د.محمد حبيب: ثوابت الجماعة من المسلمات ولا نقاش حولها
د. عبد الرَّحمن البر: ثوابت الجماعة الغرض منها حماية بنيانها
د. جمال حشمت: وسائل الدعوة تفتقر الى التغيير فى ظل جو الحريات المتاح
مختار نوح: ليس هنالك ثوابت محدَّدة للإخوان سوى العقائد، بل كلّها وجهات نظر
شهدت المرحلة الماضية حالة من الجدل وردود الأفعال داخل وخارج جماعة الإخوان المسلمين، أظهرت تبايناً كبيراً عند البعض في فهم طبيعة جماعة الإخوان وعملها وأهدافها، وطبيعة الثوابت داخلها والتي يعدّها بعض أعضاء الجماعة من المسلَّمات التي لا نقاش حولها، في حين يرى البعض الآخر أنَّ كلَّ شيء محل نقاش عدا أمور العقيدة.
من جانبه، أكَّد الدكتور محمَّد حبيب نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين السَّابق أنَّ ثوابت الجماعة هي ثوابت الإسلام، وأنَّها من المسلَّمات، أمَّا الوسائل فهي التي تحتاج إلى تطوير حسب طبيعة كلّ مرحلة.
وأوضح حبيب أنَّ هذه الثوابت تؤكِّد أنَّ الإسلام نظام شامل يتضمَّن مظاهر الحياة جميعًا، وأنَّه كل لا يتجزأ، مؤكّدًا في الوقت ذاته أنَّ الإسلام حضارة ولا يمكن أن تكون نهضة لمصر بدون اتّباع منهج الإسلام؛ ومن ثوابت الجماعة أيضاً الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والدَّعوة إلى التغيير السلمي، وعدم اللجوء إلى العنف مهما كانت الأسباب، بل قد ينزل منزلة الفرض باعتباره شكلاً من أشكال التَّدرج.
وأضاف حبيب أنَّ شعار الجماعة عبارة عن مفهوم يتضمَّن أنَّ الإسلام دين الدّولة، والشَّريعة الإسلامية مصدر التَّشريع، فهو ليس مجرَّد شعار للإخوان فقط، بل هو شعار لدولة، وقد يتغيَّر من موقف لآخر، والدَّليل استخدام الإخوان لشعار "الإسلام هو الحل" للتَّعبير عن هوية الأمَّة، فالعبرة بالمفهوم وليس بالألفاظ.
وحول اسم الجماعة، وهل هو من الثوابت؟ أكَّد حبيب أنَّ الاسم متغيّر من مكان إلى آخر، ففي لبنان الجماعة الإسلامية، وفي فلسطين حماس، وفي الجزائر جمعية الإرشاد، ولكن في مصر آثرنا أن يكون الاسم الإخوان المسلمون، لأنَّ مصر أساس الدَّعوة.
أمَّا الشورى، فقد أكَّد حبيب أنَّها من ثوابت الجماعة، وأنَّها ملزمة، ولكنَّه أوضح أنَّ لها مستويات عامَّة وخاصة، حسب طبيعة الأمر نفسه.
وأكَّد حبيب أنَّ وسائل الدَّعوة تحتاج إلى تطوير في كافة المسارات في ظل هذا المناخ الجديد من الحرية، ومن الوسائل التي تمَّ اتخاذ قرار بها مثل إنشاء حزب سياسي بعد أن كان خطاً أحمر، مؤكّداً أنَّ أجواء الحريات تحتاج إلى وسائل متنوعة في العمل العام، وكذلك في ممارسة العمل الدَّعوي والتربوي لأفراد الصَّف في وسط النَّاس دون أيّ حواجز بعد سقوط هذا النظام البوليسي.
وحول حاجة أهداف الجماعة إلى التطوير، أكَّد حبيب أنَّ الهدف الأساس الآن هو إقامة نظام ديمقراطي حقيقي ينال فيه الشَّعب حريته كاملة، ويصبح هو مصدر السّلطات وبإرادته يختار حكَّامه، ويختار البرنامج الذي يعبِّر عن طموحاته في المرحلة القادمة، وإذا نجح الشعب في اجتياز تلك المرحلة، سننظر إلى ما بعد ذلك إلى الأهداف ومدى حاجتها للتعديل.
