البكر أنثى، و الثانية أنثى، و الثالثة أنثى و كذا الرابعة، و جميعهن آية في الحسن و الخلق و العلم و الدين الأ أن أمهن عندما أنجبتهن الواحدة تلو الأخرى كانت دائما تسمع النساء يدعون لها "الله يعوض عليك" و كأنها مبتلاة أو أصابها مصاب أو منيت بخسارة أو حظ عاثر ينتظر حظا أوفر، و باركوا لها بالأولى، و الثانية على مضض، أما في الثالثة و الرابعة فلم يسأل عنها أحد لا بكلمة طيبة و لا بصحن حساء و لا بحبة حلوى، و بدأت الحماة تبث في أذن ابنها أن عليه أن يتزوج بأخرى لتنجب له الأولاد الذكور لجهلها أن الذكور و الإناث إنما يأتون من صلب الرجل
كان عندها أربع إناث، و في نظر المجتمع، و أقربهم زوجها، كانت لم تنجب بعد ما دام الولد الذكر لم يأت بعد، و كان لا بد من المتابعة السريعة التي ترهق صحة الأم و أعصابها و حياة الأسرة، فلا سعادة بالموجود و إنما انتظار دائم للمفقود! حتى البنات لا يشعرن بقيمتهن و لا بتقدير الأسرة لهن، و كأنهن مكسورات الجناح حتى يأتي الأخ الذكر الذي بعد أن يأتي يحتاج الى أخ آخر يؤنس وحدته، و هكذا لا تنتهي الحلقة المفرغة، و أبو البنات الذي أنجب البنات النجيبات يشعر أنه و العقيم سواء فلا أحد يشد ظهره و يحمل اسمه و يثبت فحولته و أنه "راجل من ظهر راجل"!
فقد وصل من رضى بعض الشعوب و الملل أن جعلوا المرأة إلها في خرافاتهم و أساطيرهم، و قد بلغ من سخط بعضهم في الجاهلية أن وأدوها و هي حية ترزق! ناسين و متناسين أن الأنثى أصل في الخليقة بدونها كانت الجنة حَزنا لآدم حتى خلق الله حواء من ذات نفسه
لقد جاء الإسلام ليعالج ها الشذوذ الفطري فجعل من يُمن المرأة على زوجها أن تبكر له بأنثى، فالأنثى في ركابها الرزق و العون و لقد جاء في الحديث الشريف" إذا ولدت الجارية بعث الله عز وجل إليها ملكا يزف البركة زفا ، يقول : ضعيفة خرجت من ضعيفة ، القيم عليها معان إلى يوم القيامة" و جعل تربية الإناث و الإحسان إليهن سترا من النار و بابا الى الجنة، و لقد وعى الصحابة هذا المُدخل الكريم و الفضل العميم فأصبحوا يساومون الرسول صلى الله عليه و سلم لما حدد في الحديث ثلاث إناث على الاثنتين و الواحدة حتى يضمن الواحد منهم أن لديه على الأقل ابنة واحدة من فضل الله يدخل بحسن تربيته لها الجنة
الأنثى التي جعلها سيدنا محمد أم أبيها، فاطمة الزهراء رضي الله عنها، و كانت له أحب البنات و عوضه الله بها و ذريتها عن البنين، و كان يقول هي مني و أنا منها أحب ما تحب و أكره ما تكره، و بشرها بأنها أول أهله لحوقا به الى الجنة حتى يطيب خاطرها المكلوم بوفاته صلى الله عليه و سلم ،هي ذاتها الأنثى التي نكسر خاطرها اليوم و نعتبرها من سقط المتاع فلا ننفق عليها في التعليم بدعوى أن مصيرها الى الزواج و المطبخ و البيت فماذا ستفعل بالشهادات؟! و نحرمها من الميراث، مع أن السنة قضت في التقسيم أن نفضلها في العطية، بدعوى أن لا تذهب أموالنا الى الغريب زوجها، و نعاملها كالخادمة في البيت لإخوانها الذكور لأن شغل البيت مسؤولية النساء فقط!!
الأنثى التي أكرمها الاسلام و نبي الاسلام هي ذاتها التي جاء عنها في الأثر "من فرح أنثى كان كمن بكى من خشية الله" و رجال اليوم يتسابقون أيهم يستطيع فرض عضلاته أكثر عليها!
نقل أحد الكتاب قصة حقيقية بعنوان "أبو البنات ينام متعشي" عن صديقين كان أحدهما لم ينجب الا ذكورا و الثاني لم ينجب الا إناثا، و أبو البنين كان يتفاخر أمام أبي البنات و يلمزه، فلما كبر الاثنان في العمر التقيا بعد فراق و كان أبو البنين في حالة يرثى لها بينما أبو البنات لا تظهر عليه معالم السن، فلما تحادثا أخبر ابو البنين أن أولاده تزوجوا و بقي وحيدا مع زوجته التي كبرت في العمر و لم تعد تستطيع القيام بأمور المنزل، و سأل أبو البنين أبا البنات عن سبب طيب حاله فأخبره أن بناته يتناوبن على خدمته و أمهن و رعايتهما من الألف الى الياء على مدار الأسبوع و قال له "أرأيت أبو البنات ينام متعشي"
أبو البنات لا "ينام متعشي فقط" إنه إذا أحسن التربية ينام و يقوم قرير العين دافىء القلب مطمئن النفس، فالحب و الحنان صنيعة المرأة، و بيت بلا إناث كجنة خاوية على عروشها
لقد فهم الصحابة و الصالحون أفضلية الإناث فحرصوا على إنجابهن فهل لدى رجال زماننا هذا ذات الحصافة و الكياسة و الحرص على إنجاب الإناث و اعتبار أن الذرية التي تخلو من الإناث ذرية بتراء حقا؟
إنهن المؤنسات الغاليات لو كانوا يعلمون!