" ابني الصغير الذي لم يتجاوز الخمس سنوات عصبي"
"الله يسترنا..هذا الولد عصبي وإذا عصّب بيكسر كل شي أمامه!!"
"الله يرضى عليكم لا تخلو يعصب، ترى إذا عصّب ما بيعود بيعرف مييين إمه!!"
تعد مشكلة عصبية الأطفال من أهم المشاكل التي تواجه الآباء في مراحل النمو المختلفة للطفل، وتتعالى الأصوات ما بين شاكٍ ومُسَلّمِ بالأمر الواقع تحت شعار: جينات ووراثة وغير ذلك من الأمور. ولكن أين تكمن الحقيقة؟
ما هي أسباب ظهور سلوك "العصبية" لدى الأبناء؟
1- الانفعال المتغيّر المصحوب بعصبية نتيجة التوتر النفسي، وخاصة إذا استثاره أحد أو استفزه، وتظهر هذه الأعراض في صورة حركات لا شعورية تلقائية غير إرادية؛ كقرض الأظافر، أو رمش العين، أو هزّ الكتف، أو مص الأصابع، أو عض الأقلام، أو حكّ فَروة الرَّأس... فهذه حركات عصبية لا إرادية مرجعها التوتر النفسي الشديد .
2- الجوّ المتوتر في الأسرة وشعور الطفل فيها بالحرمان من الدّفء العاطفي :
فالأسرة تؤثّر في شخصية الطفل تأثيراً كبيراً لأنَّه يتفاعل مع مجتمع الأسرة أكثر من تفاعله من مجتمع آخر، وخاصة في سنوات عمره الأولى .. فالجو السَّائد في الأسرة ينعكس على الطفل وعلى نفسيته وسلوكه .. ومنها شعوره بالبؤس والعزلة لحرمانه من الدّفء العاطفي، وعدم إشباع حاجته من الحب والحنان .. وهناك أسر يشعر فيها الطفل بأنَّها تقف دون تحقيق حاجته من اللَّعب أو الحركة والحريّة ..وهناك دراسات سايكولوجية تشير أنَّ الجو المحيط بالمنزل يتميّز عادة بالتوتر والعصبية والقلق ، وأنَّ أحد الوالدين أو كليهما يعاني من العصبية والتوتر ينعكس على عصبية الطفل، فالطفل يلاحظ سلوك من حوله وينقل سلوكياتهم ويقلّد انفعالات أفراد الأسرة .
3- النواحي الجسمية والوراثية : فقد ثبت علمياً أنَّ العوامل الجسمية لها تأثير فعلي في عدم استقرار الطفل، ومن هذه العوامل :
- اضطرابات الغدد : كالغدة الدَّرقية ، وسوء الهضم ، وأمراض التنفس والإصابة بالديدان ، فإن وُجد الطفل سليما من الامراض الجسمية تكون أسباب عصبيته نفسية، وأحياناً تكون مزدوجة؛ بمعنى أسباب صحية جسمية وأسباب نفسية اجتماعية في الوقت نفسه.
4- معاملة الطفل بقسوة أو الإسراف بترضيته وتدليله، وهذا التدليل ينمي في الطفل صفات الأنانية وحبّ الذَّات .
5- ذكاء الأطفال ومن ثمَّ كثرة أسئلتهم : فالطفل الذّكي يشعر أنَّ مستواه في التفكير يفوق أقرانه، فهو يدرك ويفهم كلّ ما يقال، فيشعر بالملل والضيق الذي يترجم إلى عصبية.
6- رغبة الطفل في تأكيد ذاته : وهذا دليل على تمتع الطفل بقدر كبير من الصّحة النفسية.
7- تقييد حركة الطفل ومنعه من اللعب ومزاولة ما يحب من نشاط .
8- إرغام الطفل على اتّباع نظم معينة في المعاملة وآداب الحديث والأكل .أقل الطرق نجاعةً في التَّعامل مع الثورات الانفعالية عند الطفل تكون بالصّراخ عليه وفقدان السيطرة أو الاستسلام بخنوع ليحصل الطفل على ما يريد
9- تدخل الآباء في حياة الطفل بصورة مستمرة وحرصهم الشَّديد على أن لا يصيبه شيء أثناء قيامه بنشاط ما .
10- تفضيل الأم لأحد أبنائها دون الآخر، فيؤدِّي بالطفل المهمل إلى اجتذاب انتباه الآخرين.
11- غياب أحد الوالدين أو كليهما وأثر ذلك على حياة الطفل الانفعالية، ويسوء نموه نتيجة ذلك أو يتوقف وقد يلجأ إلى العناد أو المشاكسة ونفوره من الآخرين ومخاوفه المتزايدة، وعدم اعتماده على ذاته، وربَّما عودته إلى البلل (التبول اللاإرادي)، وظهور الكلام الطفولي مرَّة أخرى، ومشاكل النوم والتغذية وغيرها
12- حالات الإحباط والتوتر والقلق التي تعتري الطفل؛ وتؤدِّي إلى العناد المستمر، فإحساس الطفل بعدم حبّ أمّه واهتمامها به يفقده راحته النفسية ويتجه إلى سلوك الرَّفض (رفض السلطة ، رفض الطعام ، والنوم ، ورفض الأم وفقدان الاهتمام بها ) وتبدو المظاهر من قلقل وصراخ دائم وعدم الاستقرار ، والاضطرابات التغذية والسّلوك السّلبي العدائي تجاه الوالدين .
