أظهرت الدراسات والأبحاث ضرورة الارتقاء بالأقسام الدَّعوية في الجامعات العربية، ومواكبة التطورات التقنية المذهلة والإفادة منها، والتدريب عليها، إلى جانب تطوير المناهج بما يضمن التمكن منها، وتلبية احتياجات سوق العمل، كذلك أهمية تعلم الدّعاة اللغة الإنجليزية للدَّعوة بها في داخل البلاد وخارجها.
وكانت جامعة الإمام محمَّد بن سعود الإسلامية ممثلة في كلية الدَّعوة والإعلام قد نجحت في تنظيم الملتقى الأوَّل لأقسام الدَّعوة والحسبة في الجامعات السعودية (الواقع والطموح)، والذي دعي في جلساته العلمية إلى أهمية اعتناء المهتمين بخدمة الدين الإسلامي من المختصين بالدَّعوة إلى الله تعالى بإنشاء مركز متخصّص لتدريب الدّعاة، يركز على التدريب العلمي والعملي، و تطوير المناهج وآلية القبول وإنشاء مراكز تدريب متخصصة ومعرفة احتياجات سوق العمل.
واقترح د.صالح بن عبدالله الفريح - أستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية بجامعة أم القرى- بحسب جريدة الرياض - ، فتح عدد من الشعب داخل قسم الدعوة؛ فيكون تحت هذا القسم شعب تخدم الجهات التي لها علاقة بالتخصّص، ويتم التنسيق معهم لوضع البرامج النظرية وإتاحة الفرص للطلاب في التدرب والتطبيق في مؤسساتها، ممَّا يسهم في توظيف خريجي القسم، موضحاً أنَّ من هذه الأقسام الرقابة والسياحة والادعاء والتحقيق والهيئات، وكذلك التعليم والدعوة والخطابة، دعوة الجاليات والرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي والشؤون الدينية بالمستشفيات والتوجيه والإرشاد النفسي، والتوجيه والإرشاد الاجتماعي، وغيرها، ممَّا يمكن تأهيل المنتمي للقسم وتدريبه في السنة الأخيرة التي تعد التّخصصية وتمثل الشعبة التي ينتمي لها ليكون قادراً على الأداء بشكل جيّد ومتميز.
تعليم الانجليزية ..
وفي ورقة تقدم بها د. محمود عبدالهادي دسوقي - الأستاذ المساعد في قسم الدّعوة والاحتساب بجامعة الإمام - حول المقررات الدراسية التي تدرس في أقسام الدّعوة والحسبة في الجامعات السعودية؛ دعا فيها إلى أهمية تحديث المناهج، مشدّداً على أهمية أن يلزم الطلاب بتعليم اللغة الإنجليزية؛ لمواكبة متطلبات العمل الدّعوي.
كما دعا د. دسوقي إلى استخدام التقنيات الحديثة في التعليم وتدريس المقرّرات الدراسية، ووضع دورات تؤهل الطلاب للارتقاء باستخدام أحدث الوسائل والمستجدات الحديثة والتركيز على الإفادة من المقرّرات الدراسية وربطها بالعمل الميداني في حياة الطلاب.
وقال دسوقي: لا بد من التركيز في تدريس مقرّر صفات الدّاعية في تحديد ملامح القدوة الحسنة للدّعاة، وإعداد دعاة يتحلون بمكارم الأخلاق ويتخلون عن سيئها، وكذلك التركيز في المقررات الدراسية على إعداد الدعاة فنياً؛ بتدريب الدعاة على الأداء المؤثر، ومراعاة البيئة التي يتعاملون معها، والجو الذي يتحدثون فيه، والمدعو الذي يدعونه.
ودعا د. حامد بن معاوض الحجيلي - الأستاذ المساعد بقسم الدعوة والثقافة الإسلامية في الجامعة الإسلامية - إلى تطوير العلاقة بين الأقسام الدَّعوية والحسبية في الجامعات السعودية، من خلال إقامة لقاءات سنوية بين الأقسام الدعوية والحسبية تنتقل بين الجامعات السعودية ذات العلاقة لتبادل الآراء والاقتراحات بين الأقسام في العملية الإدارية، وعقد اجتماعات دورية خاصة برؤساء أقسام الدَّعوة والحسبة في الجامعات السعودية.
كما شدَّد على أهمية توحيد الإجراءات النظامية والإدارية بين الأقسام فيما يتعلق بالمناهج والخطط الدراسية، مطالباً في الوقت ذاته بإنشاء موقع الكتروني مشترك وإيجاد قاعدة بيانات مشتركة.
