انفتاح الحركة الاسلامية على المجتمع.. أضرارٌ ومكاسب

الرئيسية » بصائر تربوية » انفتاح الحركة الاسلامية على المجتمع.. أضرارٌ ومكاسب
alt


عبد الخالق الشريف: الانفتاح على المجتمع فرضية شرعية
فريد إسماعيل: الانفتاح يحتاج إلى صبر ومصابرة .
محسن راضي: المجتمع لن يقبل الحل الإسلامي إلاَّ بالمخالطة
سعد  رياض: الانفتاح في الشدَّة يسهل الانفتاح في الرَّخاء

عندما تستثمر الحركة الدَّعوية المساحة المتاحة لها في كل شيء بالمجتمع، ولا تقتصر على الوسائل التقليدية في الدَّعوة، تكون قد حقَّقت الانفتاح الحقيقي على الرَّغم من كلِّ ما يحاك لها من الداخل والخارج،  وحينما تؤكّد الحركة الإسلامية أنَّ  الفرد هو عماد المجتمع، ولن تكون نهضة إلاَّ بتقبّله الحل الإسلامي، فهذا القبول بالحل الإسلامي لن يكتسب إلاَّ بالمخالطة، والتي تحتاج بدورها إلى صبر مصداقاً لقول رسول الله صلَّى الله عليه وسلم  ((المسلم الذي يخالط النَّاس ويصبر على أذاهم خير وأحب إليَّ من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم)).

والحركة الإسلامية وهي جزءٌ من هذا المجتمع تَعُدُّ أنَّ مخالطة الناس فريضة شرعية، حسبما أكَّد الشيخ عبد الخالق الشريف مسؤول قسم نشر الدَّعوة في جماعة الإخوان المسلمين بمصر،  قائلاً : إنَّ انفتاح العبد على المجتمع فريضة شرعية وليست اختياراً، وواجب على الإخوان أن يكونوا أول المنفتحين على المجتمع، وأنا أحسبهم كذلك  {كنتم خير امة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر} فالخيرية لابد أن توصف بصفتين؛ أن يصلح الإنسان نفسه، وأن يعمل على إرشاد المجتمع للخير، لأنه إذا تأخر المصلحون من العاملين بالدَّعوة إلى الله في الانفتاح وتوصيل الفهم الصَّحيح  لن ينصلح المجتمع ويظل الهواء فاسداً .
وأوضح الشريف أنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأمور التي تميّز المسلم وتضعه في مرتبة عالية، لأنَّ المسلم واصل للأرحام، متعاون مع أهله ومجتمعه، قائم بكلّ عمل برّ يرضي الله تعالى،  فبذلك حماية للمجتمع من الضياع وإحقاق للحق، وإقامة للعدل في كلّ شؤون الحياة لأنَّ الذي يفعل معصية لا يستطيع أن يحاسب الناس على المعصية.

وحول مكاسب المجتمع من انفتاح الإخوان عليهم، أكَّد الشريف أنَّ الإسلام وضع أمور التعامل مع المجتمع في نصوص شرعية .. ((من أراد أن ينسأ له في أثره فليصل رحمة ))،  ((ليس منّا من بات شبعان وجاره جائع )).
كل هذه الأمور وغيرها تجعل المجتمع المسلم بغض النظر عن كونه  من الإخوان أو غيرهم إذا فهموا هذه النصوص وجعلوها منهج حياة يكون أنهض مجتمع في العالم، لأنَّ الإنسان كما يقول علماء الاجتماع : اجتماعي بطبعه، ولذلك السجن إيذاء. 

مؤكدا أنَّ العمل مع المجتمع ليس قاصراً على الإخوان فهم رغم كلّ الإيذاء والاعتقالات لم يتوقفوا لحظة في العمل مع المجتمع من كفالة يتيم وعلاج مرضى وإعانة محتاج وغيرها من أعمال البر، لدرجة أنَّ اتباع النظام البائد كانوا يقلدونهم في بعض الأعمال.

وأضاف الشريف أنَّ الإخوان منذ عام 1930م يصرّون على العمل مع المجتمع رغم الاعتقالات التي لحقت بهم،  لأنَّهم دائما ينون إيصال الإسلام الصَّحيح إلى كل الناس،   والمجتمع يعلم جيّداً من يخالطه على قدر استطاعته في أشد المحن، ويعلم جيّداً أنَّ الإخوان لم يتركوه لحظة في أفراحه وأتراحه  اقتداءً بمنهج رسول الله صلَّى الله عليه وسلم .

