أُم عمارة .. ومن يطيق ما تطيقين ؟!

الرئيسية » بصائر للأسرة والمرأة » أُم عمارة .. ومن يطيق ما تطيقين ؟!
alt

أولو كان في كلِّ زمان امرأة مثل أم عمارة، ماذا سيكون حاله يا ترى ؟!
أولو كانت كلِّ امرأة منا تحمل سمة من سمات هذه المرأة العظيمة _التي لم تكن مجاهدة فحسب، بل مربية فذَّة قد ربَّت رجالاً أبطالاً شهداء _ماذا سيكون حال مجتمعنا ؟!

أم عمارة الانصارية نسيبة بنت كعب المازنية من بني النَّجار، من أوائل من أسلم من الأنصار وممَّن بايع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في بيعة العقبة، ونعم ما بايعت، ونعم ما أوفت !!
قال عبد العزيز الرَّافعي في كتابه ((أم عمارة الصحابية الباسلة)) :

"لقد كان مصدر البطولة هذه المرَّة امرأة والمرأة حينما تتخطى حواجز أنوثتها لتدخل بطولة الأبطال من الرِّجال تعتبر بطولتها في ميدانهم أكثر استلفاتاً وأشد إثارة للإعجاب " وهنا تميَّزت أم عمارة ...
فكانت رضي الله عنها قد شهدت مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم غزوة أحد، وقالت: سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول : ((لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مقام فلان وفلان)).
 وكانت تقاتل يومها أشدَّ القتال، وكانت حاجزة ثوبها على وسطها حتَّى جرحت ثلاثة عشر جرحاً، وكانت تقول: (إني لأنظر إلى ابن قمئة وهو يضربها على عاتقها وكان أعظم جراحها داوته في سنة، ثم نادى منادي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلى حمراء الأسد، فشدت عليها ثيابها، فما استطاعت من نزف الدَّم !!!
أيُّ صدق هذا، وأيُّ إخلاص، وأيّ حبٍّ لهذه الدَّعوة، وأيّ عظمة تلك لذاك الدّين يُبذل لأجله كل هذا ؟!وجرح ابنها فنزف بغزارة, فقال له النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم: ))اعصب جرحك))، فسمعته أم عمارة، وكانت معها عصائب قد علقتها في وسطها، فأخذت منها وربطت بها جرح ابنها، وقالت: انهض وضارب القوم، فقال لها النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم : ((ومن يطيق ما تطيقين يا أم عمارة ))..

قال فيها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في غزوة أحد عندما تخلَّف عنه الجميع ولم يبقى حوله  إلاَّ القليل ومنهم أم عمارة : ((ما التفت يميناً ولا شمالاً إلاَّ وان أراها تقاتل دوني)) , وقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلّم لابنها عبد الله بن زيد : ((بارك الله عليكم من أهل بيت , مقام أمك خير من مقام فلان وفلان, ومقام ربيك _ زوج امه_ خير من مقام فلان وفلان , ومقامك خير من مقام فلان وفلان رحمكم الله أهل بيت)). قالت أم عمارة : (ادعُ  الله أن نرافقك في الجنَّة)، فقال صلَّى الله عليه وسلَّم : ((اللَّهم اجعلهم رفقائي في الجنَّة)), فقالت: (ما أبالي ما أصابني من الدنيا).
وجرح ابنها فنزف بغزارة, فقال له النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم: ))اعصب جرحك))، فسمعته أم عمارة، وكانت معها عصائب قد علقتها في وسطها، فأخذت منها وربطت بها جرح ابنها، وقالت: انهض وضارب القوم، فقال لها النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم : ((ومن يطيق ما تطيقين يا أم عمارة ))..
يا بني انهض فضارب القوم ... أيُّ أم منَّا تستطيع أن تلقي ولدها إلى الموت، بل وتدفعه إليه دفعاً .. بل تراه يتهاوى أمامها، فتربط على جرحه وتدفعه ليكمل ما ربته عليه، وما نذرت لله نفسها وبنيها، وما بايعت عليه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فأيّ أم منا تطيق ما طاقت أم عمارة ؟!
وشهدت رضي الله عنها حرب اليمامة، وذلك لما بعث خالد بن الوليد إلى اليمامة، جاءت إلى أبي بكر الصّديق رضي الله عنه، فاستأذنته للخروج فقال : (قد عرفنا بلائك في الحرب، فاخرجي على اسم الله )، وأوصى خالداً بها وكان مستوصيّاً بها، وقد جاهدت باليمامة أجل جهاد، وجرحت اثني عشر جرحاً، وقطعت يدها وقتل ولدها ..
وظلت أم عمارة على ما هي عليه من جهاد متواصل مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلم ومع خلفائه رضوان الله عليهم حتَّى ارتقت روحها المطمئنة إلى بارئها سنة 13 هـ، ودفنت في البقيع ..فهنيئا لكِ يا أمَّ عمارة ... وأعاننا المولى على الاحتذاء بكِ يا رفيقة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في الجنَّة ...

المراجع :
- أم عمارة الصَّحابية الباسلة،  لـعبد العزيز الرَّافعي
- سير أعلام النبلاء، للإمام الذهبي
مراجع للاستزادة :
- أسد الغابة في معرفة الصَّحابة لابن الأثير
- صفوة الصفوة لابن الجوزي

 

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

alt

إقرار أول قانون للحماية من العنف المنزلي في السعودية

قال مسؤول في مجال حقوق الإنسان إن السعودية أقرت قانونا مهماً يهدف إلى حماية النساء …