عندما يرتبط حبُّ الزَّوجين بالله

الرئيسية » بصائر للأسرة والمرأة » عندما يرتبط حبُّ الزَّوجين بالله

عندما يتعلَّق القلب بالله يكون حبُّه فوق ما دونه، و تصبح الشخوص البشرية و المشاعر الانسانية قاصرة، مهما كملت و تجمَّلت و توهجت، أن تداني دقيقة قرب من المولى تتطلع فيها النفس لحياة لا يلوثها الفناء و لا المرض و الهرم و لا المصائب، فتصبح ليلى حوراء من حور الجنَّة تنتظر قيساً يمهرها بنفسه، و يروي الدكتور خالد أبو شادي في كتابه ليلى بين الجنَّة و النار أنَّ الإمام حسن البنا كان يتفقَّد المجاهدين على أرض فلسطين، فرأى فتى صغيراً يحمل بندقية بين يديه، و تبدو عليه روح الصَّرامة، فسأله الإمام: ما اسمك يا فتى؟ فقال: قيس، فقال له مداعباً: و أين ليلاك يا قيس؟ ردّ الشّاب: ليلاي في الجنَّة، و هو ذات الحب الذي دفع عبد الرَّحمن الدَّاخل الخليفة الأندلسي أن يترك زواجَ امرأةٍ أحبّها حتّى لا تلهيه عن معالي الأمور، و قال في ذلك:  (هذه المرأة من العين و القلب بمكان، و إن أنا اشتغلت عنها بهمَّتي فيما أطلبه ظلمتها، و إن اشتغلت بها عما أطلبه ظلمت همتي).

تجارة النّخّاسين ..
بقدر ما هو الحب معنا سامٍ و شعور نبيل، بقدر ما استغل كبضاعة يتاجر بها النّخّاسون على هوى الشيطان، و بقدر ما هو قوَّة دافعة للحياة و العمل، بقدر ما أُسيء استغلاله في الإلهاء عن الله و جادة الصواب، ففي الوقت الذي يراه الإسلام ممارسة طاهرة غير منكرة تكتمل و تتوسع بعروة أوثق من شعور القلب إلى عقد يشمل القلب و العقل و الرُّوح و الجسد، قال فيه صلَّى الله عليه و سلّم:  ((لم نر للمتحابين مثل النكاح)). (أخرجه ابن ماجه في سننه). جعله المضلون فيض مشاعر لا يقيّدها عقل و لا عِقال؛ فقال أحد الشعراء:
الحب ليست رواية شرقية
بختامها يتزوَّج الأبطال
لكنَّه الإبحار دون سفينة"إنّي أحبك حبّاً لو كان فوقك لأظلك، و لو كان تحتك لأقلك، فأسأل الذي قسم بين العباد أرزاقهم أن يقسم الحب بيني و بينك".

و شعورنا أنَّ الوصول محال
هو أن تظل على الأصابع رعشة
و على الشفاه المطبقات سؤال
إنَّ من يرتكبون الزّنا يدعون المحبَّة، و لكنَّ حبَّهم شيطاني، إنَّ الفتيات اللواتي ينتحرن و يقتلن الأجنة في بطونهن مخافة العقاب أو الفضيحة يدَّعين المحبَّة، و لكنَّه حب الفجور و الفسق و العصيان.
إنَّ الحب كأيّ شعور و سلوك في الحياة؛ إمّا أن يَفسد و يُفسد أو يَصلح و يُصلح، سلاح ذو حدين، إمَّا أن يحيا و يُحيي، أو يقتل و يُقتَل
إنَّ الرَّجل إذا أحبَّ امرأة بحقٍّ خاف عليها من النَّسيم أن يمسها، فكيف يتذرع بالحب من يستبيح شرفها و عرضها و عفتها؟ لقد مزّقت سيّدنا عثمان بن عفان السيوف و السّهام من كلّ جانب، فأتت زوجته نائلة فنشرت شعرها عليه و غطته بجسمها حتَّى يبتعد القتلة عنه، فقال لها و هو في نزعه الأخير: (خذي خمارك، فإنَّ حرمة شعرك عندي أعظم من دخولهم عليَّ و قتلي).
و يبقى البحث عن ليلى و قيس مستمراً، و يبقى على الطريق قناديل من الليلاوات اللواتي قالت إحداهن لزوجها من فرط حبّها له: "إنّي أحبك حبّاً لو كان فوقك لأظلك، و لو كان تحتك لأقلك، فأسأل الذي قسم بين العباد أرزاقهم أن يقسم الحب بيني و بينك".
بينما عمرة، امرأة حبيب العجمي تظل مستيقظة طوال الليل حتَّى توقظ زوجها للصَّلاة، فتقول له: "قم يا حبيب، فقد ذهب الليل و جاء النَّهار، و بين يديك طريق بعيد، و زاد قليل، و قوافل الصَّالحين قد سارت قدامنا، و نحن قد بقينا".
أحبته لدرجة أدركت فيها أنَّ الحياة الدنيا قليلة على حبّها، فأرادته حبيباً في الدنيا و الآخرة، فالحبُّ الحقيقي إنَّما يزداد للآخرة، فإن انقطع قبل ذلك حبط العمل و ضاع السَّعي.

 

معلومات الموضوع

الوسوم

  • أسرة
  • الحب
  • مودة
  • اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

    شاهد أيضاً

    alt

    إقرار أول قانون للحماية من العنف المنزلي في السعودية

    قال مسؤول في مجال حقوق الإنسان إن السعودية أقرت قانونا مهماً يهدف إلى حماية النساء …