وأكَّد الشريف أنَّ انفتاح الإخوان على المجتمع يلقي عليهم مسؤولية شديدة  في الصبر، مسؤولية بقدر ثقة المجتمع فيهم،  مؤكّداً أنَّ الإخوان لن يستطيعوا  بمفردهم نهضة هذا الوطن إلا بتكاتف كلّ المخلصين من أبناء الوطن لأبناء نهضة حقيقية لمصر مطالباً الإخوان بالعمل .. {اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا} . (سبأ :13).
ودعا الشريف الإخوان المسلمين إلى مزيد من القرب إلى الله والفهم الصَّحيح والعمل مع المجتمع،  وأن يعملوا دون مَنٍّ على أحد وأنا احسبهم كذلك، كما قال الإمام البنا :  (ووسائلنا الإيمان العميق والفهم الدقيق والعمل المتواصل).

الانفتاح يكسب المجتمع الصبغة الاسلامية

وأكَّد الدكتور فريد إسماعيل عضو مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين أنَّ انفتاح الإخوان لا يعمل بدون تواصل ومخالطة وصبر مصداقاً لقول المعصوم صلى الله عليه وسلم:   ((لأن تخالط النَّاس وتصبر على أذاهم خير لك من ألا تخالط النّاس ولا تصبر على أذاهم)). فالمجتمع يحتاج من الإخوان إلى انخراط وتواصل وتوضيح الصورة الذهنية، لأنَّ قبل الثورة كان النظام المخلوع يحول دوننا وبين المجتمع بكلّ ما أوتي من قوَّة، أمَّا بعد هذه الثورة المباركة،  فهذه فرصة لعرض الدَّعوة بدون ضغوط وإيصالها كاملة كما علَّمنا ديننا من توصيل للمفهوم الصَّحيح للإسلام.

وأكَّد فريد على أنَّ انفتاح الإخوان على المجتمع يكسب المجتمع بالمزيد من القيم الإسلامية والتربية الإسلامية الوسطية بدون غلوّ، وهذا هو التحدّي الحقيقي في المرحلة القادمة، لأنَّ تغيير القناعات من أصعب الأشياء  {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}. (الرَّعد:11).

فتهيّئة المجتمع ومحو القيم السيئة من رشوة ومحسوبية من أجل الأعمال وأصعبها، فالمجتمع يحتاج إلى الدَّاعية المربّي، وهذا ما يسعى إليه الإخوان.

وأوضح إسماعيل أنَّ المجتمع يحتاج إلى إعادة تهيئة  بقدر كبير، وهذه التهيئة تحتاج إلى صبر ومصابرة لتحمّل آفات المجتمع الذي عمد النظام البائد على تربيتة على اللامبلاة منذ أكثر من 30عاماً، فليس عنده ثقة في أحد، ولا يريد المساهمة المادية في الإصلاح

وحول مشاركة الفصائل الوطنية في الإصلاح وفهم الرؤية الإسلامية للإصلاح، أكَّد أنَّ هذا الأمر يحتاج إلى جهد كبير لتغيير الصُّورة من خلال الضغط الإعلامي لتحسين الصورة الذهنية، كما تحتاج إلى تحرّك منظّم ومرتّب، وخاصة لأنَّ هنالك حملات شرسة ضد الإخوان قبيل الانتخابات، فلابد من إعادة الشكل الواضح للإسلام بوسطيته،  ومعرفة المجتمع لكل ما يقوم به الإخوان لنهضة هذا الوطن.

وأكَّد إسماعيل أنَّ الانفتاح ستكون الجماعة ومصر المستفيدين الأكبر منه، وذلك لتوصيل دعوة الإخوان لكلّ النَّاس بطريقة سلسة من غير تكلّف  كتنظيم علني لكل شرائح المجتمع؛ من طلاب ومهنيين وعمال وكلّ فصائل المجتمع المصري.
مطالباً الإخوان بضرورة الاهتمام بالفرد أخلاقياً ودعوياً، لأنَّ هؤلاء هم وقود نهضة الأمَّة، ولن تكون نهضة إلاَّ بالعودة إلى التربية الإسلامية والتنمية الذاتية للأفراد .