التربية والتزكية
من جهته، أوضح الدكتور عبد الرَّحمن البّر، عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين أنَّه لابدَّ أن نفرِّق بين ثوابت الإسلام وثوابت الإخوان، فثوابت الإسلام من عقائد وعبادات ومعاملات لا مجال لمسلم للحديث عنها، أمَّا ثوابت الإخوان فالغرض منها هو حماية بنيان الجماعة ومتابعة الأفراد في القيام بأدوارهم في الدَّعوة إلى الله، وتحمّل تكاليف الرِّسالة التي كلفهم بها الله {إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأشفقنا منها وحملها الإنسان...}
وأكَّد البر أنَّ اسم الجماعة وأركان بيعتها من الثوابت الأساسية للجماعة، فلا يتصوَّر أن يكون هنالك جماعة لا تلتزم بالشورى، وألا يكون لكلِّ فرد رأية، وكذلك اسم الإخوان أصبح الآن اختصاراً لمعاني الإسلام الوسطي المعتدل، وأكَّد أنَّ الاسم ثابت للجماعة وليس للإسلام، فهو وسيلة لتعبير عن الفكر الإسلامي، كما أنَّ التربية وتزكية النَّفس ثابت من ثوابت الإخوان، فلا يتصوَّر أخ لا يدخل في إطار التَّربية الرُّوحية والإيمانية؛ لأنَّ كلَّ جماعة تمضي في رسالتها تحتاج إلى هذا المعين الرَّبَّاني.
وأوضح البّر أنَّه قد تحتاج هذه الثوابت إلى تغيير، وذلك إن رأى الإخوان أنَّ ذلك يخدم المشروع الإسلامي، ولا يتعارض مع الحفاظ على الجماعة ووحدتها، فقد يتغيَّر مثلاً النَّظر في الأسرة إذا رأينا أنَّ ذلك قد يكون سبباً في رقي الجماعة التَّربوي، على الرَّغم من أنَّها ثابت من ثوابت الجماعة، فكل وسيلة خاضعة للتطوير طالما أنَّها لا تتعارض مع الشَّريعة الإسلامية.
وقال البر: إنَّ هناك العديدَ من الوسائل وطرق الأداء التي تحتاج إلى إعادة نظر في المرحلة الحالية، نظراً للتغيّرات الواقعة والمواقف التي تمليها المرحلة الحالية، لأنَّك في النهاية تخاطب جمهور وأنت في خطابك تريد أن يصل له شيء.
التخلى عن الثوابت
بدوره، أكَّد الدكتور جمال حشمت عضو مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين أنَّ هنالك ثوابت لا تقبل النقاش؛ وهي الرَّبانية والشمولية والتربية والتدرج والشورى؛ فهذه الثوابت لا يمكن للجماعة أن تتخلّى عنها؛ لأنَّ المعاني لا تتجزأ، وإن كان هنالك معانٍ تحتاج إلى توضيح ونقاش أكبر.
وأكَّد حشمت أنَّ الشعار ليس ثابتاً من الثوابت، والدليل حينما أسس الإخوان حزباً سياسياً لم يجعلوا شعارهم شعاراً للحزب، بل اختاروا شعاراً آخر، مؤكِّداً أنَّه من الممكن التخلّي أنَّ أيَّ شيء ما عدا المعاني الخمسة التي حدَّدها الإمام الشهيد حسن البنا، فهنالك تبديل وترخيص حسب الحاجة.
وأوضح حشمت أنَّ وسائل وأهداف الجماعة تفتقر إلى تغيير في ظل جو الحريات المتاح حالياً، مؤكِّداً أنَّ هذا التغيير سيستغرق وقتاً، وذلك لحجم الجماعة وهياكلها، فبعد هذه المرحلة الكبيرة من الحصار المفروض على الجماعة، تحتاج إلى تغيير تدريجي في ظل جوٍّ من النقاش والحوار.
وجهات نظر
من جانبه، قال المحامي مختار نوح أحد قيادات الإخوان السَّابقين: إنَّ الثوابت داخل جماعة الإخوان من الأمور المختلف عليها بين أفراد الجماعة، فلا يوجد نصٌّ يحدِّد هذه الثوابت، بل كلّها وجهات نظر، مؤكِّداً أنَّ الاسم يعتبره البعض من الثوابت، والأخر لا يعدّه كذلك.
وأكَّد نوح أنَّ الأمور العقائدية وحدها هي الثوابت الأساسية بالجماعة، وكل ماعدا ذلك قرار فردي، مؤكّداً أنَّ جوَّ الحريّات المتاح الآن يفرض على الإخوان مسايرة روح العصر والتزامها للشّورى في كلِّ قراراتها، وأضاف نوح أنَّ الإخوان لم يأخذوا المدَّة الكافية لمسايرة هذه الرُّوح الجديدة.