طريقنا لامتلاك قلوبهم..
الصَّداقة معنى جميل، وللصَّداقة ظلال على النفس والرُّوح والفكر تلازم من عايشها طوال السنين.
و الصَّداقة لغوياً تعود إلى "الصدق"، فهي حالة من التفاعل الصَّادق بين البشر، لهذا قيل في المثل: (صديقك من صَدَقَك..وليس صديقك من صَدَّقك!)، كما أنَّ لها صلة رحم بـ"صادق" بمعنى صاحب، إذ أنَّ من مستلزمات الصَّداقة الصّحبة والعشرة والمعايشة والملازمة.
هل نستطيع؟
هل هناك مشاعر أسمى وأصدق من تلك التي ينبض بها قلب كلّ أب وأم .. منذ اللحظة الأولى لإعلان تشكل نطفة جنين في الرّحم !
هل هناك أصدق من حالة التفاعل المتواصل التي يحياها الأبوان لحظة بلحظة مع الولد جنيناً ، فطفلاً، فبالغاً، فراشداً..!
وهل هناك أكثر من معايشة الوالديْن لأبنائهم والملازمة الدائمة لدقائق الحياة وثوانيها؟
فلماذا؟
لماذا لا يكون الولد صديقاً؟ وتكون الابنة صديقة؟ لماذا نُصِّر على الحواجز الصارمة والرَّسمية القاتلة في العلاقة؟
لتغدو منازلنا مناصب وهياكل إدارية وقنوات اتصال محسوبة!
تلقي المادية المتفشية في الجسد الإنساني اليوم بظلالها على علاقاتنا، فبات البعض يحسب هذه العلاقات بالورقة والقلم، وإذ تنتشر الغِلظة والقسوة في كأس الحياة، تنفضّ الرَّحمة والرفق واللطف مغادرةً في ارتحال..
{وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} . (آل عمران:159).
نحتاج في ازدحام الحياة، وتراكم المتطلبات من ضروريات وكماليات، إلى إعادة حساباتنا النفسية، حساباتنا العاطفية الشعورية، لا ندّعي أبداً بأننا نوجّه أصابع الاتهام إلى قلوب الأمهات والآباء اليوم بخوائها من الحب والحنان .. لا... فتلك فطرة لا نجادل في تلقائية وجودها، ولكننا نقول بأننا نحتاج إلى نمنح تلك المشاعر مساحة أكبر من لحظات الحياة التي تجمعنا بأبنائنا.تربعنا على عرش المحبَّة في قلوب الأبناء يتطلَّب منَّا مزيداً من البذل النفسي المبني على الشعور بحاجتهم لوجودنا في حياتهم.
لحظات تجمعنا
بعيداً عن الأمر والنَّهي، بعيداً عن المسموح والممنوع، بعيداً عن الحقوق والواجبات.. نحتاج إلى لحظات تجمعنا بأبنائنا لتقرّبنا من حيّز تفكيرهم ومشاعرهم...ليغدو "حبهم" لنا لا فطرة فقط، وإنّما قصداً ومع سبق الإصرار والتّرصد، ولكن تربعنا على عرش المحبَّة في قلوب الأبناء يتطلَّب منَّا مزيداً من البذل النفسي المبني على الشعور بحاجتهم لوجودنا في حياتهم.
كيف أكون صديقاً؟
- لا تتنازل عن الاجتماع على مائدة الطعام ولو مرَّة واحدة في اليوم على الأقل.
- "تبادل الأدوار" لعبة مفضلة لدى الأبناء، لتكن يوماً أنت الابن وهو الأب، أنتِ البنت وهي الأم، وانظروا كيف يكون الحال!!
- تابع دوماً ولكن دون إزعاج..كن قريباً ولا تكن مُخبراً..
- تحدثا معاً..بادر بفتح حوار يتعلق بك، بعملك، بهمومك، بذكريات طفولتك، واجعله يضحك على عثراتك الطفولية القديمة..
- اخرجا معاً بمفردكما..أسمِعْهُ "أنتَ صديقي" وأنك تحب أن تقضي بعض الوقت الخاص معه في مكان ما تختاره أنت أو هو..
اللَّهم أصلحنا لأبنائنا وأصلحهم لنا ..وأصلح بنات وشباب المسلمين يا ربَّ العالمين...