اقناع المجتمع يحتاج إلى معايشة ومخالطة


وأضاف محسن راضي القيادي بجماعة الإخوان المسلمين أنَّ انفتاح الإخوان على المجتمع كان شيئاً طبيعياً بعد ثورة 25 يناير، وأنَّ الانفتاح هو المعايشة والاحتكاك والمخالطة، مؤكّداً أنَّ المجتمع لن يرتقي إلا بالمخالطة لاكتساب وإكساب الخبرات والمهارات الأخلاقية والتربوية،  مؤكداً أنَّ الإسلام ليس ديناً نظرياًّ ، وإنَّما دينٌ واقعيٌّ.

وأوضح أنَّ طبيعة التطوير تعتمد على الاحتكاك المباشر وحقيقة الإسلام اعترفت بما يسمَّى بالعرف والعادات، وأقرَّها مادامت في دائرة المبادئ والركائز الأساسية للدّين  ((الحكمة ضالة المؤمن أنَّى وجدها فهو أحق النَّاس بها))، فالإسلام يأمر القادر المتعلم  إكساب الناس هذا العلم وهذه القيم، وان يأخذ بالتطوير والتجديد، فلا يأخذ عن نقص، إنّما يطوّر ويجدّد الوسائل.

وأكَّد راضي أنَّ الإسلام دين واقعي يتلاءم مع كافة القرون، والتعايش يحقق الصورة المثلى للإخوان في فهم للإسلام، لذلك نرى أنَّ الانفتاح سواء أكان من الإخوان أو غيرهم يحقق اندماجاً وتعايشاً حقيقياً، وبه تنهض كافة آليات الدعوة بمهمتها، وتتلائم مع طبيعة المجتمع الذي تعيش فيه، وسيظهر الصورة المثلى للمجتمع وللنمو الحضاري بدون تفريق  ((لا فرق لا عجمي ولا عربي إلاَّ بالتقوى)).

المجتمع يفتقر إلى التأهيل التَّربوي

وحول أثر الانفتاح عل المجتمع اوضح الدكتور سعد رياض أستاذ علم النفس التربوي أنَّ انفتاح  أي شخص على المجتمع له إيجابيات وسلبيات سواء أكانت أخلاقية أم اجتماعية أم سياسية، ولكن الاندماج بين أشخاص المجتمع يرجع إلى مدى تأثير كل فرد في الآخر، وإذا نظرنا في مجتمعنا نجد فيه العديد من العيوب في سمت الأشخاص،  فكلا يريد أن يثبت نفسه على حساب الآخر نتيجة لعدم تأهيل الأفراد تربوياً على الرغم من كون بعدهم على الدّين، ولكنَّه ينقصه الفهم الصَّحيح لهذا الدّين.

وأكَّد رياض على أهمية انفتاح الحركات الإسلامية على المجتمع لكى يعرض كل على النَّاس فكرته في ظل مناخ ملائم لنشر الرأي والرأي الآخر، ولن يأتي هذا إلاَّ بالاحتكاك بأكبر قدر بين الدّعاة والمجتمع،  مؤكّداً أنَّ القدرات النظرية غير القدرات العملية، لأنَّ الفرد حينما يكون غير مقيّد ويطلق الأفكار عكس ما يكون في إطار يحتّم عليه التنفيذ، وحينها تظهر سلبيات الانفتاح على البعض.
وأوضح رياض أنَّ جماعة الإخوان المسلمين من أكبر الحركات انفتاحاً على المجتمع في أشد ظروف محنها، ففيها من الأفراد من دفع ضريبة الانفتاح في الشدَّة، فمن المكسب له أن ينفتح في الرخاء، ولكن التخوف الحقيقي أن تأتي هذه الحرية بأشخاص غير مؤهلين تربوياً، كل يريد العمل لنفسه بأنانية له ولفكرته، ولكن من الطبيعي أن تجد شرائح مثل ذلك في كلِّ التنظيمات تعاني من اضطراب نفسي، لأنه إنسان له عيوبه ومحاسنه ، مؤكّداً أنه من المهم في مثل هذه الحالات أن يكون هنالك فصل بين هؤلاء الأشخاص وما يعانونه  من نقص تربوي وبين فكر الجماعة.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …