أكَّد فضيلة الشيخ محمد العوضي، الداعية الكويتي المعروف، أنَّ الكثير من القنوات الفضائية تساهم في هدم القيم وتضييع الأخلاق خصوصاً بين فئة الشباب، التي هي عصب الأمم، ناهيك عن الفئات الأخرى بالمجتمع، وذلك سعياً وراء تمييع القضايا الرئيسة لدى الجمع الغفير من الناس على مختلف مشاربهم وتوجهاتهم.
جاء ذلك ضمن المحاضرة الأولى للموسم الثقافي الـ"34" الذي تنظمه وتشرف عليه إدارة الدعوة والإرشاد الديني بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في قطر، والتي عرج خلالها على لقائه بالعديد من "الفنانات" في إطار الدعوة إلى الله فقال: (إنَّ خطأ الطبيب يدفن في الأرض وخطأ المهندس ينزل إلى الأرض - أي يهدم ويقع - أمّا خطأ الفنان فيمشي على الأرض، لذا فإثمه جارٍ؛ حيث ينتشر إثم الفنان ويؤثر في الكثيرين، ولذلك فإنَّه قد يتوب صاحب العمل ويستمر نشره وفساده بين الناس).
وقال: (عندنا قيم وعندنا مغتال لها، وأنَّ لكل مجتمع قيماً تربَّى عليها بما اجتمعت عليه المجتمعات وما ينتج عنها من أحكام، بناء على عقيدتها التي تتفاوت في وجدان كل إنسان من خلال هذه الأثار الذي تؤثر فيه، ولذلك يقول أحد الكتاب: إنَّ القيم هي الصورة الأخرى التي تعكس عقيدة كل مجتمع وما نشأ عليه أهله).
وأشار إلى الكتاب الذي ألفه "جوزيف سنياي" خبير الأمن القومي الأمريكي وحديثه عن كيف كسرت قناة الجزيرة احتكار المؤسسات الإعلامية الأخرى مثل (السي إن إن)، والتي كانت تستأثر بالأخبار، وفي حرب العراق؛ حيث كانت هذه المحطات تقول الحرب على الإرهاب والجزيرة تقول الغزو الدولي للعراق، وأيضاً كان الحال في غزَّة حيث كانت هذه التغطية والتي قلبت الموازين وجلبت التعاطف لما أظهرت الوضع الحقيقي، والذي يحدث على الأرض للعالم كله.
ولذلك فقد ذكر بعض الكتاب أنَّ سلطة الإعلام فاقت في قوتها سلطة بابا روما في العصور الوسطى، والخليفة العباسي في العصر الأوَّل العباسي، وذلك نظراً للخطوات التي يحتاجها هؤلاء للوصول إلى الناس في حين أنَّ الإعلام يدخل عليك بيتك بدون استئذان، ولا يستطيع أحد أن يحاسبه أو يمنعه أو يحد من انتشاره.
وأشار الدكتور "العوضي" إلى أننا نعاني الآن من عدم التحكم خصوصاً في مجتمعاتنا حتى قالوا: إننا الآن انتشر فيما بيننا الفساد الفوضوي، بل أصبحت تصريحات الفضائيات الآن مستمدة من نهج المشرف على القناة أو صاحبها أو انتمائه وتوجهاته، فيؤثر ذلك في ما تعكسه من تصريحات.
وحذَّر من التضليل الإعلامي الذي يقع فيها العديد من الفضائيات بتمييعها للقضايا المهمَّة أو الحديث عن كتاب ظهرت ردته من كتابته فيصوّر ذلك أنَّ هذه الرواية أثارت جدلاً بين الناس، مع أنَّ الرِّواية فيها استهزاء واضح بالذات الإلهية والأنبياء، كذلك التركيز على الثقافة الفردية والإلهاء كما في الأفلام الكرتونية كما يصوّر "سوبر مان" أو "سبيدر مان" أو "بات مان"؛ حيث يركّز عليه أنَّه هو الذي يستطيع وحده الإصلاح وليس بالعمل الجماعي والتعاون والتكافل الدَّائم بين جميع أفراد المجتمع، مؤكّداً أنَّه يمكن أن تقبل بالترفيه إذا كان المجتمع يتمتع بالعدل والمساواة، أمَّا والعالم يجتاحه الظلم والجور.
كذلك ما تقدّمه الأفلام المترجمة؛ حيث تعمل على تلميع المجتمع الأمريكي وكيف تظهر الحياة من خمور وفجور ونساء وتفسخ، ومن ثمَّ اللجوء إلى الصليب خصوصاً في أفلام الرعب، بل ونشر الفاحشة بين الناس عملا بالقاعدة التي تقول: "ما تكرَّر تقرَّر"، وذلك بتدريج الوصول إلى ذلك حيث أصبح الوصول إلى هذه الأفلام في كل شيء "رسيفر وإنترنت وجوال" والعديد من التقنيات المتاحة من أجل الربح فقط وغزو المجتمعات ثقافياً.
وفي الختام تحدَّث عن مؤتمر الطفل في لبنان؛ والذي تحدث عن "الميكي ماوس" وهي التي تقوم على الصراع بين القط والفأر، حيث جعلوا صورة القط وهو يمثل الحارس للمنزل أو الذي يقوم على حماية حقوق الناس فأظهروه في صورة الأبله ثقيل الدم، في حين أظهر الفأر السَّارق المغتصب في صورة الذكي الماكر الظريف يقبل عليه الصّغار ويحبّه لأنَّه داهية وتستطيع أن تسرق، أسرق فلا شيء عليك كما يشاهد.
وحذَّر الداعية العوضي من توجّه الكثير من القنوات إلى مجرّد الربح بدون النظر إلى العاقبة التي تعود على المجتمعات، وما تساهم فيه من نشر الفاحشة بين الأفراد في هذه المجتمعات، ونوَّه إلى أهمية متابعة القنوات المفيدة التي تساهم في تربية الشباب ليحموا هم أمتهم، مشيرا إلى أهمية دور الآباء في متابعة أبنائهم في هذا الأمر؛ حيث أصبح العلاج فردياً على كل أسرة حتَّى تنتشر القيم والأخلاق فيما بينهم.