تشويه الدّعاة …. ” بن سلول ” لازال بيننا

الرئيسية » بصائر تربوية » تشويه الدّعاة …. ” بن سلول ” لازال بيننا
alt

(إنَّ موكب الدَّعوة إلى الله الموغل في القِدَم، الضَّارب في شعاب الزَّمان، ماضٍ من الطريق اللاَّحب، ماضٍ في الخط الواصب، مستقيم الخُطى، ثابت الأقدام، يعترض طريقه المجرمون من كل قبيل، يقاومه التابعون من الضَّالين والمتبوعين، ويصيب الأذى من يصيب من الدّعاة، وتسيل الدّماء، وتتمزّق الأشلاء، والموكب في طريقه لا ينحني ولا ينثني ولا ينكص ولا يحيد، والعاقبة مهما طال الزمن للمؤمنين).. كلمات توزن بالذّهب قالها قبل سنوات صاحب الظلال الشهيد سيّد قطب، إلاَّ أنها تجد لها صدى واسعاً في حياتنا الآن، لما يجده الدّعاة إلى الله والمربون من عواصف وتحديات وشبهات يلقيها أصحاب الأهواء وأعداء الصَّحوة الإسلامية، لمحاولة وأدها وبثّ الفرقة في صفوفها.

ويواجه الدّعاة والمربون أصنافاً عديدة من المنافقين وعشَّاق الحسد، الرَّاغبين في إطفاء المعالم التي ينطلق منها الدّعاة، والذي يحاولون دائماً إسقاط مكانة الدَّاعية ومحاربته نفسياً، وصرف طاقته بدلاً من زيادة احتكاكه بالنَّاس إلى التطرّق إلى قضايا فرعية للنأي بنفسه عن تلك الاتهامات أو محاولة تبرير بعد التصرّفات والدخول في قضايا جدلية تأخذ وقته وجهده، فعلى سبيل المثال بعد نجاح ثورتي تونس ومصر، وظهور الشعبية الجارفة للإسلامين، تمَّ كيل الاتهامات إلى الإسلاميين بأنَّهم يريدون العودة إلى الظلام أو السعي لدولة دينية، وتمَّ لصق التهم بكل ما هو إسلامي عملاً على شيطنتهم ومحاولة تشويه صورتهم ولصقها بالإرهابـ، وبأنَّه قادمون يحملون السَّيف لذبح رقاب كلّ من يخالفهم.

ومواجهة الدّعاة لمثل تلك الحملات ليست وليدة اللحظة، ولكنَّها منذ انطلاق الرّسالة المحمَّدية، فالنبي صلَّى الله عليه وسلَّم واجه مثل تلك الأمور من أصحاب الصف النفاقي، فهذا هو عبد الله بن أُبَيّ سعى بكلّ جهده لإسقاط مكانة الرّسول عليه الصلاة والسَّلام بين قومه عقب فرية هنا وهناك  وكم بيننا اليوم من ابن سلول يحاول أن ينال من الرموز الدعوية، ويجتهد لإسقاطها بين أهلها، بهدف إثارة البلبلة في الصّف الإسلامي، وإيجاد حالة من الانهزامية النفسية لدى المسلمين، وذلك من خلال الانسياق في بحر الأزمات، ممَّا يولّدُ حالةً من عدم الثقة بين المسلمين؛ فهذا يرمي بالتهمة، والآخر يصدّق، ويكون صراع داخلي، وهذا الصراع يزيد من الفرقة بين الأمَّة، ممَّا يسهّل تسلُّط الأعداء، والابتعاد عن القيادة الدَّعوية، وذلك يولدُ حالةً من الإحباط النفسي بين الصفوف، والضعف والاستكانة أمام العدو.

ولاشكَّ أنَّ الدّعاة والمربين والمؤسسات الدعوية معرضة أحيانا للخطأ، إلاَّ أنَّ الأخطاء تتفاوت بحسب حجم العمل، وليس من الإنصاف أن نجعل الخطأ خطيئة لا تغتفر، ولذلك على الدعاة ومؤسساتهم أن يعالجوا الأخطاء التي تصدر بشكل إيجابي، مع إظهار الأُطر الإيجابية للمجتمع عند إظهار خلاف ذلك، كما أنَّ الصَّف الدَّعوي مطالب بالتوازن في التعامل مع تلك الأمور في قالب يشكل الاستمرار في العمل الدعوي، وعدم الانحناء أو الفتور، أو التشتت أو الانجرار إلى معارك جانبيه وجدلية، حتَّى لا يحدث فقداناً للتوازن في التعامل مع أيّ حدث دعوي، يجعل هناك خسائر دعوية على جميع الأصعدة؛ سواء كان ذلك من النشء الدعوي، أو من الأعمال والترتيبات الدَّعوية، أو ذهاب مدَّة زمنية لم تُحقَّق فيها مصالح دعوية، أو تبدّد المكاسب والإنجازات من ذي قبل، أو حدوث الفجوات بين الرّموز الدعوية باختلاف أعمالهم وشخصياتهم. ومن الأهمية أن لا يفقد التوازن مهما استمرَّ التيار المقاوم، وأن يستمر سلّم العمل الدَّعوي باختلاف أساليبه.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

ما دوري كمسلم في معركة طوفان الأقصى

نقف حيارى أمام الصمت العربي المريب اتجاه كل ما يحدث في غزة العزة، يقطعنا العجز …