الانتفاضة .. قوَّة تنتزع الحقوق

الرئيسية » خواطر تربوية » الانتفاضة .. قوَّة تنتزع الحقوق
انتفاضة

"الحق لمن يأخذه، لا لمن يتغنى بذكره، وينظم فيه القصائد".. مقولة تنير الدَّرب للباحثين عن حقوقهم، والرَّاغبين في استعادة ملكهم، فالحق والقوة متزامنان، فالإنسان الضَّعيف مسحوق مخذول يؤتى الإسلام من قبله، أمَّا إذا اجتمع في الإنسان قوَّة وأمانة وتقوى وعزيمة ومراقبة وصرامة، فهو الرَّجل حقاً، يقول المولى جلَّ وعلى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ}، والقوَّة هنا بمعناها الكامل، فهي قوَّة العلم، وقوَّة المال، وقوَّة الاتحاد، وقوَّة الجيش، وقبل ذلك كلّه قوة الإيمان، وقوة الإرادة.
ولمّا كانت الانتفاضة الفلسطينية الثالثة على الأبواب، وخاصة في ظل المعطيات الجديدة في المنطقة بعد الثوارت العربية التي أكَّد جميع المراقبين أنَّها ستؤثر إيجاباً على القضية الفلسطينية، فإنَّه يأتي موضوع الحق والقوَّة ليلقي بظلاله على تلك الانتفاضة،  التي معها الحق ولكنَّها تسعى للم قواها لتنتصر.

إعداد العدَّة
الانتفاضة التي تمّ الدّعوة إليها في ذكرى النكبة، هي أحد أشكال القوّة التي يجب الإعداد لها، وهي قوة الحشد والتّجييش ورفع الهمم وإيقاظ العزائم، وعودة الإرداة نحو إحقاق الحق الثابت لدى المسلمين في الأرض، وطرد المحتلين منها.فما معنى أن تعلم أنَّ لك الحق في فلسطين، ولكن لا تعد العدّة لتحريرها، وتستعد بكلّ القوى لإزاحة الاحتلال الجاثم على البلاد والعباد منذ عشرات السنين، فلا يجب أن نكون كمهزلة الأعرابي الذي أوسع عدوه سبّاً وتركه يذهب بالإبل،  فالأعرابي الذي بعثته أمُّه يرعى جمالها، فرأى العدو، فوقف يسبّه، ويلعن أباه وجدّه ، حتّى تعب لسانه وكلّ ، فقعد يستريح، وترك العدو يذهب بالإبل.
والتحرّك الشعبي الذي يسعى الشباب الفلسطيني والعربي والإسلامي بشكل عام نصرة للقضية الفلسطينية، والانتفاضة التي تمّ الدّعوة إليها في ذكرى النكبة، هي أحد أشكال القوّة التي يجب الإعداد لها، وهي قوة الحشد والتّجييش ورفع الهمم وإيقاظ العزائم، وعودة الإرداة نحو إحقاق الحق الثابت لدى المسلمين في الأرض، وطرد المحتلين منها.

على الأمَّة الإسلامية كباقي الأمم، أن تتمتع بالقوَّة على أشكالها كافة ، لكي تحمي مكتسباتها وشعبها من أيّ سوء ومكر على الصَّعيدين الداخلي والخارجي

فأيّ أمّة لها حق لابد أن تمتلك من القوّة التي تدافع بها عن حقها،  فالقوة سياج لا تستغني عنه الأمم، وهذا ما يصدقه التاريخ الماضي والحاضر، ولذلك على الأمَّة الإسلامية كباقي الأمم ، واقتباساً من ركازها الديني ، وهدي خلفائها الرَّاشدين، أن تتمتع بالقوَّة على أشكالها كافة ، لكي تحمي مكتسباتها وشعبها من أيّ سوء ومكر على الصَّعيدين الداخلي والخارجي، فكلما كانت الأمّة قوية وذات هيبة، فإنها ترهب الأعداء من أن يغامروا ضدها، وتسكت أعداءها من الداخل ممن يتآمرون ويتربصون بها الدّوائر، "فالأمَّة مطالبة بإعداد القوة الحربية للدّفاع عن الدّين وعن الوطن ، وعن كلّ ما يجب الدفاع عنه ، فالمسلمون إذن مكلفون أن يكونوا أقوياء ، وأن يحشدوا ما يستطيعون من أسباب القوة ليكونوا مرهوبين في الأرض.

قوَّة من ضعف
وعلى الرَّغم  من حالة الضعف التي تمرّ بها الأمَّة منذ سقوط الخلافة الإسلامية والنكبة واحتلال الأراضي العربية إلاَّ أنَّه لا يجب الاستسلام لحالة الضَّعف وخاصة في ظل المبشرات الجديدة بنجاح بعد الثورات العربية، فالحشد العالمي الذي يتم الإعداد له والانتفاضة التي تؤكّد المؤشرات أنّها ستندلع في الأراضي المحتلة، هو أحد أنواع القوّة التي سترهب العدو.

الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم ظلّ يطلب أسباب القوّة المادية والبشرية حتّى استطاع أن يتوّج دعوته بإقامة الدولة وترسيخ أركانها ، ممّا جعله قادراً على مواجهة التّحديات والانتشار بالدّعوة الإسلامية خارج المدينة

وفي تاريخنا الإسلامي نجد أنَّ الرَّسول صلَّى الله عليه وسلّم لم يستكن مرَّة لحالة الضعف وقلة المساندين له حتّى في بداية الدعوة الإسلامية، بل وصفه الله تعالى هو وأصحابه، فقال: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}، فالزرع يظهر في أول أمره ضعيفاً متفرّقاً ، ثمَّ يغلظ ويتكامل حتّى يقوى ويشتد، وهكذا النّبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه، كانوا في أوّل الأمر في قلة وضعف، ثم لم يزالوا يكثرون ويزدادون قوّة حتّى بلغوا ما بلغوا في ذلك، فالرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم ظلّ يطلب أسباب القوّة المادية والبشرية بعد توكله على الله عزّ وجل ، حتّى استطاع أن يتوّج دعوته بإقامة الدولة وترسيخ أركانها ، ممّا جعله قادراً على مواجهة التّحديات والانتشار بالدّعوة الإسلامية خارج المدينة ، وإلجام المتربصين بالمسلمين ودينهم ووطنهم سواء كانوا أعداءً من الداخل أو من الخارج ، وهذا ما يجب أن تقوم به أمتنا الإسلامية في كلّ عصر وحين، فالتحرّكات الشعبية والانتفاضة أحد تلك القوى التي نطلب أسبابها لتحقيق النّصر وعودة الحق المسلوب وتحرير المسجد الأقصى الأسير من دنس اليهود.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

مسؤولية التعلم ولو في غياب “شخص” معلم

ربما من أوائل ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن العلاقة بين المعلم والمتعلم، قصيدة …