العطلة الصيفية للأبناء أمانة

الرئيسية » خواطر تربوية » العطلة الصيفية للأبناء أمانة
alt

إنَّ مسؤولية المسلمين وواجبهم تجاه أنفسهم وأهليهم مسؤولية وتَبِعَة ثقيلة رهيبة، فهي أمانة عظيمة وصفها المولى عزَّ وجل بقوله : {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}. (الأحزاب:72).
تربية الأبناء على الطاعة وتنشئتهم على حب الله ورسوله وغرس المبادئ والأفكار الصَّحيحة في نفوسهم وعقولهم من آكد التَّكاليف وأشد المسؤوليات الملقاة على الوالدين
ولا شكَّ أنَّ مفهوم الأمانة يؤخذ على عمومه، خصوصاً وأنَّ المفسرين أُثر عنهم تعريفات عديدة لهذه المفردة القرآنية، قال الإمام ابن كثير في تفسيره بعد أن عرض طائفة من أقوالهم: (وكلّ هذه الأقوال لا تنافيَ بينها، بل هي متفقة وراجعة إلى أنَّها التكليف، وقبول الأوامر والنواهي بشرطها، وهو أنه إن قام بذلك أثيب، وإن تركها عُوقِبَ).

ولعلَّ تربية الأبناء على الطاعة وتنشئتهم على حب الله ورسوله وغرس المبادئ والأفكار الصَّحيحة في نفوسهم وعقولهم من آكد التَّكاليف وأشد المسؤوليات الملقاة على الوالدين، فالقرآن الكريم قد أهاب بالمؤمنين بأن يؤدوا واجبهم في بيوتهم من التربية والتوجيه والتذكير، لكي يقوا أنفسهم وأهليهم من النَّار وعذابها، حيث رسم لهم مشهداً من مشاهدها، حيث قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} . (التحريم:6) إنَّها أمانة ومسؤولية كبيرة شرحها رسول الله صلَّى الله عليه وسلّم في حديث شريف، وأعطى أبرز ملامح الرّعاية والمسؤولية المنوطة بأفراد المجتمع كلّهم، نتناوله في هذا الموضوع من زاوية مسؤولية الوالدين في تربية وتنشئة الأولاد ودورهم في تحقيقها على أكمل وجه ..

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته، الإمامُ راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرَّجلُ راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأةُ راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادمُ راعٍ في مال سيّده ومسؤول عن رعيته، وكلُّكم راعٍ ومسؤول عن رعيته)). رواه البخاري ومسلم.

شرح المفردات :

(كلكم راعٍ ): أي: حافظ ملتزم بإصلاح ما قام عليه، وما هو تحت نظره ورعايته. (وكل راعٍ مسؤول عن رعيته): أي: في الآخرة، فهو مطلوبٌ بالعدل فيه، وإن وفَّى ما عليه من الرِّعاية حصل له الحظ إلاَّ وفرو إلا طالبه كل أحد منهم بحقه في الآخرة. (والرَّجل راعٍ في أهله وهو مسؤول عن رعيته) أي: في زوجته وأولاده؛ هل وفَّاهم حقهم من نحو حسن عشرة وتربية وتوجيه ونصح وإرشاد. (والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها) أي: بحسن تدبير المعيشة والنصح له والشفقة والأمانة وحفظ نفسها وماله وأطفالها؛ هل قامت بما عليها أو لا).

بين الماديات والرُّوحانيات:

يسعى كل النَّاس اليوم إلى توفير متطلبات الحياة الضرورية، وحتى التحسينية لأسرهم، ولا شكَّ أنَّ هذا الأمر مطلوبٌ، لكنَّ من الخطأ أن يكون الاهتمام بذلك على حساب التربية والتوجيه والالتزام، فإذا اختل التوازن بين الأمرين، اختلت التربية الصَّحيحة وأصبح اهتمام أفراد الأسرة بالمادة؛ من أكلٍ وشربٍ ولباسٍ وسياحةٍ على حساب الرّوح؛ من الالتزام بالطَّاعات والمواظبة على الفرائض والتفقه في أمور الدِّين، والعيش للإسلام، والاهتمام بأمور المسلمين وغيرها.

ولتحقيق هذا التوازن في الاهتمام نعرض فيما يلي أبرز معالم الاهتمام بتربية الأولاد من خلال التوجيهات النبوية، خصوصاً ونحن نعيش أجواء العطلة الصيفية، والتي تستمر ثلاثة أشهر كاملة، فتغييب دور الوالدين في هذه المرحلة يؤثر تأثيراً بالغاً على حاضر فلذات أكبادنا ومستقبلهم.
يسعى كل النَّاس اليوم إلى توفير متطلبات الحياة الضرورية، وحتى التحسينية لأسرهم، ولا شكَّ أنَّ هذا الأمر مطلوبٌ، لكنَّ من الخطأ أن يكون الاهتمام بذلك على حساب التربية والتوجيه والالتزام
مروا أولادكم ..

لا شكَّ أنَّ العطلة الصّيفية فرصة سانحة للوالدين على تعليم أولادهم أداء الصَّلاة، وما يسبق هذا الفرض من طهارة ووضوء، وما يلحقه من أذكار ودعاء، ففي الحديث الصَّحيح : ((مُرُوا أولادكم بالصلاة وهم أبناءُ سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناءُ عشر سنين)). (أخرجه أبو داود في سننه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه).

القرآن تاجٌ ..

إنَّ تعليم أولادنا التلاوة الصَّحيحة لكتاب الله عزّ وجل في أوقات العطل من أفضل القُرُبات التي تقرّبنا إلى الله عزَّ وجل، فعن عليِّ بن أبي طالب، رضي اللَّهُ عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عَلَيه وسَلَّم : ((أَدِّبُوا أْولاَدَكُم على خصال ثَلاَثٍ؛ عَلَى حُبِّ نَبِيِّكُم، وحُبِّ أَهل بَيته، وَعَلَى قِرَاءَةِ القرآن، فَإِنَّ حَمَلَةَ الْقُرآن في ظلِّ الله يوم لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ مع أَنبيائه وَأَصفِيَائه)). (رواه الديلمي في الفردوس بمأثور الخطاب).

علّموا أولادكم ..

وردت أحاديث نبوية كثيرة تحثّ الوالدين على تعليم أولادهم مهارات وهوايات مفيدة؛ منها السباحة، والرّماية، وركوب الخيل، فقد ورد في الأثر: ((علّموا أبناءكم السباحة والرِّماية)). وورد أيضاً كما في الدر المنثور للسيوطي أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى أهل الشام: (أن علموا أولادكم السباحة والفروسية).

العدل مطلوبٌ ..

في تحقيق هذا التوجيهات النبوية ينبغي مراعاة جانب مهم؛ وهو العدل بين الأولاد في توزيع الأعطيات والدورات، سواء كانت دورة مسجدية، أو دورة لغات، أو اكتساب مهارات؛ كالسباحة والرّماية وركوب الخيل، فقد ورد في الحديث : ((اعدلوا بين أولادكم في العَطيَّة))، (صحيح البخاري)، وفي الحديث أيضاً : ((فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعدِلُوا بين أَولاَدِكُم)). (صحيح البخاري). وفي صحيح مسلم : ((قَارِبُوا بَينَ أَولاَدِكُم)).

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

انتبه للفرق بين التفوق الدراسي والتمكن العلمي!

لا أتفق مع تعميم فائدة كل المناهج الدراسية لمجرد كونها منسوبة للعلم، فليس كل ما …