كثرة الاستغفار .. دليلُ الحياة الطيِّبة

الرئيسية » بصائر نبوية » كثرة الاستغفار .. دليلُ الحياة الطيِّبة
alt

لا تكاد تتوقّف المعركة بين الإنسان وشهوات نفسه وملذاتها، وبين وسوسة الشيطان وإغراءاته، فإذا وقع في الخطيئة واستجاب لها انهارت قوّته وضعف اتصاله بخالقه واختل توازنه في حياته،  وهو ما شعر به حاتم الأصم حين سئل : ما تشتهي؟ قال: (أشتهي عافية يوم إلى اللَّيل) . فقيل له: أليست الأيام كلها عافية؟ قال : (إنَّ عافيةَ يومي أن لا أعصي الله فيه).
من هناك كان الاستغفار دليل المسلم إلى الحياة الطّيّبة؛ حيث الشعور بالسَّعادة والطمأنينة، والإحساس بحلاوة الإيمان والعبادة، ولا تتوقف كثرة الاستغفار واللجوء إلى الله عند هذا ذلك؛ فهي تمكّن المرء بالقوّة بكل معانيها، وتُفرحه بنزول المطر ووفرة المال والبنين، وتسعده بالمتاع الحسن، ويجمل ذلك ما ورد عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : ((من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجًا، ومن كل هم فرجًا ورزقه من حيث لا يحتسب)). (رواه أبو داود وابن ماجه في سننهما، والحديث فيه ضعف).

لا يغفر الذُّنوب إلاَّ الله ..

في لسان العرب : (الغَفُورُ الغَفّارُ جلّ ثناؤه، وهما من أَبنية المبالغة ومعناهما الساتر لذنوب عباده المتجاوز عن خطاياهم وذنوبهم يقال اللهمَّ اغفر لنا مَغْفرة وغَفْراً وغُفْراناً وإنك أَنت الغَفُور الغَفّار يا أَهل المَغْفِرة وأَصل الغَفْرِ التغطية والستر غَفَرَ الله ذنوبه أَي سترها).
والاستغفار مصدر من الفعل (غفر)، ومعناه طلب الاستغفار من الله سبحانه وتعالى، فإنَّه لا يغفر الذنوب إلاَّ هو، قال تعالى : { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}. (آل عمران:135).
الاستغفار دليل المسلم إلى الحياة الطّيّبة؛ حيث الشعور بالسَّعادة والطمأنينة، والإحساس بحلاوة الإيمان والعبادة

سيّد الاستغفار ..

وسمّي بذلك لأنَّه يجمع أبواب الاستغفار كافة ، فعن شداد بن أوس عن النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (( سيّد الاستغفار أن يقول العبدُ: اللَّهم أنت ربِّي لا إلهَ إلاَّ أنتَ خلقتني وأنا عبدك، وأنَا على عهدك، ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شرّ ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوء بذنبي فاغفر لي، فإنَّه لا يغفر الذُّنوب إلاَّ أنت )). ( رواه البخاري في صحيحه).

التَّمكين بالقوَّة ..

قال الله تعالى: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ}. (هود:52).
فالقوَّة في هذه الآية على ظاهرها وهو العموم، تشمل جميع ما يحسن الله تعالى فيه إلى العباد، كما قرَّره ابن عطية في المحرَّر الوجيز، وقد خصًّصها بعض المفسّرين بالمال أو البنين.
فلذلك كان الاستغفار من الذنب أوّل ما توجّه به الرّبيون الذين قاتلوا مع النبيين في مواجهة الأعداء، إنَّه الاستغفار الذي يردّهم إلى الله ويقوّي صلتهم به، ويفتح بصائرهم وبصيرتهم لمعرفة طريق الحق وسواء السبيل.

نزول الغيث ..

قال الله تعالى : {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}.(نوح:10-12).
هذه الآية كما يقول العلماء دليلُ على أنَّ الاستغفار يستنزلُ به الرّزق والأمطار، قال الشعبيُّ : خرج عمر يستسقي فقال : لقد استسقيت بمجاديح – جمع مفدره مجدح وهو نجم من النّجوم- السَّماءِ التي يستنزل بها المطر، ثم قرأ : {اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارا يُرْسِلِ السَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَارا}.
وشكا رجلٌ إلى الحسن الجدوبة، فقال له : استغفر الله، وشكا آخر إليه الفقر، فقال له : استغفر الله، وقال له آخر: ادعُ الله أن يرزقني ولداً، فقال له : استغفر الله، وشكا إليه آخرُ جفاف بساتينه، فقال له : استغفر الله .
قال حاتم الأصم : (إنَّ عافية يومي أن لا أعصي الله فيه).
المتاع الحسن ..

قال الله تعالى: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} (هود:3).
إنَّه المتاع الحسن جزاء المستغفرين، وقد هذا المتاع بالنَّوع كما يكون بالكم في هذه الحياة الدنيا، أمَّا في الآخرة فهو بالنَّوع والكم، وبما لم يخطر على قلب بشر، وفي تفسيره معنى المتاع الحسن، قال ابن عباس : (يتفضَّل عليكم بالرِّزق والسعة ) وقال ابن قتيبة : ( يعمّركم، وأصل الإمتاع الإطالة، يقال: أمتع الله بك ومتع الله بك إمتاعا ومتاعاً، والشيء الطويل ماتع، يقال: جبل ماتع وقد متع النهار إذا تطاول).
وجاء في تفسير الإمام البغوي: (يعيشكم عيشًا حسناً في خفضٍ ودَعَةٍ وأمن وسعة . قال بعضهم: العيش الحسن هو الرِّضا بالميسور، والصَّبر على المقدور).

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

alt

التحذير من علماء السُّوء !

عنوان هذا الموضوع هو اسم لكتاب ألفه الحافظ أبو الفتيان الدّهستاني، الرَّوَّاسيّ؛  عمر بن محمد …