لا أرقص على جُثث الموتى!!

الرئيسية » حصاد الفكر » لا أرقص على جُثث الموتى!!

يأسف المرء حين يرى بعضَ بني قومه وأهلِ ملته، يجْهلون عِبَرَ التاريخ ونوادِرهُ، ويغلِبُ عليهم السفه ويذْهَبُ عنهم رشدُهم حين العواطف والانفعالات، قبل أيام قليلةٍ تمكَّن الأمريكان من قتل أسامة بن لادن (إن صدَقَتِ الرواية) ففرح كثيرٌ من الناس وأعجبهُم ذلك، فعجبت لسطحية أولئك القوم وقلت في نفسي لو انتصر الأمريكانُ على الشيطان لما سرَّني نصرُهم، فكيف أفرح لقتلِ رجلٍ مسلِمٍ له بيننا أهلُون وبنونَ كُثُرْ، ولهم مِن المناقبِ والحسناتِ ما يحمِلُنا على تقدير مشاعرهم ومُشاركتِهِم في مُصابِهم، وكيف نفرح لنصر قومٍ قتلوا الملايين منا ومالئوا اليهود علينا وكرَّسوا احتِلال مقدساتنا، بل أين ذهبت مروءتنا وحميتُنا الإسلامية حين نفرح لِمقتل مُسلِمٍ وإن كان أخطأ في حقنا ما أخطأ، سُئِل عليٌ رضي الله عنه عن الخوارج بعد ان قتلهم، أكفارٌ هم؟ قال: من الكُفر فروا، ولكن إخواننا بغواْ علينا فقاتلناهم، وطالبوه رضي الله عنه أن يُقسِّم بينهم غنائم موقعة الجمل، فقال: أيُكُم يُريد أن يسْبِي أُمه ويغنَم جَملَها، ثم حين اشتدت المعارك بينه وبين مُعاوية رضي الله عنهما طمِع ملِك الروم في بلاد المُسلمين، فأرسل معاوية رضي الله عنه إلى ملِك الروم: لئن لم تنته لأصطلحن أنا وابن عمي ثُمَّ لأغزونَّك معه، وبناءً على ذلك: (فإمكانية التقائنا مع اسامة بن لادن وعودته إلينا أكثر من إمكانية التقائنا مع عُبَّاد الصليب وعودتنا إليهم، إلَّا إذا تبِعنا مِلَّتهم أو نافقناهُم)، اشتكى عِكرمة بن ابي جهل رضي الله عنه، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بعضَ المسلمين يشْتُم والده، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقال: إنه (أي الشتم) يُؤذِ الحي ولا يضُر الميت)، وفي عهدِنا الحديث، ضرب الملِك عبد العزيز رحمه الله أروع الأمثلة في النخوة والشهامة وبُعد النظر مع خُصُومه، فكُلما مكنه الله مِن أعدائه أحسن إلى ذُرياتهم وقرَّب أولادهم حتى أصبحوا مِن وجهاء القومِ ومِن المقرَّبين المُخلِصين له ولدولته، وحين خرج عليه الأخوان وانتصر عليهم لم يقتُل جريحاً ولم يتْبَع مُدْبِراً، وغضِب أشد الغضب حين بلغه أنَّ قوماً يشتمونهم وينتقصونهم، وقال: هؤلاء إخواني وتوعَّد كُل من يذكرهم بسوء، بل إن المملكة العربية السعودية هي أكثرُ من اكتوتْ بنار الارهاب وتضررت منه، ومع ذلك نَأَتْ قِيادتُنا الحكيمةُ بنفسِها عن موجة الفرح البلهاء التي أعقبت مقتل أسامة بن لادن، وكل العجب أن يتكلم ابن زلفة ليقول: إن المملكة رفضت ابن لادن حياً فكيف تقبله ميتاً، وله ولأمثاله أقول: كم تمنت المملكة أن يعود أسامة بن لادن وغيره مِن السعوديين لِتقْبل توبتهُم وتصفَح عنهُم، وكيف لا تقبلُ المملكة أن يُدفن في ثراها رجُلٌ مسلمٌ قُرْبَ أهلِه وبنيه؟؟؟!!!، ألا تعني لك يا ابن زلفة مشاعِرُ أهلِه وبنيه؟؟؟!!!، أمْ قدْ أعمتْك أجِندتُك حتى عن الأخلاق الإنسانيةِ وشِيمِ العربْ، ومِن وِجهة نظري الشخصية: لئَنْ يُدفنَ في بيتيَ رجلٌ مسلم أحب إليَّ مِن أن يُرمى في البحرِ مثلُ مُخلفات السُفن، ولو كان لي أخٌ خارجٌ عن النظام لما سرَّني أن يُقتل على يد عدوٍ مُشْترك.
وختاماً: أقول للأمريكان ومن حذا حذوهم : ((لا يرقُصُ على جُثث الموتى إلا الجُبناء)).

المصدر: أثير

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

واليائس إذا سلك سبيل الأنبياء!

كاتبني أحدُ المكلومين: "ألا ترى أنّك تكتب عن الثبات وتباشير النصر، بينما لا يجد أحدنا …