13- عدم تهيئة الجو المناسب لنمو الطفل نمواً طبيعياً، ومعايشته للشجار والنزاع بين الوالدين فتؤثر في شخصيته .
14- عدم تمكين الأسرة من إعطاء الطفل الحب والحنان، وعدم توفيرها للرِّعاية الكافية للطفل نتيجة عدم فهم الوالدين لأسس التَّربية السليمة أو انشغالهما عن الطفل، أو فراقهما، أو عدم حبهما (رفضهما له ).
• طرق الوقاية :
1- السيطرة على الأعصاب عند الانفعال.
2- إشباع الحاجات الفسيولوجية للطفل.
3- قصر السَّيطرة على الطفل في المجالات الضَّرورية.
4- إعطاء تحذيرات مبكرة لتشجيع الطفل عن التَّعبير عن انزعاجه بطريقة مقبولة اجتماعياً .
• العلاج :
في الحقيقة لا توجد طريقة مثلى في التَّعامل مع العصبية والعناد والغضب، ومن المفيد الجمع بين أكثر من إجراء معاً كالجمع بين التجاهل والتَّعزيز .. لكن أقل الطرق نجاعةً في التَّعامل مع الثورات الانفعالية عند الطفل تكون بالصّراخ عليه وفقدان السيطرة أو الاستسلام بخنوع ليحصل الطفل على ما يريد .. أو بمجادلة الطفل مع الشعور بالانزعاج الشَّديد .. او استخدام العقاب البدني والتهديد القاسي، وفيما يلي أبرز نقاط العلاج :
1- استخدام أسلوب التَّجاهل : يكون تجاهلاً متعمّداً مع الابتعاد عن الطفل لكي يسترجع هدوءه وتتفادى تجريحه وإهانته، وتوصيل الرِّسالة إليه بطريقه إيجابية.
2- استخدام أسلوب المكافآت : لإعطاء حافز إيجابي للسّلوك الخالي من الغضب.
3- استخدام العقاب البسيط : بفرض عقوبة العزل لمدة (5-10د)
4- مزيداً من الإشراف والاهتمام بالطفل.
5- الحديث مع الذَّات بتدريب الطفل وتعويده على كيفية التحدّث مع نفسه للتخلّص من شعوره بالغضب، وتحمّل الإحباط والإهانة بقوله لنفسه أفكار مهدئة عن ضبط النّفس.
6- إمساك الطفل ومنعه من الحركة وإبعاده من المكان.
7- عدم الخضوع لتلبية طلب الطفل وتعليمه أنَّ تلبية المطالب لا تكون بهذا الأسلوب.
8- المحافظة على الهدوء بقدر الإمكان أثناء ثورة الغضب، وإشعار الطفل أنَّ من حقّه أن يغضب، ولكن ليس بهذا الأسلوب، وعليه تعديل سلوكه
9- أن يكون الآباء قدوة حسنة لأطفالهم، واستعمال الأساليب التي تتميّز بالهدوء والتعقل في مواجهة الأمور، وحلّها حلاً سلمياً .
10- على الآباء أن لا يذيقوا الطفل حلاوة الانتصار عليهم بتحقيق رغبته إذا انفجر في البكاء من أجلها، لأنَّ ذلك يشجّعه على الاستمرار بالأسلوب نفسه. الجو السَّائد في الأسرة ينعكس على الطفل وعلى نفسيته وسلوكه!!
11- لا يجوز الإكثار من التدخل في أعمال الطفل، أو تقييد حركته وإرغامه على الطَّاعة دون فهم أو اقناع
12- عدم النَّظر إلى الطفل على أنَّه عاجز تافه، والسخرية منه، أو تخويفه وتهدئته بعنف .
13- لا يجوز اغتصاب ممتلكات الأطفال، أو تخريب أدواتهم لا سيّما في ساعة الغضب.
14- عدم إثارة غضب الطفل بمنع امتياز معيّن، ثمَّ التنازل خوفاً منه أو عليه.
15- مساعدة الطفل قدر الإمكان في تحقيق رغباته المشروعة، وإشعاره بالرَّاحة النفسية والجسمية، وتحويل نشاطات الطفل إلى هوايات أو أشغال يدوية أو الرَّسم.
16- يجب أن يسود جوّ المنزل العطف والمودة التي تنعكس في تصرّفات الطفل واتزانه النفسي.
17- على الآباء أن يتريثوا، فلا يقابلوا غضباً بغضب.
18- إذا ظهر على الطفل ميل عام للمشاجرة، فيحسن دمجه مع أطفال يساوونه في القوَّة حتَّى يناضلهم ويناضلوه.
19- لا ينبغي الظهور بمظهر الضَّعف أمام الطفل أو القلق تجاه عصبيته.
20- عدم إجهاد الطفل بما لا يطيق، فيؤدِّي إلى إجهاد عصبي وإرهاق.