كشف التقدير الاستراتيجي الصَّادر عن مركز الزيتونة للدراسات تحت عنوان: "مستقبل المقاومة الفلسطينية في ضوء التطورات العربية " أنَّ موجة التَّغيير على السَّاحة العربية، وسقوط بعض الأنظمة سيخلق بيئة عربية جديدة لاحتضان المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني؛ حيث يشير التقرير إلى أنَّ البيئة العربية لم تكن مناسبة لمقاومة فلسطينية، على الأقل منذ هزيمة حزيران/ يونيو 1967، ذلك لأنَّ الأنظمة العربية بقيت ضمن دائرة النفوذ أو الطغيان الغربي، ولم يكن من المتوقَّع أن تتوفر بيئة مناسبة لمقاومة حقيقية تنطلق من بلدان عربية ضد إسرائيل، لأنَّ كلَّ الأنظمة العربية كانت تخشى "إسرائيل"، وتخشى إجراءات غربية وإسرائيلية ضدها، وبالتالي كانت تتفادى الأعمال التي تعرضها للضغوط التي تنجم عن دعم المقاومة، أو توفير جو مناسب لها, أمَّا في ظل موجة التغييرات التي يشهدها الوطن العربي، فقيادة التغيير في الوطن العربي الآن هي الشعب، الذي هو أحرص على مصالحه وعزته وكرامته من حاكمه, فالشعب الآن بخاصة في تونس ومصر يمسك بزمام الأمور، وهو يشكل عنصر الضبط والرَّقابة، ومن الصَّعب على المسؤول أن يتلاعب كما كان الأمر في السَّابق, والشعوب العربية أحرص على استقلال الأمَّة من حكامها، وهي سئمت حياة التبعية والذل والتحكم بها من قبل دول غربية، وهي بالتأكيد ستستمر في تأكيد ذاتها أمام هذه الدول بعد استقرار الأوضاع الداخلية في الدول التي تنجح بها الثورات.
إضافة إلى أنَّ الشعوب العربية أقرب بعضها لبعض من الحكام بعضهم لبعض, وهي تختزن في داخلها مشاعر الوحدة والأخوة والمصير المشترك، وستتبلور هذه المشاعر في سياسات عملية تغير كثيراً في جوهر التعاون العربي، وستنعكس حتماً على عمل جامعة الدول العربية, وستحمل الشعوب العربية همومها بصورة شبه جماعية، وتلك الآمال التي كبرت في نفوس العرب في عقود سابقة ستجد طريقاً نحو النمو.
وتشير الدراسة إلى أنَّ المقاومة الفلسطينية، في السَّابق قد افتقدت التفاعل المطلوب من جماهير الأمَّة، ودخلت في صراعات الأنظمة وتحالفاتها المتموجة مما يتطلب الآن العمل على إخراج القضية الفلسطينية من حوصلة "الفلسطنة"، أي من قَصْرِ القضية على الفلسطينيين حيث أضرت الفلسطنة بالمقاومة، وأشعرت جماهير الأمَّة بأنَّ الثقة بها غير موجودة، وأنَّ الأنظمة العربية هي عماد البحث عن حلّ للحقوق الوطنية الفلسطينية , إضافة إلى ضرورة تطوير برامج تهدف إلى جعل المقاومة الفلسطينية جزءاً لا يتجزأ من أعمال الأمَّة الهادفة نحو تحرير الأرض العربية وطرد الاستعمار الغربي من المنطقة العربية.
وتوقع التقرير ضغط جماهير الشعب المصري من أجل التخلص تدريجياً من اتفاقية "كامب ديفيد" الخاصة بسيناء، والتخلّص من اتفاقية الغاز الموقَّعة مع "إسرائيل".
