حقائق إيمانية عن الموت (2-3)

الرئيسية » بصائر التوحيد » حقائق إيمانية عن الموت (2-3)
alt

قلنا في الحلقة السَّابقة : (إنَّ حقيقة الموت هي قصة الحقيقة الكبرى في هذا الوجود؛ الحقيقة التي يسقط عندها جبروت المتجبرين وعناد الملحدين وطغيان البغاة والمتألهين)، وبيّنا أنَّ لهذه الحقيقة الإيمانية أموراً غيبية تتعلَّق بها من بين يديها ومن خلفها وجب الإيمان بها والتسليم لها، وتناولنا الحديث في الحلقة الأولى عن ملك الموت وقبض الأرواح، وأوضحنا  أنَّ الله تعالى هو المحيي والمميت، وهو الذي يتوفى الأنفس حين موتها، ولكن اقتضت حكمته عزَّ وجل أن يكل قبض الأرواح إلى واحد من ملائكته المقرَّبين.
وفي هذه الحلقة نتناول الأمر الثاني، وهو الحقيقة الغيبية الثانية المتعلّقة بالموت؛ ألا وهي : سؤال القبر وما يتعلَّق به من أمور غيبية متصلة به، نسأل الله عزَّ وجل أن يخفّف عنَّا ضغطة القبر، وينوّر قبورنا، ويثبتنا عند السؤال، إنَّه سميع مجيب الدّعاء. 

القبر أول منازل الآخرة ..

عن عبد الله بن بحير عن هانئ مولى عثمان قال: كان عثمان بن عفان إذا وقف على قبر يبكي  حتَّى يبل لحيته . فقيل له: تذكَّر الجنَّة والنّار ولا تبكي،  وتبكي من هذا ؟ قال: إنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((إنَّ القبر أول منازل الآخرة . فإن نجا منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه)) . قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ما رأيت منظراً قطُّ إلاَّ والقبر أفظع منه)). (أخرجه ابن ماجه في سننه، وأحمد في مسنده، وهو حديث صحيح).
عندما يوضع الميت في القبر فإنه يضمّه ضمَّة لا ينجو منها أحدٌ كبيراً كان أو صغيراً، صالحاً أو طالحاً، فقد جاء في الأحاديث النبوية الشريفة أنَّه ضمَّ الصحابي الجليل سعد بن معاذ، وهو الذي تحرّك العرش لموته، وفتحت له أبواب السماء، وشهد له  سبعون ألفاً من  الملائكة،
ظلمة القبر ..

عن أبي هريرة أنَّ رجلاً كان يلتقط الأذى من المسجد، فمات ففقده النّبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال : ((ما فعل فلان ؟)) قالوا : مات. قال : ((هلا كنتم آذنتموني به)) فكأنّهم استخفوا شأنه، قال لأصحابه : ((انطلقوا فدلوني على قبره))، فذهب فصلَّى عليه، ثمَّ قال: (( إنَّ هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإنَّ الله ينوّرها عليهم بصلاتي )) . (أخرجه مسلم وابن حبّان وأحمد).

ضمَّة القبر ..

عندما يوضع الميت في القبر فإنه يضمّه ضمَّة لا ينجو منها أحدٌ كبيراً كان أو صغيراً، صالحاً أو طالحاً، فقد جاء في الأحاديث النبوية الشريفة أنَّه ضمَّ الصحابي الجليل سعد بن معاذ، وهو الذي تحرّك العرش لموته، وفتحت له أبواب السماء، وشهد له  سبعون ألفاً من  الملائكة، ففي سنن النسائي الصُّغرى عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((هَذَا الَّذِي تَحَرَّكَ الْعَرْش لَهُ، وَفُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَشَهِدَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ، لَقَدْ ضُمَّ ضَمَّةً ، ثُمَّ فُرِّجَ عَنْهُ)).
وفي مسند الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها  أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلّم قال : ((إنَّ للقبر ضغطةً ولو كان أحد ناجياً منها نجا منها سعد بن معاذ)).
وممَّا يدلّل على أنَّ ضمَّة القبر لازمة لكلِّ إنسان أّنَّ الصبيان لا ينجون منها، ما أخرجه الطبراني في معجمه الكبير عن البراء بن عازب عن أبي أيوب رضي الله عنهما أنَّ صبياً دفن، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((لو أفلت أحد من ضمّة القبر لأفلت هذا الصبي)).

فتنة القبر في السُّؤال ..

((اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال وأعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم )). إذا وضع العبد في قبره جاءته الملائكة على صورة منكرة، ففي سنن الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه، قوله صلَّى الله عليه وسلّم : ((إذا قبر الميت - أو قال أحدكم - أتاه ملكان أسودان أزرقان؛ يقال لأحدهما المنكر والآخر النكير، فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرَّجل ؟ فيقول: ما كان يقول هو عبد الله ورسوله أشهد أن لا إله إلاَّ الله وأنَّ محمَّداً عبدُه ورسوله، فيقولان قد كنا نعلم أنك تقول هذا، ثمَّ يفسح له في قبره سبعون ذراعا في سبعين، ثمَّ ينوَّر له فيه، ثم يقال له: نم، فيقول: ارجع إلى أهلي فأخبرهم ؟ فيقولان: نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلاَّ أحب أهله إليه حتَّى يبعثه الله من مضجعه ذلك، وإن كان منافقاً قال: سمعت النَّاس يقولون فقلت مثله: لا أدري، فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول ذلك، فيقال للأرض: التئمي عليه، فتلتئم عليه، فتختلف فيها أضلاعه فلا يزال فيها معذّباً حتَّى يبعثه الله من مضجعه ذلك)).

الاستعاذة من عذاب القبر ..

كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلّم يستعيذ من فتنة القبر، فقد ثبت في الحديث الصَّحيح أنّه كان يدعو قبل السَّلام في الصَّلاة، فعن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النّبي صلَّى الله عليه وسلّم أخبرته أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصَّلاة :  ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال وأعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم )). (أخرجه البخاري في صحيحه).
وعَنْوَنَ البخاري في صحيحه باباً باسم : (باب التعوّذ من عذاب القبر في الكسوف)، أورد فيه حديثاً عن أمر النبي صحابته بالتعوّذ من عذاب القبر بعد أن صلَّى بهم صلاة الكسوف، عن عائشة أم المؤمنين زوج النبي صلَّى الله عليه وسلّم قالت: (ثمَّ أمرهم أن يتعوَّذوا من عذاب القبر).

معلومات الموضوع

الوسوم

  • الموت
  • اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

    شاهد أيضاً

    alt

    نِعْمَ العبدُ .. إنَّه أوَّاب

    قال الرَّاغب في مفردات ألفاظ القرآن : (الأوبُ ضربٌ من الرُّجوع، وذلك أنَّ الأوب لا …