إنَّ ما يميّز شريعة الإسلام عن سواها من الشرائع هو شمولها لكافة مناحي الحياة وعمومها لكافة الخلق إنسهم وجنهم ، قال تعالى 🙁 وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا )(سبأ:28).
عن سريج وله صحبة قال: قال رسول الله: ( إذا أراد الله عزّ وجل بعبد خيراً عسله، قيل: وما عسله، قال: يفتح الله عزَّ وجل له عملاً صالحاً قبل موته ثم يقبضه عليه) ، مسند الإمام أحمد.
فمن علامة قربك من الله أنَّ مَنْ حولك يحبونك، ومن علامة بعدك عن الله أنَّ مَنْ حولك يبغضونك، وممَّن يوجدون حولك دائماً جيرانك.
فمن هو الجار؟
الجار هو من جاورك سواء كان مسلماً أو كافراً ، والجيران يتفاوتون من حيث مراتبهم ، فهناك الجار المسلم ذو الرَّحم، وهناك الجار المسلم ، والجار الكافر ذو الرَّحم ، والجار الكافر الذي ليس برحم، وهؤلاء جميعاً يشتركون في كثير من الحقوق ويختص بعضهم بمزيد منها بحسب حالته ورتبته.
ومن صور الجوار:
يظن البعض أنَّ الجار هو فقط من جاوره في السكن ، ولا ريب أنَّ هذه الصورة هي واحدة من أعظم صور الجوار، ولكنَّ هناك صوراً أخرى تدخل في مفهوم الجوار : فهناك الجوار في العمل والسوق والمزرعة ومقعد الدراسة، وغير ذلك من صور الجوار.
عن عائشة رضي الله عنها عن النَّبي صلى الله عليه وسلَّم قال : (( ما زال جبريل يوصني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)) صحيح البخاري.
أمَّا حقوق الجار:
فإنَّه إذا استعان بك أعنته ، وإذا استقرضك أقرضته، وإذا افتقر عدت عليه، وإذا افتقدته عدته ، وإذا أصابه خير هنأته، وإذا أصابته مصيبة عزيته، وإذا مات تبعت جنازته، ولا تستطل عليه بالبنيان فتحجب الرّيح عنه إلاَّ بإذنه، ولا تؤذيه بريح قتار قدرك.
وكذلك من حقوق الجار: كف الأذى عنه ، قال عليه الصَّلاة والسَّلام: (( لا يدخل الجنَّة من لا يأمن جاره بوائقه)).
ويجب تحمّل أذى الجار {ادفع بالتي هي أحسن }، ويجب تفقده وقضاء حوائجه وستره وصيانة عرضه.
فمّما لاشكَّ فيه أنَّ لأداء حقوق الجار أثراً بالغاً في المجتمع؛ فهو يزيد التعاطف والرّحم وبه يحصل تبادل المنافع وقضاء المصالح واستقرار الأمن وسلامة الصدور فتطيب الحياة ويهنأ المرء بالعيش فيها.
نصائح للداعيات ..
اجمعي جاراتك كلّ فترة بداية على تناول الفطور، ثمَّ أدخلي للفطور خاطرة إيمانية وتدريجياً سيتحوّل الاجتماع إلى حلقة إيمانية تنتفعين بها وتتنفعي جاراتك وستكون فرصة للتقرب من بعضكم البعض ومعرفة حال الجيران ومساعدتهم وإكرامهم ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره)).
• احرصي على ألاَّ يدخل مجلسك غيبة لإحدى جاراتك ولو بدعوى الحديث عن حاجتها لشيء ما أو أن تتحدّث عن مشكلة في بيتها تكون أخبرتك بها أو شاهدتها بنفسك .
• تذكّري أنَّ من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة ، فلا تتحدثي عن شيء في بيتها لأحد فإن رأيت في بيتها منكرا فتحدثي معها ولا تتحدثي مع جاراتك الأخريات من أجل أن تتشاوري معهن.
• أحسني لجيرانك ما استطعتي وادعي الله أن يرزقك جوار النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم بحسن جوارك لجيرانك، وتذكري أنك تنفذين وصية الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم بإحسانك لهم.
• أمَّا إذا اجتمع حق الجوار وحق القرابة، فأوصيك بضبط اللسان وستر العيوب، وأن لا تنقلي كلّ ما يحدث بالعمارة لأهلك.
• احذري من جلسات بعض جاراتك اللواتي قد يتدخلن في حياتك من حيث لا تشعرين، فقد تجدين بعضهن يستصغرن بيتك أو ما تملكين من متاع الدنيا أو ينكرون عليك طاعتك لزوجك بدعوى أنه يطلب الكثير ويصورن أزواجهن على أنهم ممن كمل من الرّجال وتشعرين بالنقص وينعكس ذلك عليك غمّاً ونكداً، وتقلبين حياتك إلى نكد، ويؤثر ذلك على علاقتك مع زوجك ... فحذاري من تلك الجلسات الشيطانية، وكوني راضية بما رزقك به الله، وتذكري أنَّهن ربما لم يكن صادقات في حديثهن وتذكري بأنك من تصنعين السعادة في بيتك وأنت من تجعلين بيتك جنة...
وزوجها ملك والدار ملكة ... والصفو والسعد يجري في نواحيها
للدَّاعيات في الغرب ..
• إذا حضرت مناسبة خاصة بالمسلمين؛ كعيد الفطر وعيد الأضحى، سيكون من الجميل تقديم بعض الحلويات للجيران وتعريفهم بأنَّ اليوم عيد لنا، وذلك ينطبق أيضاً على زملاء العمل أو النادي.
• يمكن تغليف بعض الهدايا أو الحلويات ويقدمها أبناؤك لأبناء الجيران لأنَّ اليوم عيد!
• في الأيام العادية إذا كنت تخبزين شيئاً لها رائحة لذيذة، وتعلمين بأنَّ الرائحة وصلت للجيران فمن الجميل أن تقدّمي إليها صحناً ممَّا صنعتي منها لجلب مودتهم وقد تخبرينهم بأنَّك أحببت أن يتعرّفوا على طعام بلدك.
• في الغرب تجدين الكثير من كبار السن يعيشون بمفردهم، ولا يجدون من يؤازر وحدتهم يمكنك أن تتفقدينهم كلّ مدَّة، وتتودّدين إليهم بأخلاقك الطيبة، وستجدين ترحيباً منهم، ولعلَّ الله يكتب لأحدهم الهداية على يديك.
مراجع للاستزادة:
- أفكار للدَّاعيات - هناء صنيع.
- أدب النساء مع الجيران - أ.صفاء جلال