وطالب بتفعيل دور الجمعية السعودية للدراسات الدعوية بصفتها رابطة تزيد من التواصل بين الأقسام وتوحيد المناهج الدراسية قدر الاستطاعة وجعلها تخدم سوق العمل.
واستعرض د. سمير السيد محمد السيد مجالات العمل لخريجي الأقسام الدَّعوية والحسبية، حيث وصفها بالمتناسبة مع كافة الطاقات والقدرات التي توجد لدى من يتشرف بالانتساب لهذا التخصّص كالمسجد ومجال المؤسسات الدَّعوية ومجال مكاتب الدَّعوة والإرشاد، وتوعية الجاليات والمؤسسات التعليمية.
تأهيل الشخصيات الدعوية
وشدَّد الباحث فهد بن مطر الشهراني والباحثة مشاعل الجميل على ضرورة الموازنة في المقرّرات الدراسية بين الدعوة والحسبة، وما يتعلّق بالتنوع في الجانب النظري والتطبيقي لكلّ منهما، مطالبين بطرح مناهج تعنى بالتأصيل الشرعي الإسلامي بشكل مكثف وأكثر ممَّا عليه الآن؛ لإعداد الطالب من جانب العقيدة وتكون الحصانة الفكرية.
وطالبوا بعقد حلقات نقاش وحوار بصفة دورية مع رؤساء ووكلاء الأقسام لمعرفة متطلبات وحاجات الطلاب العلمية والعملية، وإفساح المجال التدريبي لطلاب قسم الدَّعوة والاحتساب في المشاركة والزّيارات الخارجية مع الإشراف عليها، والتي ستكون لها أبعاد في تنمية المجال التخصصي.
الورقة لم تقتصر على الطلاب فقط، بل دعت لطرح برامج تطويرية لأعضاء هيئة التدريس بالقسم والذي سيعود نفعه على الطالب.
وقالت: (إن العناية باللغة الأجنبية وخاصة (الانجليزية) كأداة ووسيلة تدعم طالب الدعوة في الجانب المهاري والإعدادي المتناسب والمواكب لمتطلبات العصر).
وطالبت بطرح برامج تطويرية وتدريبية مهارية لطلاب الدعوة والاحتساب كأنشطة مصاحبة للمناهج الدراسية، والعناية بالبحث العلمي والتركيز على ربط القضايا بالدَّعوة والاحتساب بصورة أكثر عمق وشمولية.
وأكَّدت على ضرورة العناية بتكوين وإعداد الشخصيات الدعوية والحسبية في الطلاب،وتأهيلهم التأهيل المناسب أخلاقياً وفكرياً وسلوكياً بحيث يعدهم شخصيات مثلى في الدعوة إلى الله.
مركز متخصّص للتدريب
ورأت شيخة بنت محمد العتيبي أهمية أن يعتني المهتمون بخدمة الدّين الإسلامي من المختصين بالدعوة إلى الله تعالى بإنشاء مركز متخصّص لتدريب الدعاة؛ يركز على التدريب العلمي والعملي.
وقالت: إنَّ من أبرز المراكز التي أنشئت لتدريب وتخريج دعاة إلى الله كنموذج عملي إنشاء وتأسيس (مركز مناهل الخير) في دولة الإمارات العربية المتحدة في دبي، والقائم عليه نساء يحملن همَّ الدَّعوة؛ فكانت رؤية المركز السعي للرِّيَادة والتميّز في مجال العمل الدعوي النسائي، وإيجاد جيل من الفتيات الواعيات الملتزمات الساعيات للتطوع في مجالات الخير وخدمة الدّين والوطن، ويقدم المركز كافة الأنشطة والفعاليات الدَّعوية والدينية والتربوية لفئة الإناث، كما يقدم الدورات التأهيلية للدَّاعيات باشتراك مجاني ومنح شهادات مشاركة للحاضرات.
واقترحت أن يتبنى قسم الدَّعوة والاحتساب أو الجمعية العلمية للدّراسات الدَّعوية فكرة إنشاء مركز لتدريب الدّعاة، خاصة من يلتحق بقسم الدَّعوة لمن لم تقدّم له دورة تأهيلية قبل التحاقه بالقسم؛ لأنَّ وظيفة الدَّعوة من أجل الوظائف وأهمها؛ فهي وظيفة المرسلين فلا بد أن تحضى باهتمام من المنتسبين لها.