كثير من الشخصيات أثّرت إيجاباً في حياتي ولازالت.. لكنني تعلمت بفضل الله أن كل الناس بعد رسول الله معرضون للخطأ.. وأن العبد مها تقرّب إلى الله لا يصبح ولا بأي شكلٍ من الأشكال معصوماً لأنه وببساطة انتهى عهد الأنبياء بخاتمهم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم..
تعلمت أيضا وبعنايةٍ من الله أن أسمع كل المتكلمين في الدين وغير الدين بعقلٍ منفتح..
أسمع.. أفكر.. أحاكم.. أبحث.. ثم أحكم..
ولأنني مؤمنة أكبر إيمان أن الله ما وهبنا هذه النعمة العظيمة ألا وهي العقل إلا لنستخدمها في الوصول إلى مرضاته.. لأنني كذلك.. أسمع كل المشايخ والعلماء والدعاة إلى الله رجالا ونساء وأقرأ لهم دون أن أسمح لعقلي بإجازة بحجة أن فلان أو فلانة أتقياء ورعون ولا يمكن أن يتكلموا عن الإسلام إلا بما يرضي الله..
القضية ببساطة.. أن أحد المشايخ حفظه الله ظهر على شاشة إحدى الفضائيات العربية.. وقال ما قال.. وضمن حديثه ذكر أمراً غايةً في الخطورة..
قال الشيخ بالحرف: {في الشام رجال أتقربُ إلى الله بتقبيل أيديهم بل وأرجلهم أيضا}..
يا شيخنا الجليل ويا من يقدر الله له قراءة هذه السطور.. هل قرأت أو علمت في السنة الصحيحة الواردة عن رسول الله أن أحدا من الصحابة الكرام كان يتقرب إلى الله بتقبيل أيدي وأرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم..
أنا أكيدة أن هذه العبادة غير موجودة.. ما نعلمه علم اليقين أننا نتقرب إلى الله بحبنا لرسول الله واتباعنا لسنته الصحيحة والصلاة عليه فقط.. وهذا رسول الله خير خلق الله أجمعين.. فما بالك بمن هم حتما دون رسول الله مكانة وقدرا..
متى أصبح تقبيل الأيدي والأرجل عملاً صالحاً في الإسلام بل عبادة نؤجر عليها.. لا أدري!!
وكأنك تقول يا شيخنا الجليل.. أن الله يقول لعباده أزداد رضاً عنكم وتتقربون مني كلما قبلتم الأيادي والأرجل لمن سماهم الشيخ بالأقطاب والأبدال والأولياء، وهذا مما بقي في عقول الكثيرين من علماء الشام من أخطاء وقع فيها من يسمون بأهل التصوف.. علما أن الله تعالى قال في كتابه العزيز {..إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}، (الحجرات:13).
لن أعبد الله إلا كما أمرني الله بإذن الله.. هذا ما جرَّهُ حبنا للمبالغة في كل شيء علينا نحن المسلمون.. وهذا ما أصاب الشيخ من الوقوع في هذا الخطأ الجسيم حينما بالغ في تقديس وتكريم المشايخ والعلماء ومن يسمونهم المتصوفة بالأقطاب والأبدال والأولياء والذين يعتقدون بأن مجرد وجودهم في الشام –الأحياء منهم والأموات- هو حماية لها وصيانة من البلايا والمحن، علما بأن الله تعالى لم يحمي مكة وبيته الحرام من أمور كثيرة عبر التاريخ آخرها فيضانات جدة.. رغم أن مكة فيها من فيها من الصحابة الذين دفنوا فيها.. وكذلك المدينة المنورة وفيها دفن خاتم المرسلين..
لا يحمي البلاد وأهلها إلا صالح الأعمال.. ولا يدمر البلاد وأهلها إلا الذنوب والمعاصي..
قال تعالى: {وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ}، (النحل:112).
{وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ }، (النحل:112).
{وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ}، (الأنبياء:11).
{فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ}، (الحج:45).
{وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ}، (الحج:48).
{وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ}، (العنكبوت:31).
{إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}، (العنكبوت:34).
{وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُّكْراً}، (الطلاق:8).
فتأملوا يا رعاكم الله ودققوا في الأمور وما تسمع آذانكم ولن تجنوا إلا خيرا بإذن الله.
إن أصبت فلله الحمد فهذا من فضله تعالى، وإن أخطأت فلا حول ولا قوة إلا بالله فهو من ذنوبي غفر الله لي ولكم وللمؤمنين أجمعين..آمين.
بقلم : زبيدة ذي النون - دمشق
تقرَّبْ إلى الله بتقبيل الأيادي والأقدام!!
شاهد أيضاً
بين عقيدة الإسلام و”عقيدة الواقعية
للإسلام تفسيرٌ للواقع وتعاملٌ معه بناءً على علم الله به ومشيئته فيه، كما يثبتهما الوحي. …