّ على الَّذينَ اسْتضعِفُوا في الأرضِ وَنَجعَلهُمْ أِئمَّةً وَنَجعلَهُمُ الوَارثينَ} (القصص: 5)، مؤكّداً أنَّ هذا هو الدور المنوط بأبناء الحركات الإسلامية الذين تعرَّضوا للاضطهاد والابتلاء.
وقال: إنَّ عناصر القوَّة والهوية الحضارية للأمَّة لاتزال سليمة قادرة على الاستمرار، إلاَّ أنَّنا نحتاج لمشروع تتداخل حلقاته في أوطاننا المختلفة بين جميع الفصائل الإسلامية وبعضها وبين التيار الإسلامي وغيره من باقي القوى الوطنية.
أمَّا الدكتور عصام دربالة عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية، فقال: إنَّ النهضة لا تتحقَّق إلاَّ بمكوّنين الحرية والكرامة، لافتاً إلى أنَّ الأنظمة البائدة قضت على نهضة أمتنا بمصادرة الحريات وهدر كرامة شعوبها، وأشار إلى أنَّنا أمام فرصة تاريخية لاستكمال النَّهضة، فالحرية أصبحت متاحة والكرامة ردّت إلينا، والحركة الإسلامية لديها الفرصة الآن لتحقيق النَّهضة بعد أن فتحت لها جميع مجالات الحركة الدَّعوية والخيرية والسياسية والإعلامية، مقترحاً تعاون جميع الحركات الإسلامية وإعادة هيكلتها لتتوافق مع مجالات العمل الكثيرة التي اتيحت بعد نجاح الثورة.
واستعرض الدَّاعية الإسلامي وأستاذ الشريعة بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة الدكتور صلاح سلطان بعض الخطوات التي عدَّها بداية الانطلاق لاستنهاض حضارتنا، ووضع على رأسها الانتقال من زيارة المساجد إلى إعمارها نوعيا وكمياً، فالبناء الدَّاخلي للإنسان يكوّن من المسجد والإنسان هو محور أي حضارة، إضافة إلى الانتقال من القرارات العشوائية إلى الدراسات المنهجية، وهو ما يتطلب تحديد منهج وسطي للإسلام والاتفاق عليه، يتبعه الانتقال من الفرقة والاختلاف إلى الوحدة والائتلاف، والانتقال من احتكار الرّجال للأنشطة النَّهضوية إلى مشاركة المرأة مع الالتزام بالضوابط الشَّرعية، والانتقال من فكر الاعتزال إلى التعايش والاعتدال مع أي دين ومع غير المسلمين، إضافة إلى الانتقال من فكر الفتاوى الفردية إلى فقه المجامع الفقهية.
وأكَّد الدَّاعية الإسلامي الشيخ محمد حسَّان أنَّ الإسلام يمنعنا من إكراه غير المسلمين في الدين، فما بالك بالإكراه في الرّأي، متعجّباً من الذين يصرّون على مخاطبة الآخرين بلغة قاسية لدعوتهم لدين الله، وقال: ما علينا إلاَّ طرح ما نراه: {فإنَّما عليكَ البلاغُ وعلينا الحِسَاب}.
وأضاف: كما يمنعنا الإسلام من التنازع والفرقة والاختلاف، داعياً إلى ضرورة اتفاق الإسلاميين والمسلمين مهما كان انتماءهم واختلافهم في هذا الموقف الحرج، موضحاً أنَّ هناك اتفاقاً في كثير من أمور أهمّها الثوابت والأصول.
وأوضح الكاتب الإسلامي الدكتور محمد مورو أنَّه إذا كان الأغلبية في عالمنا ينتمون إلى الحضارة والثقافة الإسلامية العربية، فإنَّ غير المسلمين ينتمون أيضاً إلى الثقافة والحضارة الإسلامية العربية، حتَّى ولو كانوا على غير دين الإسلام، ومن ثمَّ يجب إدراك أنَّ البعد الحضاري الإسلامي والعربي هو القادر على تعبئة البشر، ومن ثمَّ تفاعلهم الإيجابي مع الثَّروات والطَّاقات لتحقيق النَّهضة، وغياب هذا البُعد كفيلٌ بإفشال أيّة محاولة للنَّهضة، وعلى هذا الأساس، فإنَّ الحركات والجماعات السياسية ذات المرجعية الإسلامية الحضارية والثقافية هي الأقدر على قيادة مشروع النَّهضة.