قال الله سبحانه : {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ}. (الإسراء:1)، وقال تعالى : {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ}. (الأنبياء:71)، وقال سبحانه: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ}. (الأنبياء:81)، وقال عزَّ وجل: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا}. (الأعراف:137).
إنَّ أظهر التفسيرات المبثوثة في كتب التفسير تدلّ أنَّ معنى {بَارَكْنَا حَوْلَهُ} أي: أكثرنا حوله الخير والبركة بالأشجار والثمار والأنهار، وأنَّ المراد بتلك الأرض: هي أرض الشَّام، بأن أكثر الله سبحانه وتعالى فيها البركة والخير بالخصب والأشجار والثمار والمياه، وهو المرويّ عن الحسن وقتادة وزيد بن أسلم وغيرهم.
ولا شكَّ أنَّ هذه الآيات الدَّالة على بركة أرض الشَّام وخيراتها لا تعفي ساكني هذه الأرض من تبعات المسؤولية الشخصية كأفراد في ضرورة الالتزام بتعاليم الإسلام وتطبيق مبادئه، والمسؤولية العامة في الحفاظ على هذه الأرض وخيراتها فيما يرضي الله تبارك وتعالى.
وقد وردت في فضائل الشَّام الكثيرة أحاديث نبوية صحيحة، نذكرها سرداً دون بيان أو شرح، للتذكير بهذا الكنز النبوي الذي على المسلمين اليوم أن ينهلوا من معينه، وأن يقتبسوا من أنواره دلائل الهداية وبصائر العمل الصَّالح..
الإيمان في الشَّام ..
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال صلَّى الله عليه وسلّم: ((إنِّي رأيت الملائكة في المنام أخذوا عمود الكتاب، فعمدوا به إلى الشَّام، فإذا وقعت الفتن فإنَّ الإيمان بالشَّام)).
مهبط عيسى عليه السَّلام ..
عن أوس بن أوس والنوَّاس بن سمعان، عن النبي صلَّى الله عليه وسلّم قال:((ينزل عيسى ابن مريم عليه السَّلام عند المنارة البيضاء شرقي دمشق)).
صفوة بلاد الله ..
عن واثلة بن الأسقع قال : سمعت رسول الله صلَّى الله تعالى عليه وسلم يقول: ((عليكم بالشَّام، فإنَّها صفوةُ بلاد الله تعالى يسكنها خيرته من عباده)).
عليكم بالشَّام ..
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((ستخرج نار من حَضْرموت - أو من بحر حضرموت - قبل القيامة تَحشُرُ الناس، قالوا: يا رسولَ الله، فما تأمرنا ؟ قال: عليكم بالشَّام)).
فسطاط المسلمين ..
عن أبي الدَّرداء عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلّم قال: ((فُسْطَاط المسلمين يوم الملحمة بالغوطة، وإلى جانب مدينة يقال لها دمشق من خير مدائن الشَّام)).
وفي رواية: عن أبي الدَّرداء أيضاً، قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلّم: ((يوم الملحمة الكبرى، فسطاط المسلمين بأرض يقال لها: الغوطة، فيها مدينة يقال لها: دمشق خير منازل المسلمين يومئذ)).
أرض المحشر ..
عن بهز بن حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه عن جدّه قال: قلت: يا رسول الله، أين تأمرني ؟ فقال : هاهنا وأومأ بيده نحو الشام . قال: ((إنكم محشورون رجالاً وركباناً ومجرون على وجوهكم)).
لا شكَّ أنَّ هذه الآيات الدَّالة على بركة أرض الشَّام وخيراتها لا تعفي ساكني هذه الأرض من تبعات المسؤولية
حفظ الشام وأهله ..
عن أبي إدريس الخولاني عن عبد الله بن حوالة قال: قال رسول الله عليه صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ستجندون أجناداً؛ جنداً بالشَّام وجنداً بالعراق، وجنداً باليمن. قال عبدُ الله : فقمت، فقلت: خِرْ لي يا رسول الله . فقال: عليكم بالشَّام، فمن أبى فليلحق بيمنه، وليستق من غدره، فإنَّ الله عزَّ وجل قد تكفَّل لي بالشَّام وأهله)).
ملاحظة :
الأحاديث الشريفة المذكورة في هذا الموضوع إمَّا صحيحة أو حسنة، ولايوجد فيها الضعيف أو الموضوع، وقد أشرنا إلى ذلك في بداية الموضوع، ولم نذكر مخرّجيها طلباً للاختصار.