تجديد الأساليب التربوية.. علامة نجاح

الرئيسية » بصائر تربوية » تجديد الأساليب التربوية.. علامة نجاح
alt

هناك عوامل تساعد المربِّي على تحقيق أهدافه، وإنجاز ما يرمي إليه، وتوفر له الجهد والوقت، فكلّما تعّرف المربّي على الأسلوب الصَّحيح للدَّعوة كلَّما أثمرت جهوده، لذلك على المربّي أن يأخذ بالأسلوب العلمي في دراسة وتحليل المشاكل التربوية التي تواجهه، والرجوع إلى المتخصصين في هذا المجال.

والتربية الدَّعوية قد تطلب نوعين من العلم، النوع الأول: هو العلم الشرعي وهي المادة التي يريد الدَّاعية أن يبلغها للناس من عقيدة صحيحة وعبادة خالصة لله بالتعرّف على  فقه العبادات والمعاملات والأخلاق إلخ .....

النوع الثاني من العلم هو ما يختص بمعرفة طبيعة النفس الإنسانية كعلم النفس والاجتماع وغيرها من العلوم التي ترتبط بهذا المفهوم.

فالمربِّي أو الدَّاعية في كلِّ مجال من مجالات الدَّعوة والتبليغ في نطاق الكتابة والخطابة والتحدّث والنقاش والعمل الشعبي والنقابي والسياسي والطلابي بحاجة إلى الأسلوب الحسن الذي يصيب الهدف ويبلغ القصد.

عوامل نجاح الدَّاعية:
1-    الأسلوب الحسن، ولكي يتمتع الدَّاعية بالأسلوب الحسن لابد من:

أ-التعرّف على الوسط الذي سيعمل فيه؛ فمثلاً إذا كان الدَّاعية يعمل في وسط الفلاحين يجب أن يعرف مشاكلهم، لأنَّها محل اهتمامهم، وأوّل شيء يجب أن يصل إليه الداعية هو محل اهتمام الشخص، وليس المقصود هو المعرفة وفقط، ولكنَّ التفكير في حلِّ هذه المشاكل والمشاركة الفعَّالة التي تجعل للدَّاعية دوراً مهماً في الوسط الذي يعمل فيه،
التربية الدّعويّة تتطلب نوعين من العلم: العلم الشرعي وهي المادة التي يريد أن يبلغها للناس. والعلم بما يختص بمعرفة طبيعة النفس الإنسانية.فتصبح له مكانة في قلوب من يدعوهم ويجدون منه تجسيداً لمعنى من معاني الإسلام، فكما ورد في الصَّحيحين عن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى شيئا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)).
ثمَّ معرفة اتجاهاتهم؛ أي ما يحبون وما يكرهون، ومعرفة ميولهم أي استعدادهم وتقبلهم لشيء ما.

ب- لا يبدأ العلاج إلاَّ بعد أن تتوفر لديه إمكانيات التشخيص والمعالجة: فبعد أن يتعرَّف على المشاكل يبدأ بالتشخيص، فالدَّاعية مثل الطبيب تماماً؛ فمثلا لو جاء مريضٌ يشكو من ألم بطنه، هنا عرف الطبيب مكان الألم بعد ذلك يجري الطبيب فحوصاته ليتعرف على مصدر الألم، ثمَّ يشخِّص هذا الألم ناتج عن القولون أم المعدة أم المرارة .. ثمَّ بعد ذلك تأتي مرحلة العلاج وهكذا.. فإنَّ الدَّاعية يجب أن يتعرّف أولاً على مشاكل الناس، ثمَّ يتعرّف بعد ذلك على مصدر هذه المشاكل، ثمَّ بعد ذلك يقوم باستخدام العلاج المناسب.

ج- مخاطبة كلّ فئة بما يتناسب معها: فمثلاً يجب مخاطبة الفلاحين بما يناسبهم وبالأسلوب الذي يستطيعون فهمه، وهذا يتطلب فطنةً وذكاءً من الدَّاعية في طريقة توصيل المعلومة إلى كلِّ فئة من الفئات باستخدام الكلمات التي يستخدمونها والتمثيل بأشياء موجودة في بيئتهم، وهذا الكلام ينطبق أيضاً على باقي الطبقات من العمال والأطباء والمهندسين وغيرهم...

د- عرض أفكار الإسلام بأسلوب شيّق جذّاب: أفكار الإسلام هي هي لا تتغيَّر ولا تتبدَّل، والإسلام ثابت لا يتغيَّر، ولكن تتغير طرق بيانه عرضه على النَّاس بما يتناسب مع الزَّمان والمكان، والإسلام هي قضية رابحة تحتاج إلى محام ناجح. 
اللين له تأثير قويٌّ في النفوس، لأنَّ النفس تحبّ من يحسن إليها ويترفق بها في الكلام.
أمَّا أسلوب الشدَّة فينفر النَّاس منه حتَّى لو كان ما يقوله صحيحاً

2-    استخدام اللين في أسلوب الدَّعوة، لأنَّه:

أ‌-    توجيه ربّاني، قال سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}، (سورة النحل :125) فاللين له تأثير قويٌّ في النفوس، لأنَّ النفس تحبّ من يحسن إليها ويترفق بها في الكلام.

أمَّا أسلوب الشدَّة فينفر النَّاس منه حتَّى لو كان ما يقوله صحيحاً، فحتى تخاطب العقل يجب أن تعرف مفتاح النفس أولاً، حتَّى تدخل منها على العقل فتقنعه بما تريد هذه النفس مليئة بالعواطف والمشاعر التي إن أهملتها أو جرحتها لم تمكنك من مخاطبة العقل، وقد أمر الله تعالى ألاَّ نتخلّى عن هذا الأسلوب حتَّى مع من نجزم بأنَّهم طغاة جبارون لن يهتدوا ولن يسمعوا لنداء الحق، فقد أمر الله سيّدنا موسى وسيدنا هارون أن يتحدّثا إلى فرعون حديثاً ليّناً يعينه على أن يتذكَّر ويعود إلى عقله، لأنَّ فرعون سيطر عليه حبّ السلطان والتملك، وهذا الحب أغلق عقله، فلم يستمع لنداء العقل، قال الله تعالى: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولا لَهُ قَوْلا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}، (طه 43-44).

ب‌-     لأنَّه أسلوب يعطي نتائج جيدة {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }، (آل عمران:159).

3-    التجديد في أسلوب الدَّعوة: ويجب أن يكون التجديد في حدود ما يسمح به الإسلام أي دون الدخول إلى دائرة الشبهات أو المحرّمات، فكل عصر له لغته، لذلك يجب أن تستخدم الوسائل المشروعة لهذا العصر في إظهار الإسلام في أفضل صورة.

4-    إدراك الدَّاعية لما يريد: قدرة الدَّاعية على تصوّر ما يريد يمكّنه من إدراك الوسائل الصَّحيحة لبلوغ غايته، لذلك على الدَّاعية أن يتحرَّك وفقاً لأسلوب علمي مدروس بتحديد المشكلة أو الهدف، ثمَّ فرض الفروض، ثمَّ تجريب الفروض، ثم استخلاص النتائج وتدوينها.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …