الشباب هم الدّماء المتجدِّدة التي تجرى في شريان الحركة الإسلامية منذ تأسيسها، وإن اختلفت الدَّعوات واختلطت الصَّيحات، فهم سبيل نجاح الحركات الإسلامية التي تعاملت معهم على أنَّهم كما قال الله عزَّ وجل {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى}. (الكهف:13).
وجماعة الإخوان المسلمين وهي جزء من الحركة الإسلامية التي نشأت على أيدي الشباب برؤية الإمام الشهيد حسن البنا، ذلك الرجل الذي وفَّقه الله لصناعة جيل يؤمن بشمولية الإسلام لكلِّ مناحي الحياة، وجماعة تولي للشباب منزلة خاصة، وتتعامل معهم على أنَّهم في كلِّ أمَّة عماد نهضتها، وفي كلِّ نهضة سرُّ قوتها.
وخلال المرحلة الماضية وخاصة منذ الثورة المصرية ونجاحها في إسقاط النظام البائد، والتي اندلعت شرارتها من قبل الشباب ومن بينهم شباب الحركة الإسلامية، وما قدَّموه خلال تلك المرحلة، بدأت تلوح في الأفق بعض الاتهامات حول عدم استخدام الشباب الاستخدام الأمثل، وإعطائه فرصة لأخذ زمام المباردة والقيادة، وهو ما يشعر به أيضاً بعض الشباب داخل الجماعة، فيما تنفيه الجماعة كلية، وتؤكِّد أنَّ الشباب هم عمادها، وأنهم يتبوؤن العديد من المناصب القيادية.
لجنة الشباب
من جانبه، أكَّد أحمد أبو زيد -أحد شباب الإخوان- أنَّ الجماعة ليس ضمن تشكيلاتها التنظيمية قسم أو لجنة تسمَّى بشباب الإخوان المسلمين، بل إنَّ الشباب يشارك بدور فاعل في كلِّ الأقسام فهم عماد الجماعة، والأكثر احتكاكاً بالمجتمع، وهم المنفّذ الحقيقي لأفكار وخطط الجماعة، بمعنى أنَّ أيَّ نجاح تحقّقه الجماعة هو نجاح مشترك بين القيادة والشباب.
أمَّا عن دور الشباب في اتخاذ القرار داخل الجماعة، أكَّد أبو زيد أنَّ الشباب ممثل بنسبة 40% ضمن تشكيلات المكاتب الإدارية، وتصل إلى 60% في تشكيلات الشعب والمناطق، مؤكِّداً أنَّ الجماعة من أولى الحركات التي اهتمت بكوادرها الطلابية، ووضعتهم على محك القيادة في تشكيلتها الإدارية.
وحول تمثيل الشباب في مكتب الإرشاد والأقسام المركزية، قال أبو زيد: إن الإخوان المسلمين هم أول جماعة بادرت إلى اختيار الشباب في أعلى أماكن التنظيم؛ مثل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، كما رشَّح الإخوان العريان نائباً وهو في سن الثلاثين.
وأوضح أبو زيد أنَّ السبب في عدم ظهور قيادات شبابية بشكل كافٍ منذ مرحلة التسعينيات هي الضربات الأمنية المتلاحقة التي حرص النظام البائد من خلالها على ضرب الجماعة في الأجيال الوسيطة ما جعل الجماعة تضع القيادات الوسيطة مسؤولي قطاعات جغرافية وأقسام وأعضاء لجان فنية.
وأكَّد أبو زيد على حاجة الجماعة لتأكيد على العنصر التربوي لصياغة قيادات شابة تدرك أبعاد المشروع النهضوي للإخوان، لأنَّ ضربات الأمن المتتالية صنعت فجوة بين فكر الشباب والشيوخ، لذلك لابد من مراجعة المشروع التربوي ليتحقق التلاقي بين أجيال الجماعة، بحيث يكسب الشيوخ شباب الجماعة الحكمة، ويعيد الشباب إلى الشيوخ الروح الوثابة والفكر الثائر.
وأكَّد أحمد عبد الرَّحمن أحد شباب الإخوان أنَّ الجماعة تقدِّم شبابها للمشاركة في كلِّ الأقسام، فهم يربونهم على الفكر الإسلامي الوسطي التنموي، وإن كان ذلك لا يمنع تغييب الشباب عن بعض مراكز اتخاذ القرار داخل الجماعة، ولكنَّه بدرجات متفاوتة، وفي النهاية فالإخوان يؤمنون بالشورى، وبالتالي وجود الشباب في مكان دون الآخر نابع عن شورى ملزمة للجميع.
وأوضح عبد الرَّحمن أنَّ الجماعة تعتمد على الشباب في الأقسام الفنية التنفيذية بنسب قد تكون الأكبر من دوائر اتخاذ القرار داخل الجماعة، ولكن في النهاية الإخوان بناء واحد وروح تسري في هذا المجتمع الحرّ لتأخذ بيده إلى النَّهضة والتقدّم والازدهار في المجالات كلها.
اتخاذ القرار
ومن ناحية أخرى، أكَّد محمَّد القصَّاص أحد شباب الإخوان وعضو ائتلاف شباب الثورة، وأحد قيادات حزب التيار المصري - تحت التأسيس- أنَّ الهيكل التنظيمي لجماعة الإخوان المسلمين ليس به تخصيص عمري، ودور الشباب ينحصر في الأقسام الفنية، وهي ليست صاحبة قرار داخل الجماعة، أمَّا مجالس الشورى والمكاتب الإدارية، فنسبة الشباب تحت سن 35 قليلة تتراوح مابين 10الى 20% في هذه الدوائر.
وأوضح القصَّاص أنَّ الشباب يقومون بالدَّور البارز في الأعمال الإقليمية في مجالس الشعب والمناطق، ومسؤوليتهم تنفيذية، فالجماعة تعتمد على الشباب في جميع الأعمال التنفيذية.
وأكَّد القصاص على أهمية إشراك الشباب في اتخاذ القرار، مثلما فعلت الجماعة في السبعينيات، وإلاَّ يكون هنالك نوع من التوقف داخل دماء الجماعة، فهذا التوقف هو الذي أعطى نوعاً من الجرأة لدى البعض، و بالتالي مطلوب نوع من التطوير، لأنَّ الجماعة في حاجة ماسة إلى تغيير لكي يزداد نشاطها وحركتها.
الحاقدون على الجماعة
من جهته، أكَّد الدكتور رشاد البيومي نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين أنَّ الجماعة لا تعرف هذه التقسيمات العمرية، فليس هنالك شباب وشيوخ، بل جميع أفراد الجماعة يعملون لدعوة الله، وإن اختلفت الوسائل {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}. (يوسف:108).
وأوضح البيومي أنَّه يرفض هذا التقسيم، وعدَّه من التسمم الذي يريد الحاقدون أن يسريه داخل الجماعة، مؤكِّداً أنَّه حين عرف الإخوان كان عمرة لا يتجاوز الثلاثة عشرة عاماً، وحينما ذهب مجاهداً في القناة كان عمرة لا يتجاوز ستة عشر عاماً، فالعبرة عندنا بالكفاءة والقدرة، وليس بأي شيء آخر، فاليوم جندي وغداً قائد، وفي النهاية أجيال تورث أجيال.