ليس غريباً على فلسطين، أن تخرّج أعلاماً أناروا درب السالكين نحو الحرية والعزة، وضحّوا بكل ما يملكون في سبيل تحرير الأرض وتطهيرها من دنس الغزاة المجرمين.
ومن بين هؤلاء الأعلام، رجل جاهد وربّى، وقدّم وناضل، وتعرّض لشتى أنواع الابتلاء، وساهم في تأسيس حركة المقاومة الإسلامية – حماس – والتي كان لها الدور المميز في مقاومة المحتل، والتمسك بالثوابت.
إنه الشيخ محمد شمعة، رحمه الله، رئيس مجلس شورى حركة حماس في غزة، وأحد أبرز مؤسسيها عام 1987.
حياته ونشاطه
ولد الشيخ في مدينة المجدل عام 1935م، وبعد نكبة عام 1948، ترك بيته وبلدته، ليهاجر إلى مدينة غزة، ليعايش كغيره من ملايين الفلسطينيين، البعد عن الأرض والمدينة والبيت، بسبب اغتصاب الاحتلال لأرضهم ومدنهم.قام الشيخ محمد شمعة و الشيخ أحمد ياسين بالعمل على إعادة تفعيل تنظيم جماعة الإخوان في غزة، بعد العام 1967، وأسسوا مع غيرهم حركة حماس عام 1987.
التحق الشيخ بجماعة الإخوان المسلمين في غزة، حينما كان طالباً في المرحلة الإعدادية، في مطلع الخمسينات ، ثم تعرف على الشيخ أحمد ياسين رحمه الله، بعد نكسة عام 1967، ومنذ ذاك الوقت، كان ملازماً للشيخ ورفيقاً له ولدربه. وبدأ مع الشيخ ياسين العمل لإعادة تفعيل تنظيم جماعة الإخوان في غزة، بعد العام 1967، وذلك بعد سنين من حظر الحكومة المصرية للجماعة وإغلاق شعبها.
عمل الشيخ – رحمه الله- في مدارس وكالة غوث اللاجئين في غزة، قرابة الأربعين عاماً، وكان أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين في غزة، ثم كان من السبعة المؤسسين للحركة في نهاية عام 1987 تزامناً مع الانتفاضة الأولى.
تعرض الشيخ المؤسس أبو حسن شمعة كغيره من القادة المجاهدين، للاعتقال مرات عدة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وتم إبعاده مع غيره من قادة المقاومة والنشطاء فيها إلى مرج الزهور عام 1992. إلا أن ذلك لم ينل من عزيمته، أو يغير من بوصلة طريقه نحو التحرير والعزة.
شغل الشيخ محمد شمعة – رحمه الله- العديد من الأدوار الاجتماعية، منها:
- نائب رئيس مؤسسة المجمع الإسلامي في غزة منذ العام 1985 وحتى عام 2003.
- عضو مجلس أمناء الجامعة الإسلامية من العام 1993م وحتى وفاته رحمه الله.
- رئيس إدارة مدارس دار الأرقم النموذجية.
من آرائه ..كان الشيخ شمعة يؤكد على أن حماس كجزء من الإخوان المسلمين، تهدف إلى إعادة الناس إلى الإسلام بصورة عصرية، لا تتنافى مع الواقع، وتقدم الإسلام بصورة مقبولة وعصرية ينتفع المسلم بها في تصحيح مساره وأخلاقه وسلوكه.
كان الشيخ محمد شمعة، معلماً مربياً موجهاً لأبناء الحركة خصوصاً، وأبناء فلسطين عموماً، ولهذا كان كثيراً ما يتقدم المهرجانات التي تقيمها الحركة في ذكرى انطلاقتها وغيرها، ليؤكد على الثبات والصمود، ويذكر بتضحيات القادة وجهودهم، فيشحذ الهمم، ويرفع العزائم.
وكان يؤكد على أن حماس كجزء من الإخوان المسلمين، تهدف إلى إعادة الناس إلى الإسلام بصورة عصرية، لا تتنافى مع الواقع، وتقدم الإسلام بصورة مقبولة وعصرية ينتفع المسلم بها في تصحيح مساره وأخلاقه وسلوكه.
وحينما دخلت حركة حماس في السياسة وخاضت غمار هذا المعترك، لم يكن الشيخ معارضاًَ لهذا الأمر، بل كان يرى أن الحركة هي حركة جهادية دعوية سياسية، وهي تتبنى شمولية الإسلام، فلا غرابة من دخولها معترك السياسة. وبعد فوز الحركة عام 2006 أعرب الشيخ عن اعتقاده بأن الإقبال على حركته يزداد بشكل كبير، وقال : " حماس حركة جماهيرية وشعبية، والنتيجة التي حصلت عليها في الانتخابات تدل على ذلك"
وكان يؤكد على أن الحصار المفروض على الحركة بعد وصولها للحكم، لن يزيدها إلا قوة وشعبية، مشدداً على أن الخيار الاستراتيجي للحركة هو خيار المقاومة فقط.
ومن أقواله في هذا الشأن : " نحن على يقين تام، بأن النصر سيكون حليف هذه الحركة، التي قامت وتأسست لنشر الإسلام، وإصلاح المجتمع الإسلامي، وقيادة الأمة العربية نحو النصر والتحرير، وبالتالي رغم كل العراقيل والصعوبات والتآمر الدولي، كان هناك العديد من الإيجابيات التي تحقَّقت بعد تولِّي حماس سدَّة الحكم وفوزها في الانتخابات،كان الشيخ شمعة يؤكد على أن الحصار المفروض على الحركة بعد وصولها للحكم، لن يزيدها إلا قوة وشعبية، مشدداً على أن الخيار الاستراتيجي للحركة هو خيار المقاومة فقط. رغم الظروف الصعبة التي يمر بها شعبنا ولا ننكرها؛ فعلى سبيل المثال الوضع الأمني والنظام العام والجميع يشهد بذلك. ثانيًا القانون أصبح يأخذ مجراه، وانتهت ظاهرة العربدة التي كانت تنغِّص حياة المواطنين والمجتمع الغزي، أيضًا أعادت حماس البوصلة إلى القضية الفلسطينية، واستطاعت أن تحافظ وتُعيد ثوابت شعبنا دون أن تتنازل عن أي شيء رغم الضغوط الشديدة التي تمارَس عليها".
ورغم ما تعرضت له حماس من محاولات تشويه، وإفشال لتجربتها السياسية، وحصار خانق وغيره من المعوقات، إلا أنه كان يقول بأن الحركة لا تزال هي الحركة الأولى في المجتمع الفلسطيني شعبيًّا وجماهيريًّا، وإن أي انتخابات ستجري مستقبلاً ستثبت هذا الامر. وأن محاولات التشويه والحصار لن تنل مرادها وستبوء بالفشل.
وفاته ..
توفي الشيخ رحمه الله اليوم الجمعة 10-6 في غزة، بعد إصابته بجلطة دماغية حادة، عن عمر يناهز 76 عاماً، ليسلم الراية لمن بعده من أبناء فلسطين ليكملوا المسيرة التي ابتدأها وغيره، نحو تحرير الأرض وتطهير المقدسات.